< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: قاعدة: حجيّة الخبر المتواتر
 ب ـ التواتر لفظاً ومضموناً
 1 ـ قال في بلغة الفقيه وفي صدد بيان حجيّة خبر الواحد «... وكذلك لورود السنّة النبوية عملاً وقولاً في ذلك: فمن العملية: ما تواتر نقله من أنفاذ رسول الله () أُمراءه وقضاته ورُسُله وسعاته إلى الأطراف ـ وهم آحاد ـ لقبض الصدقات وحلّ العهود وتقريرها وتبليغ الأحكام وذلك يدلّ بالملازمة على حجيّة أقوالهم ووجوب الأخذ منهم.
 ومن القوليّة: روايات متواترة لفظاً ومضموناً استعرضتها عامة كتب الأُصول [1] ، وقد ذكرت منها طوائف كثيرة، منها ما ورد في مقام الترجيح بين الخبرين المتعارضين بالاعدل والأشهر والأصدق، والقول بالتخيير عند التساوي، منها: ما ورد في إرجاع آحاد الرواة إلى آحاد الأصحاب والأئمة ()، ومنها: ما دلّ على وجوب الرجوع إلى الرواة الثقات والعلماء، ومنها: ما دلّ على الترغيب في كتابة الروايات وحفظها وبثّها، ومنها : ما دلّ على ذمّ الكذب والتحذير من الكذابين والوضّاعين، ومنها: ما ورد في تسويغ الرجوع إلى أمثال كتب الشلمغاني وبني فضّال ونحوهم من المنحرفين في الرأي، الصدوقين في النقل إلى غير ذلك من طوائف الروايات التي يستفاد من مجموعها رضى الأئمة، بل رغبتهم بالعمل بالخبر الواحد وأن لم يفد القطع...»( [2] ).
 وفيها ما دلّ على انتفاع السامع بالرواية قد يكون أكثر من الراوي كما في الروايات: «فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه»، و«ربّ حامل فقه ليس بفقيه»
 ومنها ما دلّ على ثبوت نبوة من يحمل رسالة الدين من العدول في كلّ ظرف أو زمان يدافعون عن تأويلات المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين.
 ومنها ما دلّ على حجية ثقات الإمام كما في رواية «لا عذر لأحد من موالينا فيما يرويه عنّا ثقاتنا».
 ومنها ما دلّ على المنع من إعمال الرأي في رفض الرواية.
 ومنها ما دلّ على الأخذ بمخالفة العامة عند التعارض وأمثال ذلك.
 أقول: إنّ هذه الطوائف الكثيرة وإن كانت كلّ طائفة تدلّ على شيء معيّن إلّا أنّه توجد هنا نقطة مشتركة وهي حجية خبر الواحد الثقة في الواقع، وبعيد جدّا أن تتحدّث كلّ طائفة عن نكتة مباينة للأخرى في الخبر من دون وجود نكتة مشتركة.
 2 ـ قال في كشف الغطاء: في صدد بيان أن الواجب على كافة البشر معرفة من عاصرهم أو تقدمهم من الأئمة الاثنى عشر «ومتى وجب وجود الإمام في وقت لزم استمراره مدى الإيام لأن علّة وجوبه في الابتداء مستمرة على الدوام، قال: «ويكفي في اثبات الأبديّة ما تواتر من الجانبين من السنّة المحمدية أن من مات ولم يعرف أمام زمانه مات ميتة جاهلية، وما تواتر نقله من الطرفين على كون كتاب الله وعترة نبيه مقترنين حتى يردا على النبي () ويصلا إليه ويشهدا على تمام الأمة بين يديه...»( [3] ).
 ج ـ التواتر الإجمالي
 قال في الحدائق الناظرة: «ومن ذلك ما صرح به المحقق الشيخ حسن ابن شيخنا الشهيد الثاني حيث قال في بحث الاجازة من المعالم ما صورته «إن أثر الاجازة بالنسبة إلى العمل إنّما يظهر حيث لا يكون متعلقها معلوماً بالتواتر ونحوه ككتب أخبارنا، فإنها متواترة إجمالاً والعلم بصحة مضامينها تفصيلاً من قرائن الأحوال ولا مدخل للاجازة فيه غالباً»( [4] ).
 وقال السيد الخوئي(قده) في مقام تقريب الاستدلال على عدم حجية خبر الواحد من قبل القوم فذكر قولهم وهو: «الروايات الناهية عن العمل بغير العلم هي كثيرة متواترة إجمالاً وفي جملة منها المنع عن العمل بالخبر إذ لم يكن عليه شاهد أو شاهدان من كتاب الله أو سنة نبيه، والأمر بطرح ما خالف الكتاب» [5] - [6] .
 نصّ القاعدة: حجيّة الخبر الواحد
 الألفاظ الأخرى للقاعدة:
 حجيّة الخبر
 حجيّة الاخبار
 حجيّة خبر الثقة
 حجيّة خبر العادل
 توضيح القاعدة:
 أقول:
 1ـ إنّ العلم الضروري بالأحكام الشرعية حاصل في بعض الأحكام الكلية كوجوب الصلاة والصوم والحج وأمثال ذلك.
 2ـ الأخبار المقطوع بصدورها لتواترها أو للقرائن القطعية قليلة جدّاً.
 3ـ أمّا أكثر الأحكام فهي تثبت بخبر الواحد، فالبحث عن حجيّته هو من أهم المسائل الأصولية، وأصولية هذه المسألة بديهية بعد أن لم نقبل أنّ موضوع علم الأصول هو الأدلة الأربعة لعدم دليل على ذلك، بل نقول إنّ موضوع علم الأصول هو كلّ مسألة لها دخل في استنباط الحكم الشرعي سواء كانت من الأدلة الأربعة أم لم تكن منها.
 نعم تصدّى الشيخ الأنصاري لبيان أنّ البحث عن حجية الخبر الواحد هو عبارة عن البحث عن ثبوت السنة به، وحينئذٍ سيكون البحث عن حجية الخبر بحثاً عن عوارض السنة وذلك فإنّ العمل بالأخبار يتوقّف على أمرور ثلاثة:
 1ـ ثبوت الظهور من الرواية وحجيّة الظهور وقد تقدّم.
 2ـ إثبات أنّ صدور الرواية هو لبيان المراد الواقعي ولم تصدر تقية أو هزلاً أو تهديداً أو غير ذلك من الصوارف عن المراد الواقعي.
 3ـ إثبات أصل الصدور، وهذا الأمر تكفّلت عنه مسألة البحث عن حجية الخبر، وهي عبارة عن البحث عن ثبوت السنة «قول المعصوم أو فعله أو تقريره» بخبر الثقة أو خبر العادل أو لا؟
 وفيه: أنّه لا معنى لثبوت السنة بخبر الثقة أو العادل إنّ أردنا الثبوت الواقعي «الخارجي» لأنّ الخبر في الحقيقة هو حاك عن السنة فكيف يكون من أسباب تحقّقها؟
 وإذا أردنا كون الخبر الصادر من الثقة أو من العادل يجعلنا نصدّق بالسنة ذهناً وإن لم تثبت السنة خارجاً فهذا ايضاً باطل لكون الخبر إنّما يجعلنا نصدّق بالسنة ذهناً وإن لم تثبت خارجاً فيما لو كان قطعيّاً وخبر الواحد لا يفيد القطع.
 وإن أردنا أنّ خبر الثقة أو العادل إنّما يثبت السنة تعبداً فإنّ هذا معناه وجوب العمل بما دلّ على عليه خبر الواحد كالسنة وهذا يكون من عوارض الخبر لا عوارض السنة.
 أقول: لا داعي إلى هذا الكلام أصلاً إنقاضاً وإثباتاً، لأنّه مبني على أنّ موضوع علم الأصول هو الأدلة الأربعة وهو ممّا لا دليل عليه، بل غنّ موضوعه هو كلّ مسألة تكون دخيلة في استنباط الحكم الشرعي، ولا إشكال ولا ريب في كون البحث عن حجية خبر الثقة او العادل ممّا يتوقّف عليه استنباط الحكم الشرعي فلاحظ.
 بل نقول: إنّ عدم انطباق موضوع علم الأصول الذي قالوه على هذه المسألة هو الكاشف عن أنّ الموضوع الذي قالوه ليس بموضوع.
 4ـ على هذه المسألة يترتب انفتاح باب العلمي وانسداده، فإنّ قلنا بعد الحجية بعد انسداد باب العلم فقد انسدّ باب العلمي وإن قلما بحجية خبر الثقة أو العادل فقد انفتح باب العلمي، وعلى هذه المسألة أيضاً يتوقّف الاجتهاد في معرفة الإمارات والأصول العملية فلاحظ.
 


[1] المراد منها كتب أصول الحديث لا كتب أصول الفقه.
[2] ـ ج3: 63.
[3] ـ ج1: 65.
[4] ـ ج1: 19.
[5] وسائل الشيعة 18: باب 9 من أبواب صفات القاضي.
[6] دراسات في علم الأصول3: 153.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo