< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / استحالة علّيّة الامتثال والعصيان لسقوط الأمر

 

ذهب المحقّق الاصفهانيّ إلى استحالة علّيّة الامتثال والعصيان لسقوط الأمر، لأنّ الأمر من أجزاء علّة وجود الشيء في الخارج ولا يعقل أن يكون وجود المعلول في الخارج علّةً لعدم علّته، وإلا لزم منه علّية الشيء لعدم نفسه. كما أنّ عدم المعلول أيضاً إذا تسبّب بسقوط الأمر حال ترتّب أثره، فتأثير العلّة متوقّف على عدم أثره، ويلزم منه توقّف تأثير العلّة على تأثيره.[1]

ولكن هذا الإشكال ـ كما أشار إليه المحقّق الاصفهاني أيضاً في حاشيته على تعليقته ـ ناتج عن الخلط بين العلّة الغائيّة والغاية، بمعنى أنّ ما يترتّب على فعل المكلّف فهو بوجوده الخارجيّ غايةٌ للأمر ومعلول له، وبوجوده العلميّ علّته الغائيّة. وبالنتيجة، فبوجود المعلول الخارجيّ وتحقّق العلّة الغائيّة أيضاً، فسقوط الأمر يكون من حيث عدم بقاء علّة غائيّة له، إذ يلزم من فرض بقاء العلّة الغائيّة عدم تحصيل الغرض على الرغم من امتثال الأمر. وبما أنّه لا يوجد بين المعلول بوجوده الخارجيّ والمعلول بوجوده العلميّ علاقة العلّيّة، فلا يمكن القول بأنّ المعلول بوجوده الخارجيّ أصبح علّة لعدم علّة نفسه.

وفي جانب العصيان أيضاً يكون سقوط الأمر بسبب أنّه مع عدم إمكان تحقّق المعلول بوجوده الخارجيّ، فينتفي المعلول بوجوده العلميّ، وبالنتيجة يسقط الأمر بسبب فقدان العلّة الغائيّة كالفرض السابق.

لكنّ التعبير الأدقّ هو أن نقول: إنّ الامتثال والعصيان يكشفان عن انتهاء أمد مقتضى الأمر وليسا علّة لسقوطه، ولذلك قال المحقّق الاصفهانيّ: «الأمر حيث إنّه بداعي انبعاث المكلّف، فلا محالة ينتهي أمد اقتضائه بوجود مقتضاه، لا أنّ مقتضاه بوجوده يُعدم مقتضيه.

وأمّا في طرف العصيان فمادام هناك للانبعاث عنه مجال يكون الأمر باقياً، ومع مضيّ مقدار من الزمان بحيث لا مجال بعدُ للانبعاث عنه، فلا محالة لا يبقى، لعدم بقاء علّته الموجبة له، لا لكون العصيان علّة عدمه.»[2]

وهذا لا يغيّر ما تقدّم سابقاً من عدم إمكان وحدة زمان الامتثال والعصيان.

ولكنّ السيّد الروحاني استفاد من كلام المحقّق الاصفهانيّ أمراً آخر وقال: من الممكن أن يوجد الأمر في زمن العصيان.

وقال في بيان هذه الدعوى: «إنّ سقوط الأمر بالعصيان المتحقق الذي لا يصدق ـ أعني العصيان المتحقّق ـ إلا بمضيّ آنٍ مّا عن زمان الامتثال، والأمر إنّما يثبت في الحال الذي يتحقّق فيه العصيان.

وتوضيح ذلك: أنّه في الآن الذي يتحقّق فيه العصيان والمخالفة، يكون الأمر ثابتاً وهو آن الامتثال، وبمضيّ آنٍ مّا على ذلك الحال وزمان الامتثال، يسقط الأمر لعدم إمكان امتثاله، فمثلاً في الآن الأوّل من النهار يكون الأمر بالإمساك ثابتاً، فإذا لم يمسك المكلّف ومضی ذلك الآن فقد مضى زمان الامتثال، فيسقط الأمر في الآن اللاحق لآن الامتثال.

فإن شئت قلت: المسقط للأمر هو مضيّ زمان الامتثال ولو آناً مّا، أو المسقط له هو العصيان المتحقّق، وقد عرفت عدم تحقّق هذا العنوان إلا بمضي آنٍ مّا من زمان الامتثال. فمن يقول بأنّ العصيان مسقط للأمر غرضه هذا المعنى، لا أنّه حال العصيان يسقط الأمر، فإنّ ذلك محال كما عرفت.

وعليه، ففي حال العصيان يكون الأمر بالأهمّ ثابتاً، فيجتمع مع الأمر بالمهمّ زماناً لثبوته في ذلك الحال أيضاً، وبعد مضيّ زمان العصيان والامتثال، يسقط الأمر بالأهمّ، فلا يكون زمان ثبوت الأمر بالمهمّ هو زمان سقوط الأمر بالأهمّ.»[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo