< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد / الضد العام / تماميّة إشكالات الخوئي علی مدعی النائيني

 

قال المحقّق العراقيّ في بيان عدم المطاردة في صورة تماميّة وجوب الواجب الأهمّ ونقصان وجوب الواجب المهمّ: «إنّ القدر الذي يقتضيه الأمر بالأهمّ من طرد المهمّ وإفنائه إنّما هو طرده بالقياس إلى الحدّ الذي يضاف عدمه إليه، لا مطلقاً حتّى بالنظر إلى بقيّة الحدود المضافة إلى مقدّماته وعدم سائر أضداده، لأنّه بالقياس إلى بقيّة حدوده الأُخر لا يكون مزاحماً مع الأهمّ حتّى يقتضي طرده وإفناءه. وحينئذٍ فإذا فرضنا خروج المهمّ بحدّه المضاف إلى عدم الأهمّ عن حيّز التكليف بالحفظ ولا يقتضي أمره الناقص إلا حفظه وسدّ باب عدمه بالقياس إلى بقيّة حدوده الأُخر غير المزاحمة للأهمّ، فلا جرم لا يبقى مجال المطاردة بين مقتضي الأمرين كي بالجمع بينهما يصدق بأنّ المولى أوقع المكلّف بأمره في ما لا يطاق، فصحّ حينئذٍ الالتزام بثبوت الأمر بالمهمّ في رتبة الأمر بالأهمّ.»[1]

ولكن يشكل كلامه من عدّة جهات:

فأوّلاً: ما ادّعاه في الحالة الأُولى من أنّ تقييد الطلب في كلّ من الأمرين بعدم الآخر اللاحق للأمر به، يستلزم تأخّر كلّ منهما عن الآخر برتبتين، فهو غير صحيح، إذ في الفرض الذي يبقى فيه وقت للإتيان بأحد الضدّين، فهذا الوقت يتحمّل الضدّ الثاني أيضاً، وببقاء الوقت للضدّ الثاني لا يتحقّق عصيان له.

وبعبارة أُخرى لا يمكن تقييد الوجوب بتحقّق عصيان الواجب الآخر، لأنّ كلا الواجبين في ظرف واحد، ويلزم من حصول قيد عصيان أحدهما عصيان الآخر أيضاً.

إذن ما يمكن تقييد الوجوب به هو قصد ترك الواجب الآخر بعد الأمر به، ومن المعلوم أنّ قصد العصيان ليس عصياناً، فلا يسقط الأمر به حتّى يلزم منه تأخّر كلّ أمر عن الآخر برتبتين، بل برتبه واحدة.

بل للآمر أن يقيّد طلبه بترك متعلّق الأمر الآخر لا بقصد عدم امتثاله حتّى لا يحصل تأخّر رتبيّ أيضاً. فمثلاً يمكنه القول: إنّ طلبي لـ (أ) مقيّد بعدم قصدك الإتيان بـ (ب)، وفي مثل هذه الصورة لا يوجد أيّ تأخّر رتبيّ بين الطلبين.

وثانياً: إنّ الإشكال الذي طرحه في الحالة الثانية من أنّه يلزم من تقييد كلّ واجب بعدم الآخر أن يتأخر كلّ من الواجبين عن الآخر، فإذا كان مراده من الواجب متعلّق الوجوب، فيشكل فيه أوّلاً: بأنّ هذا ـ بناء على القبول باستواء رتبة النقيضين ـ لا يؤدّي إلى تأخّر متعلّق أحد الواجبين عن متعلّق الواجب الآخر، بل يؤدّي إلى تأخّر أحد الخطابين عن متعلّق الخطاب الآخر ممّا لا إشكال فيه. وثانياً: إنّه مبنيّ على القبول بكون النقيضين في رتبة واحدة، بينما تقدّمت استحالة تساوي الرتبة بين النقيضين.

إذن لا يلزم من ذلك إلا تأخّر كلّ من الواجبين عن عدم الآخر وهذا خالٍ عن الإشكال.

ويؤيّده أنّنا نشهد أمثال هذه الأوامر في الأوامر العرفيّة أيضاً، كما لو قال المولى لعبده: «أطلب منك الدراسة في غير حال اللعب واللعب في غير حال الدراسة»، ولا يرد على أمثال هذه الأوامر إشكال.

وثالثاً: فما بيّنه في الحالة الثالثة مبنيّ على ما تقدّم منه في رفع الإشكال عن تعلّق الأوامر الضمنيّة بأجزاء المركّب، من إمكانيّة التحصيص بغير التقييد[2] . لكن كما تقدّم سابقاً فليس لذلك معنىً محصّل، لأنّ دلالة الأمر إمّا أن تكون بهيئته أو بمادّته، وما يؤدّي إلى نقصان هذه الدلالة بنحو يفهم منه المخاطب أنّ الأمر لا يقتضي النهي عن جميع أنواع التروك بل يقتضي لزوم حفظ وجود الواجب المهمّ من قبل سائر الجهات في ظرف يحفظ وجوده من قبل الواجب الأهمّ لعدمه الاتّفاقي، فإمّا أن يكون بواسطة مدخليّة القيد في هيئة الأمر وإمّا في مادته، وإلا لا يوجد ما يفيد مثل هذا المعنى بالأمر.

وبعبارة أُخرى فإذا لم يكن الوجوب أو الواجب مقيّداً في مرحلة الجعل، فلا وجه لنقصان الوجوب، سواء كان السبب وراء نقصان الوجوب أمر عقليّ أو شرعيّ.

فإن قيل: إنّ مراده الاختلاف بين الوجوب التامّ والناقص من حيث الاقتضاء للطلب، وبالنتيجة لا وجه لتقييدهما بالقيد.

فيجاب بأنّ الطلب أمر بسيط، وهو وإن كان يتحمّل الشدّة والضعف ولكن ليس له قسم تامّ وقسم ناقص، وإلا لزم التركيب. على أنّه في هذه الصورة يجب من حيث الدالّ أن يكون في الأمر شيء يدلّ على تماميّة الطلب أو نقصانه، لأنّ الهيئة لا تدلّ إلا على الطلب، لا تماميّته أو نقصانه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo