< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/03/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

قلنا ان بعض علماء اهل السنة قالوا بان الشرط الجزائي على تاخير الديون جائز قياسا على العربون الذي ياخذه البائع اذا قرر المشتري عدم تنفيذ البيع، فالعربون والشرط الجزائي يشتركان في شيئ هو ان العربون يزيد منفعة يتوقع ان يحصل عليها البائع لانتظاره اختيار المشتري فاما يقرر تنفيذ البيع او يقرر عدم تنفيذه فزالت منفعة البائع في امر متوقع، كذالك المدين حينما يتاخر عن السداد فقد فوت على الدائن منفعة متوقعة او محققة فكما ان العربون يستحقه البائع عند فسخ المشتري للمعاملة كذلك الدائن يستحقة الشرط الجزائي عن المدين اذا تاخر عن السداد، قلنا لابد ان نبحث ان بيع العربون صحيح او باطل ،فذكرنا ادلة اهل السنة على بطلان العربون ورددناها باجمعها ثم جئنا الى المدرسة الامامية وذكرنا دليلا واحدا على بطلان العربون وهو عبارة عن تصوير للدليل الثاني الذي ذكرته المدرسة السنية وهو ان العربون ياخذه البائع عبارة عن اكل للمال بالباطل فهذا العربون الذي اخذه البائع هو اكل للمال بالباطل والاية القرانية تقول: (لاتاكلوا اموالكم بينكم بالباطل الاّ ان تكون تجارة عن تراض) فان المشتري لم يدفع العربون مجانا ولم يحصل على شيئ مقابل العربون فهو باطل ، هذا الدليل ذكره بعض علماء الامامية وهو عبارة عن تصوير للدليل الثاني الذي ذكرته المدرسة السنية ان العربون قد اخذ بغير عوض، لكن المدرسة الامامية طورت هذا الدليل بصورة اقوي بان هذا اكل للمال بالباطل واجبنا وقلنا ان هذا الدليل على بطلان العربون باطل لان العربون ليس بلا مقابل وليس باطلا عرفيا حتى تشمله الاية (لاتاكلوا اموالكم بينكم بالباطل) فالعربون ليس باطلا عرفيا وليس بلا مقابل بل هو في مقابل شيئ فلو قرر المشتري امضاء المعاملة فالعربون جزء المثمن واذا قرر المشتري فسخ المعاملة فالعربون في مقابل اعطاء حق الفسخ، اذاً العربون ليس بلا مقابل حتى يكون باطلا عرفيا بل العربون مدفوع في قبال الجامع بين كونه جزء من المبيع او جزء من الثمن او قبال حق الفسخ الى مدة معينة وقد اعطاه البائع للمشتري، فالدليل الذي يقول ان العربون هو اكل للمال بالباطل هو دليل باطل وغير صحيح فالعربون في مقابل شيئ وليس اكلا للمال بالباطل.

ادلة المدرسة الامامية على بطلان العربون

الدليل الاول: للمدرسة الامامية هو ان العربون اكل للمال بالباطل، ويرده:

اولاً: ماتقدم اولا من ان العربون ليس باطلا عرفا وليس بدون مقابل بل له مقابل وهو اعطاء حق الفسخ للمشتري.

ثانياً: التجارة عن تراض التي وردت في الاية لايراد منها خصوص المبادلة بين المالين بل التجارة عن تراض تشمل المبادلة بين المالين كالبيع مثلا وتشمل دفع العوض في قبال حق، فكما قال علمائا بجواز اخذ المال في مقابل اسقاط حق الشفعة او حق الخيار فكذا هنا نقول ا التجارة عن تراض تشمل المبادلة بين المالين وتشمل اخذ المال في قبال اعطاء حق او اسقاط حق والعربون هو اخذ المال في قبال اعطاء حق فهذا ليس باطلا.

وما نقوله من اخذ المال في قبال اعطاء او اسقاط الحق يختلف عن اخذ المال في قبال قول الضامن للمضمون (ضمنتك) فان هذا لم نقبله فيما تقدم وان قبلته مشهور المدرسة الامامية فلم نقبله باعتباره ليس من الاعمال التي تقابل بالمال بالاضافة الى انه عمل ارفاقي والعمل الارفاقي لايؤخذ في قباله مال، وهنا حينما نقول ان البائع له حق في اخذ المال قبال حق الخيار للمشتري فهذا ليس كما في الضمان لانه هنا قد اعطى خيار للمشتري وللمشتري ان يقلب المعاملة ويزيل ربح البائع بنقضه للمعاملة فالبائع عندما اعطى خيار فللمشتري ان يقلب الامر على البائع بالنسبة للمعاملة، بينما في الضمان عندما يقول للدائن ضمنت المدين فهو عمل لايقابل بالمال لانه لفظ خالي عن اي شيئ وهو عمل ارفاقي وليس عملا تجاريا، بخلاف ما نحن فيه فهو عمل صحيح ويستحق به الاجرة.

اذاً الدليل الذي ذكرته المدرسة الامامية من ان العربون هو اكل للمال بالباطل هو غير تام لان العربون ليس باطلا عرفا لان له مقابل، كما ان التجارة عن تراض تشمل اخذ المال في مقابل اسقاط الحق واعطاء الحق للمشتري، وهذا ليس كما تقدم في الضمان.

الدليل الثاني: قد يستدل لبطلان العربون في المدرسة الامامية برواية ابي البختري عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول لا يجوز بيع العربون الاّ ان يكون نقداً من الثمن) الباب ٢٨من احكام العقود الحديث١.

ولكن هذه الرواية واضحة الدلالة على عدم جواز اخذ العربون بعنوان عوض حق الفسخ، لكن الرواية غير تامة سندا ففيها ابي البختري المطعون فيه.

الدليل الثالث: قد يستدل في المدرسة الامامية على بطلان العربون بصحيحة الحلبي، قال: (سألت الامام الصادق (عليه السلام) عن رجل اشترى ثوبا ولم يشترط على صاحبه شيئاً فكرهه ثم ردّه على صاحبه فأبى ان يقيله الاّ بوضيعة، قال الامام (عليه السلام) لا يصلح له ان يأخذه بوضيعة فان جهل فأخذه بوضيعة فباعه البائع باكثر من ثمنه ردّ على صاحبه الأول مازاد) الباب ١٧من احكام العقود الحديث١.

فهي لا تصحح اخذ شيئ من الثمن ممن يطالب بالفسخ او شرط حق الفسخ بوضيعة، فاستدلوا بها على بطلان بيع العربون.

و هذا الاستدلال باطل، فكأن الامام (عليه السلام) يقول ان في هذا الكلام تناقض، فالرواية الصحيحة تقول ان الكلام ليس صحيحا لوجود تناقض بين قولك اقيلك مع الوضيعة من الثمن وهذا هو سبب عدم صحة الاقالة مع الوضيعة لان الاقالة تعني رجوع الثمن الى صاحبة والوضيعة تعني عدم الارجاع الى صاحبة فاشتراط الوضيعة خلاف مقتضى الاقالة، ولذا قال الفقهاء يصح بيع هذا الثوب على البائع باقل من ثمنه، وهذا واضح من ذيل الرواية لأن الاقالة بوضيعة باطلة.

ثم في الرواية عندما ساله هل يصح، قال (عليه السلام): (لا يصلح) ولم يقل حرام فلو قال العمل حرام فيكون الفسخ بوضيعة حرام اذاً الفسخ في مقابل الثمن ايضا حرام لان البائع عندما ياخذ مقابل الفسخ حرام فالبائع عندما ياخذ العربون فيكون ايضا حراما لعدم الفرق بين مورد الرواية والعربون، لكن الرواية لم تقل حرام بل قالت هو باطل وهذا لاجل كون الانشاء في الرواية فيه تناقض وغير مرتب فلذا قال باطل، وفي العربون لا تناقض ولا خلل فيه فهذه الرواية لاتكون دليلا على حرمة وبطلان العربون، فالبائع عندما قال اقيلك بوضيعة فانه تكلم بكلام فيه تناقض فهو باطل وهذه النكتة غير موجودة في بيع العربون وهذه الرواية وهي صحيحة الحلبي لم تحرم اخذ المال في مقابل الاقالة.

اذاً هذه الرواية ليست دليلاً على بطلان العربون فيبقى العربون ثمن حق الفسخ الذي اعطاه البائع الى المشتري بمدة معينة او بازاء الجامع بين كون العربون جزء المبيع او الانتظار مدة معلومة لمعرفة لزوم المعاملة او فسخها وهذ الرواية لم تحرم حتى ننتقل منها الى موردنا، فالمنع من الاقالة بوضيعة مربوط بالانشاء المتناقض فلا يجوز التعدي الى انشاء غير متناقض وهو مورد العربون، كما اذا قلنا:

اولا: قال المشهور يجوز اخذ الجعالة في مقابل الاقالة لانه لاتناقض في الانشاء.

ثانيا: جواز الشرط في قبال الاقالة، اذا اقلتني اعطيك دينار.

ثالثا: من فسخ يعطي للاخر مائة دينار.

لكن العربون هو فقط اعطاء حق الفسخ والخيار للمشتري فقط مع كون البائع لاخيار له. فهذه الرواية لاتدل على بطلان العربون، فكل الادلة التي ساقتها المدرسة الامامية والمدرسة السنية على بطلان العربون هي ادلة غير تامة وغير ناهضة.

ولابد من النظر في ادلة المجيزين للعربون.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo