< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/06/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: البراءة الشرعية
 تقدم لاعتراض الأول من كون هذه الأدلة (على البراءة) إنّما تشمل حالة الشك البدوي، ولا تشمل حالة الشك المقرون بعلم اجمالي... والفقيه حينما يلحظ الشبهات الحكمية ككل يوجد لديه علم اجمالي بوجود عدد كبير من التكاليف المنتشرة في تلك الشبهات، فلا يمكنه إجراء أصل البراءة في أيّ شبهة من الشبهات( [1] ).
 وتقدم الجواب عنه: بما حاصله «أنّ العلم الإجمالي المذكور وإن كان ثابتا ولكنه منحلّ( [2] )، لأن الفقيه من خلال استنباطه وتتبعه يتواجد لديه علم تفصيلي بعدد محدّد من التكاليف لا يقلّ عن العدد الذي كان يعلمه بالعلم الإجمالي في البداية ومن هنا يتحوّل علمه الإجمالي إلى علم تفصيلي بالتكليف في هذه المواقع وشك بدوي في التكليف في سائر المواقع الأُخرى»( [3] ). وحينئذٍ تجري البراءة في المشكوك البدوي


[1] ـ المصدر نفسه 1: 384.
[2] ـ أقول: هناك ثلاثة حالات في حصول العلم التفصيلي بعد حصول العلم الإجمالي: الأولى: ما إذا كان حصول العلم التفصيلي في مقام تعيين المعلوم بالإجمال، كما لو علمنا بالإجمال بموت ابن زيد وكان ابنه مردداً بين فردين، ثمّ عرفنا بالتفصيل من هو ابن زيد الذي مات، فهنا ينحلّ العلم الإجمالي بموت أحد أبناء زيد حقيقة، وكذلك إذا علمنا باحتراق أحد الكتابين ثمّ علمنا تفصيلاً بالكتاب الذي احترق منهما. الثانية: إذا أخت في المعلوم بالإجمال خصوصية زائدة لم توجد في المعلوم بالتفصيل فهنا يحتمل عدم انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل وهنا لا ينحّل العلم الإجمالي، كما إذا علمنا بموت أحد شخصين بإطلاق نار عليه، ثمّ علمنا تفصيلاً بموت أحدهما المعيّن، فهنا لا ينحلّ العلم الإجمالي، لأنّ المعلوم بالإجمال لا ينطبق على المعلوم بالتفصيل جزماً، بل يكون عندنا علمان والثاني غير الأوّل، فلاحظ. الثالثة: لو فرضنا أنّ العلم الإجمالي قد حصل بموت أحد الشخصين من دوت خصوصية في موته «كما في الحالة الثانية» ثمّ علمنا تفصيلاً بموت أحد معيّن منهما من دون أن يكون العلم التفصيلي ناظراً إلى تعيين المعلوم بالإجمال، فهنا هل ينحل العلم الإجمالي؟ الصحيح انحلال العلم الإجمالي انحلالاً حقيقيّاً تبعاً للميرزا النائيني وخلافاً للمحقّق العراقي وذلك: 1ـ للوجدان القائل بالانحلال. 2ـ لأنّ أركان العلم الإجمالي هما شيئان: أ ـ أنّ العلم الإجمالي متعلّق بالجامع بخلاف العلم التفصيلي المتعلّق بالفرد. ب ـ احتمال انطباق المعلوم بالإجمال على كلّ واحد من أطراف العلم الإجمالي. وعند علمنا باحتراق أحد الكتابين «كالهندسة أو التاريخ» ثمّ علمنا باحتراق كتاب التاريخ لا الهندسة، فقد انهدم الكن الثاني من أركان العلم الإجمالي وهو «ب» وصار عندنا علم تفصيلي لاحتراق كتاب التاريخ وشكّ بدوي باحتراق كتاب الهندسة. 3ـ أو نقول: عند حصول العلم الإجمالي يحصل تردد في النفس وتتشكّل قضية منفصلة تقول: إمّا أن يكون المحترق هو كتاب التاريخ أو كتاب الهندسة وعند مجيء العلم التفصيلي باحتراق كتاب التاريخ فقد زالت هذه القضية المنفصلة «أي زال التردد النفسي» أي زال العلم الإجمالي، فقد علمنا باحتراق كتاب التاريخ قطعاً وصار عندنا شكّ في باحتراق كتاب الهندسة. 4ـ أو نقول: إذا جاء العلم الإجمالي فقد حصلت عندنا قضية شرطية تقول إذا كان المحترق كتاب التاريخ فليس كتاب الهندسة محترقاً وإذا كان المحترق كتاب الهندسة فليس كتاب التاريخ محترقاً. وهذه القضية الشرطية لا تكون صحيحة إذا علمنا باحتراق كتاب التاريخ جزماً فلا يصحّ أن يقال: إذا احترق كتاب التاريخ فليس كتاب الهندسة محترقاً وإذا احترق كتاب الهندسة فليس كتاب التاريخ محترقاً، بل يحصل لنا علم باحتراق كتاب التاريخ وشكّ باحتراق كتاب الهندسة. وخلاصة كلّ ما تقدم هو: أنّ نكتة الانحلال الحقيقي هو ان الجامع المعلوم بالإجمال لا يأبى أن ينطبق على المعلوم بالتفصيل بنحو الجزم، أو لنقل: إنّ العلم الإجمالي يزول بحصول العلم التفصيلي. وهنا نقول: إنّ ما نحن فيه أيضاً كذلك لأنّ العلم الإجمالي بوجود أحكام شرعية في جميع الشبهات قد انحل بإثبات أحكام شرعية حصلنا عليها من الإمارات المعتبرة هي بقدر الأحكام الشرعية المعلومة إجمالاً في دائرة الشبهات والشكوك، فهنا يكون العلم الإجمالي منطبقاً على العلم التفصيلي، فيزول ذلك العلم الإجمالي بالتفصيلي.
[3] ـ المصدر نفسه 1: 384.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo