46/05/07
يشترط في النائب أمور/فصل في النيابة /كتاب الحجّ
الموضوع: كتاب الحجّ/فصل في النيابة /يشترط في النائب أمور
نعم، لا تصحّ إجارة مَن كان عليه حجّ واجب لاستطاعته أو لنذره المضيّق مع تمكّنه من الحجّ الواجب؛ وذلك لعدم وجود أمر من الشارع بوجوب الوفاء بعقد الإجارة من البداية، فإنّ الأمر بوجوب وفاء هذا العقد (فِ بعقد الإجارة نتيجة دليل أوفوا بالعقود) لا يجتمع مع الأمر بوجوب الحجّ عن نفسه، فلا تصحّ الإجارة إذا كان عليه حجّ واجب حتّى بناء على صحّة الترتّب؛ لأنّ الترتّب إنّما يجري لو كان هناك أمران فعليّان على المكلّف بحيث يكون أحدهما مقيّداً بعصيان الآخر، والمقام ليس كذلك، فإنّ النائب لو كان مأموراً بالحجّ عن نفسه في هذه السنة فأمره بلزوم الوفاء بعقد الإجارة يستلزم الأمر بالضدّين.
بخلاف ما لو كان عليه حجّة الإسلام أو الحجّ المنذور في هذه السنة، ولكن عصى وحجّ استحباباً عن غيره تبرّعاً أو بأُجرة، فإنّ حجّه عن الغير صحيح؛ لأنّ الأمر الاستحبابي بالحجّ عن الغير ثابت على المكلّف من البداية قبل عقد الإجارة، فيصحّ الإتيان به بناء على صحّة الأمر الترتّبي، إذ يوجد هناك أمران فعليان على المكلّف ولا تضادّ بينهما إلّا من جهة أنّ المكلّف لا يتمكّن من امتثال الأمرين معاً في هذه السنة، فيقع التزاحم بينهما ويقدّم الأهم وهو حجّة الإسلام أو الحجّ المنذور، وعلى تقدير عصيانه يتفعّل الأمر بالمهم وهو الأمر الاستحبابي بالحجّ النيابي عن الغير فيصحّ الإتيان به.
نعم، لو حجّ عن غيره مع بطلان الإجارة فإنّه يستحقّ أُجرة المثل لا أُجرة المسمّى؛ لأنّ عمله صحيح ولو بالترتّب، وهو مأمور بإتيان العمل بأمر الغير وبطلبه فيستحقّ عليه الأجرة.
وقد قال المحقّق الخوئي (قده): إنّ هذه الإجارة باطلة ولا يمكن تصحيحها بالترتّب؛ لأنّ متعلّق الإجارة وهو الحجّ عن الميّت إذا كان مطلقاً فالحكم بصحّتها ووجوب الوفاء بها يستلزم الأمر بالضدّين، إذ المفروض أنّ الأمر بالحجّ عن نفسه متحقّق بالفعل فأمر الشارع بوجوب وفاء عقد الإجارة وإمضاؤه لهذا العقد )نتيجة دليل أوفوا بالعقود) يستلزم الأمر بالضدّين وهو محال، وأمّا إمضاؤه معلّق على ترك الحجّ عن نفسه فهو وإن كان ممكناً ولكنّه لم يُنشأ فلا تصحّ الإجارة، وإن كان متعلّق الإجارة معلّقاً على ترك الحجّ عن نفسه وقد أنشأه فيبطل عقد الإجارة للتعليق المجمع على بطلانه، وعليه فلا يستحقّ أُجرة المسمّى، ولكن لو جاء بالعمل مع أمر الغير وطلبه ولم يكن المأمور به متبرّعاً فإنّه يستحقّ أُجرة المثل بناء على القاعدة المعروفة: كلّ شيء يضمن بصحيحه يضمن بفاسده [1] .
ثمّ بناء على بطلان الحجّ النيابي إذا كان عليه حجّ واجب استناداً إلى أنّ الأمر بالحجّ الواجب عن نفسه لاستطاعته أو لنذره المضيّق يقتضي النهي عن ضدّه وهو الحجّ النيابي، فإنّه لا بدّ من تخصيصين لبطلان النيابة: الأوّل: أن يعلم بوجوب الحجّ عن نفسه ويكون علمه منجّزاً عليه، مع علمه بالتمكّن من أداء الحجّ الواجب عليه ثمّ يتركه عمداً، والثاني: أن يجهل بوجوب الحجّ عليه جهلاً غير معذور فيه، فإنّ الحجّ النيابي إنّما يبطل في هذين الموردين، وأمّا لو كان يجهل بوجوب الحجّ عن نفسه جهلاً معذوراً فيه كما لو كان بعيداً عن المسلمين في أطراف البلاد التي لم يكن فيها مسلمون ولم يبلغه الحكم بوجوب الحجّ عن نفسه فلا مانع من إتيان الحجّ النيابي؛ لأنّ المانع من الحجّ النيابي هو الأمر المنجّز بوجوب الحجّ عن نفسه، والمفروض عدم تنجّزه حينئذ.
ثمّ ذُكر شرط آخر في النائب وهو الشرط السابع، ولم يذكره صاحب العروة (قده)، وهو أن لا يكون النائب معذوراً في ترك بعض أعمال الحجّ وأفعاله، فلو كان معذوراً من الرمي أو كان غير قادر على الطواف بنفسه مثلاً فلا تصحّ نيابته.