< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسألة الضد/الضد العام/ ثمرة مسألة الضدّ

قد مرّ مدّعی الشهيد الصدر في خصوص وجود الاقتضاء في مرحلة الحبّ والبغض، ولكنّه خارج عن المسألة، إذ نعرف بالوجدان أنّه كما تسبّب المفسدة استياءً فيتعلّق بها البغض، فكذلك تفويت المصلحة أو عدم النفع يتسبّب بالاستياء وهذا ممّا لا إشكال فيه، بل ربّما كان عدم النفع في بعض الموارد موجباً لاستياء أكثر من توجّه المفسدة نفسها، ولكن مجرّد البغض لا يكون ملاكاً لتعلّق النهي النفسي أو الغيري، بل ما يكون ملاكاً لتعلّقه هو المفسدة أو المصلحة التي توجب إيجاد حبّ أو بغض.

وبعبارة أخرى فالنهي الناشئ عن مفسدة يوجب وجودها البغض أيضاً، ولكن ليس كلّ بغض ـ ولو لم يكن ناشئاً عن وجود مفسدة ـ موجباً لتعلّق النهي.

ثمرة مسألة الضدّ

الأمران المتضادّان إمّا أن يكونا متساويين من حيث الملاك والمصلحة الموجودة فيهما أو يترجّح أحدهما على الآخر. ومن جهة أُخرى فإمّا أن يكون الوقت موسّعاً لكليهما أو مضيّقاً لكليهما أو مضيقاً لأحدهما وموسعاً للآخر، فهنا فروض متعدّدة:

1 ـ فلو وسع الوقت كليهما، لم يحصل تزاحم بينهما، سواء كانت المصلحة متساوية بينهما أو كان أحد الضدّين أهم، بل المكلّف مخيّر في الابتداء بأيّ منهما شاء والإتيان بالآخر في وقت لاحق، وفي هذه الصورة لا توجد ثمرة لمسألة اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه.

2 ـ إذا كان الوقت مضيّقاً لكليهما ولم يكن أحد الملاكين أهمّ من الآخر، فالمكلّف مخيّر في الإتيان بأيّ من الضدّين شاء، ولا ثمرة لمسألة الضدّ هاهنا أيضاً، إذ قد تعلّق الأمر التخييري بالقدر الجامع للضدّين فيمتثل بإتيان أيّهما.

إلا أنّ المحقّق العراقي رأى فرقاً بين الضدّين اللذين لا ثالث لهما وما كان له فرد ثالث، فقال: إذا لم يكن للضدّين فرد ثالث، فبما أنّ ترك أحدهما يلازم الإتيان بالآخر، فلا مناص من أن يؤتى بأحدهما فقط، وفي مثل هذه الحالة لا وجه لتعلّق أمر شرعيّ تخييري بهما، ولكن إذا كان للضدّين فرد ثالث ـ كإنقاذ غريقين ـ فينبغي وجود أمر تخييري شرعي ليمنع من ترك الاثنين معاً[1] .

لكن لا يمكن الالتزام بذلك، لأنّ هذه الدعوى إنّما تتمّ فيما إذا فرض سقوط الأمر الشرعي بكلّ من الواجبين بالتزاحم، ففي هذه الصورة يمكن القول بأنّ في الضدّين اللذين لهما ثالث حاجة لأمر شرعي يثبت عدم رضا المولى بترك الاثنين.

ولكن بما أنّ التزاحم لا ينتج عنه سقوط فعليّة الأمر بكلا الضدّين بل يحكم العقل ببقاء أحدهما على نحو التخيير، إذن فحتّى فيما يكون للضدّين فرد ثالث، لا يكون التخيير حكماً شرعيّاً وإنمّا عقليّاً، لأنّ العقل يحكم بالتخيير بين أمرين شرعيّين لا تخييراً بين امتثال الأمر وتركه كلاً. وسيأتي مزيد بيان لذلك في الفوائد التي سنذکرها في مقدّمة بحث الترتّب إن شاء الله.

3 ـ إذا كان الوقت مضيّقاً بالنسبة إلى أحد الضدّين وموسّعاً للآخر، فيجب على المكلّف امتثال الفرد المضيّق وقته أوّلاً وإن كان من حيث الملاك أقلّ مصلحة ـ كما لو وجبت إزالة النجاسة من المسجد وهناك وقت موسّع للصلاة ـ وفي هذه الصورة إذا كان المأمور به مهمّاً عباديّاً فتترتّب على مسألة اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه ثمرة، بمعنى أنّنا لو اعتبرنا الأمر بالشيء مقتضياً للنهي عن ضدّه الخاص، فالمأمور به المهمّ العباديّ يكون منهيّاً عنه في زمان الواجب الأهمّ ولا يمكن الإتيان به صحيحاً. وأمّا إذا كان الواجب المهمّ غير عباديّ، فلا ثمرة للمسألة هنا، إذ من المسلّم به من حيث ترتّب العقاب أنّه بترك الأهمّ لا يتوجّه للمكلّف سوى عقاب واحد، ولا يمكن الالتزام بأنّه إذا أتى بالمهمّ فسيعاقب ثانية من هذه الجهة أيضاً.

4 ـ إذا كان الوقت مضيّقاً لكلا الواجبين وكان أحدهما في الملاك والمصلحة أهمّ من الآخر، ففي صورة كون الواجب المهمّ عباديّاً ـ كالصلاة في وقت مضيّق ووجوب إنقاذ الغريق في نفس الوقت ـ تترتّب ثمرة على مسألة الضدّ أيضاً کالفرض السابق.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo