< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/06/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / الإشکالات على كلام النائينيّ في المقدمة الرابعة

 

بينّا في الجلسة السابقة ثلاثة من الإشكالات الواردة على دعوى الميرزا النائينيّ في المقدمة الرابعة، والبقيّة نذكرها فيما يلي:

رابعاً: صحيح أنّ الخطاب في رتبة العلّة بالنسبة إلى الفعل، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون كذلك بالنسبة إلى الترك، إذ تقدّم أنّه لا يمكن للضدّين والنقيضين أن يكونا في رتبة واحدة، فالفعل والترك أيضاً ليسا في رتبة واحدة.

ومن المعلوم أنّ العلّة وإن كانت في رتبة سابقة على معلولها ولكنّها ليست مقدّمة في الرتبة على عدم معلولها، بل المقدّم على عدم المعلول هو عدم العلّة.

خامساً: صحيح أنّ الخطاب بالأهمّ يقتضي بنفسه الإتيان بالأهمّ وأنّ خطاب بالمهمّ ليس ناظراً إلى وضع مثل هذا التقدير أو رفعه لکون هذا التقدير مأخوذاً في موضوعه ولا يجوز للحكم أن يقتضي وجود موضوعه أو عدمه، والنتيجة ـ كما قال الميرزا النائيني ـ أنّ الخطاب بالأهمّ والخطاب بالمهمّ في رتبتين، فلا يتنزّل الخطاب بالأهمّ من مرتبته فيساوي رتبة الخطاب بالمهمّ، كما لا يرتقي الخطاب بالمهمّ فيساوي مرتبة الخطاب بالأهمّ، لكن كما تقدّم كراراً فهذا لا يرفع إشكال طلب الضدّين، إذ تقدّم أنّ إشكاله ليس إشكالاً رتبيّاً حتّى يرتفع بإيجاد الاختلاف في الرتبة بين الحكمين، وإنّما الإشكال في الزمان، بأنّ الضدّين لا يمكن إيجادهما في زمان واحد من قبل المكلّف وإن كانا في رتبة واحدة، وكما قال الميرزا النائينيّ في خاتمة كلامه، فالأمر بالأهمّ والأمر بالمهمّ وإن كانا في رتبتين ولكن ظرفهما الزمني واحد، فمحاولته لرفع الإشكال في هذه المقدمة لا جدوى منها.

والمثال لما إذا کان الخطابان في رتبتين ومع ذلك يوجبان طلب الضدّين كما لو قال المولى لعبده في خطاب: «يجب استقبال القبلة» وقال في آخر: «يجب استدبار القبلة بشرط وجوب استقبالها» ومن المعلوم أنّ الخطابين ليسا في رتبة واحدة، لأنّ الخطاب الأوّل مأخوذ في موضوع الثاني، ومع ذلك فنتيجتهما هو طلب الضدّين.

لا يقال: إنّ الأمر الترتّبي يختلف عن المثال الآنف، إذ المأخوذ في موضوع الخطاب المهمّ في الأمر الترتّبي هو ترك متعلّق خطاب الأهمّ وليس خطاب الأهمّ نفسه.

إذ الجواب أنّ المراد بيانه في المثال المذكور هو عدم رفع إشكال طلب الضدّين بمجرّد اختلاف رتبة الخطابين، ولا فرق من هذه الجهة بين المثال والأمر الترتّبي، إذ لو كان الخطاب الأهمّ قد سقط بترك متعلّقه، فقد انتفى موضوع التزاحم وهذا خروج عن البحث، وإن كان باقياً بعدُ فلا فرق بين الأمر الترتّبي والمثال المذكور.

المقدّمة الخامسة: والهدف من بيانها هو توضيح محلّ النزاع في بحث الترتّب.

قال الميرزا النائيني: إنّ الشرط الذي يترتّب عليه الخطاب، إمّا خارج عن اختيار المكلّف وإمّا أن يكون اختياريّاً له فيكون قابلاً للتصرّف الشرعي.

وفي القسم الثاني، إذا كان هناك خطابان، فإمّا أن يكون أحدهما ناظراً إلى إعدام موضوع الخطاب الآخر أو لا يكون کذلك.

وفي الفرض الأوّل فإمّا أن يوجب إعدام موضوع الخطاب الآخر بنفس وجوده أو بامتثاله.

الحالة الأُولى خارجة عن بحث الترتّب، لأنّ الفرض يكون فيما يتزاحم الخطابان، وبناءً على أنّ وجود أحد الخطابين يوجب انتفاء موضوع الخطاب الآخر فلا يوجد تزاحم.

وأمّا الحالة الثانية فهي التي يجري فيها بحث الترتّب، وعلينا أن نرى أنّ توجّه خطابين بهذه النسبة إلى المكلّف في آنٍ واحد هل يستلزم طلب الجمع بين متعلّقيهما أم لا؟[1]

فإنّ هذه المقدّمة كانت تبييناً لمحلّ البحث کما مرّ ولا يرد عليها إشكال.

استدلال الميرزا النائينيّ على إمكانيّة الأمر الترتّبيّ المبتني على المقدّمات الخمس

قال الميرزا النائيني في استدلاله علی إمکان الأمر الترتّبي: إنّ أدلّ دليل على إمكان الأمر الترتّبي وقوعه في الخطابات الشرعيّة، كما لو حرمت الإقامة للمسافر في مكان معيّن، وفي هذه الصورة التي يجب على المكلّف ترك الإقامة هناك، ولکن لو خالف تكليفه وأقام، فيجب عليه الصيام هناك.

ومن الواضح في هذا المثال أنّ الخطاب بترك الإقامة يهدم موضوع وجوب الصيام، ولكن على تقدير عصيانه فيجب عليه الصيام، علماً بأنّ هدم موضوع وجوب الصيام بخطاب ترك الإقامة إنّما هو إلى وقت الزوال، وإلا فبعد الزوال يجب إتمام الصيام، وإن كان هذا الخطاب بعد الزوال يهدم موضوع الخطاب بالتمام في الصلاة.[2]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo