عنوان البحث: الطواف حكمه وشرائطه

 البحث في هذه السنة في الطواف، وقد كان البحث في السنة الدراسية السابقة عن تروك الإحرام، بقيت منها خمسة تروك لم نبحثها وهي: إخراج الدم، تقليم الإضافر، قلع الأسنان، قلع الأشجار والأعشاب في الحرم وحمل السلاح إلاّ في حال الضرورة. غير أن هذه التروك ليست من التروك الاساسية في الإحرام بل أن بعضها لا تعد من التروك وإن كان الاتيان بها مكروها مثل اخراج الدم، كما أن لبس السلاح خارج عن محط الابتلاء إلاّ للشرطة وهو جائز للضرورة وما تبقى منها فهي من مسائل السباق العلمي الذي يخوضه فضلاء الدرس.

 ***

 قال السيد الماتن في تحرير الوسيلة: القول فی الطواف: الطواف اول واجبات العمرة و هو عبارة عن سبعة اشواط حول الکعبة بتفصیل وشرائط آتیة وهو رکن یبطل العمرة بترکه عمدا الی وقت فوته سواء کان عالما بالحکم أو جاهلا ووقت فوته ما إذا ضاق الوقت عن اتیانه واتیان سائر اعمال العمرة و ادراك الوقوف بعرفات.

 ومن خلال ذلك يتبين أن الركن في الصلاة يختلف عن الركن في عمرة التمتع لأن ترك الركن في الصلاة مبطل لها سواء كان عن عمد أو سهو وأما العمرة فلا تبطل بترك الركن إلاّ إذا كان عن علم وعهد.

 نقطتان:

 قبل الخوض في البحث يلزم أن ننبه على نقطتين:

 النقطة الأولى: في الوقت الراهن تعالج أحكام الطواف في مباحث العمرة وهو الصحيح لأن الحج في حج التمتع يبدأ بالعمرة فيبتدئ البحث في الإحرام ثم يأتي البحث في الطواف، هذا في حين أن لفيفاً من الفقهاء يوكِّل البحث في الطواف إلى مباحث الحج. فمثلاً صاحب الشرائع لا يتطرق للطواف في مبحث العمرة اصلاً وإنما يعالجه في مباحث الحج بعد الإشارة إلى الوقوفات وأعمال منى. وقد اتبع صاحب الشرائع كل من شرح كتابه إلاّ أن الفقهاء في العصر الراهن قد عالجوا أحكام الطواف في عمرة التمتع.

 وما قام به المتأخرون في مباحث الحج هو الارجح لأن البحث في الحج أكثره في حج التمتع وحج الأغلب من الناس هو التمتع دون الأفراد والقران، إن حج التمتع يبتدئ بالعمرة ومن جملة أعمال العمرة الطواف.

 النقطة الثانية:

 يقول السيد الماتن: الطواف أول واجبات العمرة، وعندما نعد واجبات عمرة التمتع في المناسك نعدها كالآتي: الإحرام، الطواف، صلاة الطواف، السعي بين الصفا والمروة، والتقصير.

 وواجبات العمرة المفردة سبعة أشياء وهي الأعمال الخمسة زائداً إلى صلاة طواف النساء وركعتي صلاة الطواف.

 فكيف يكون الطواف أول الواجبات في حين أن الإحرام يسبقه؟!

 البعض حاول أن يبرر كلام السيد الماتن بأن الإحرام قد لا يكون واجباً كما في الحج الندبي حيث أن الإحرام مستحب وكذلك في العمرة المندوبة، وبعد أن يحرم يكون أول الواجبات هو الطواف.

 ولكن يلاحظ عليه:

 ان عبارة السيد الماتن مطلقة حيث يقول أن أول واجبات العمرة الطواف ولا يفرق بين الحج الندبي والعمرة المفردة المستحبة وغيرهما! ويمكن أن نعرض تبريراً آخر وهو أن أول الواجبات هو الإحرام ولكن أول النسك هو الطواف فإن النسك هو الاعمال الواجبة وأما الإحرام فهو مجموعة من التروك التي تقترن بالنية وشروطه بها وعليه أن أول النسك هو الطواف.

 وهناك روايتان تؤيد ما ذهبنا إليه:

 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى وَ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَادْخُلْهُ حَافِياً عَلَى السَّكِينَةِ وَ الْوَقَارِ وَ الْخُشُوعِ ... فَإِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَارْفَعْ يَدَيْكَ وَ اسْتَقْبِلِ الْبَيْتَ وَ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِي مَقَامِي هَذَا فِي أَوَّلِ مَنَاسِكِي .. [1] .

 فإن قوله (عليه السلام): ... أول مناسكي... يعني الطواف. وهو يكشف عن أن الطواف أووله (عليه السلام): ا اليه:ن أول النسك هو الطواف.جبة وأما الاحرام فرق بين الحج الندبي والعمرة المفردة المستحبة وغيرهما! ، ل المناسك وهو من الأمور الوجودية وأما الإحرام مجموعة من التروك وهي أمور عدمية.

 وفي المستدرك ـ عن المقنع [2] ، ورد مضمون الرواية السابقة في العبارة التالية: قل اللهم اني اسألك في مقامي هذا في أول مناسكي...

 طبعاً أن المقنع كتاب فتوى إلاّ أن الصدوق صاحب الكتاب في الغالب يفتي بنفس عبارة الرواية! وقد يمكن أن نعدها رواية مرسلة، ومن هنا نقول أن أول المناسك هو الطواف وهذا التبرير لكلام السيد الماتن أنسب!