< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: قاعدة: حجيّة الظواهر
 تقدم السؤال عن كيفية إحراز هذا الظهور الموضوعي لأن ما بيد كل انسان وجدانا هو الظهور الذاتي الذي ليس موضوعاً لحجيّة الظهور؟
 والجواب: يمكن احرازه بالوجدان وبالتحليل وذلك بالتبادر أي بملاحظة ما ينسبق من اللفظ إلى الذهن من قبل اشخاص متعددين تختلف ظروفهم الشخصية بحيث يطمئن أن ذلك الانسباق إلى المعنى الواحد من اللفظ عند الجميع يكون بنكتة مشتركة وهي قوانين المحاورة العامة لا لقرائن شخصية حيث انهم مختلفون في ملابساتهم الشخصية.
 فإنّ التبادر له قرينتان: الأولى: وهي الوضع والثانية: وهي القرينة الشخصية، فإذا انتفى الثاني ينحصر الأمر بالأول، وكشف التبادر عن الوضع كشف المعلول عن علته، فما حصل بالتبادر هو العلم التفصيلي بالوضع والتبادر توقّف على العلم الإجمالي الارتكازي الموجود حاق النفس التي لم تلتفت النفس إليه والذي نشأ من التعايش في وسط ابناء تلك اللغة وقت الطفولة وما بعدها بعيداً عن تصور الوضع وعلمه به، فالذي يحصل بهذا التبادر هو العلم التفصيلي بالوضع أمّا نفس التبادر فهو ليس متوقفاً على العلم بالوضع حتّى يأتي إشكال الدور، بل هو ناشئ من تعايشه الطفولي في وسط أبناء اللغة فلا دور أصلاً.
 أو نقول: إنّ التبادر هنا عند العالم يكون علامة لدى الجاهل بالمعنى.
 3 ـ ثم قد يتساءل عن أن الظهور الموضوعي الحجة هل هو المعاصر لزمن صدور الكلام، أو لزمان وصوله الينا؟ كما في النصوص الشرعية بالنسبة الينا فإن الظهور قد يتغيّر وإن كان التغير بطيئاً جداً لتأثرها بطريقة الحياة الاجتماعية المتغيرة.
 والجواب: إن موضوع الحجيّة هو الظهور الموضوعي في زمن صدور [1]
  [2] النصّ لأن اصالة الظهور هي أصل عقلائي مبني على تحكيم ظاهر حال المتكلم في الكشف عن مرامه، وهذا يقتضي الجري على اساليب العرف واللغة المعاصرة لزمان المتكلم بالنصّ، لا التي تنشأ بعد ذلك بزمان طويل، لذا نقول في حديث صم للرؤية وافطر للرؤية أنه ظاهر في الرؤية المجردة «غير المسلحة» أو أن الحديث منصرف إلى ذلك في ذلك الزمان، وكذا نقول بالنسبة لتطهير موضع النجاسة حينما قال الشارع: اغسله أو أزله، فظاهر اغسله حين صدور النص هو غسله بالماء لا بالمطهرات كما في زماننا.
 4 ـ وحينئذٍ سوف نتساءل: أننا كيف نحرز الظهور الموضوعي في زمن النصّ، فإن المقدور لنا هو احراز الظهور الموضوعي في ازمنتنا لا أكثر، وهذا ليس موضوعاً للحجيّة فما هو العمل؟
 والجواب: نثبت الظهور ونحرزه بأصالة عدم النقل عند مشهور الأصوليين أو بأصالة الثبات في اللغة عند السيد الشهيد الصدر وتوضيح ذلك: أنّه قد عالج الأصوليون هذه النقطة باجراء أصالة عدم النقل في اللغة وهو أصل عقلائي ينقّح موضوع أصالة الظهور ومن ثمّ يتمسّك بها، وسموه بالاستصحاب القهقرائي لكون المشكوك متقدم على المتيقن زماناً، ودليل هذا الأصل هو السيرة العقلائية حيث يرتّب العقلاء آثار الوصيّة والوقف ونحوهما على النصوص والوثائق القديمة في الأوقاف والوصايا طبق ما يفهمه المتولي في عصره ولو كان بعيداً عن عصر الوقف، كما أن أصحاب الأئمة كانوا يعملون بظواهر نصوص القرآن والسنّة وفق ما يستظهرونه في عرفهم وزمانهم مع أن الفاصل بينهم وبينها ما يقارب ثلاثة قرون وكانت فترة مليئة بالحوادث والمتغيرات( [3] ).
 وهذا البناء من قبل العقلاء يشكّل خطراً على أغراض الشارع، وحينئذ سيكون عدم الردع عنه دليلاً على إمضائه، فإنّ الأئمّة (عليهم السلام) لم يردعوا لم يردعوا المتشرعة الذين يعملون بظواهر النصوص «زمن وصول النصّ» المأثورة عن رسول الله(ص)والإمام علي(ع) والزهراء(س)، مع أنّ الفاصل بين زمان صدور النصّ وزمان متشرعة زمان الإمام الهادي والإمام العسكري(عليهما السلام) طويل، هي فترة متطورة من النواحي الاجتماعية والفكرية والمادية وعامرة بالعلوم المختلفة فهي فترة متحركة وليست راكدة فعند الشك في تغيير المعنى زمن الوصول عن زمن الصدور يكون البناء على عدم تغيير الظهور، وهو معنى أصالة عدم النقل في اللغة.


[1] ليس المراد من زمن النص هو المقطع الزمني التي تكون اللغة ثابتة فيه نسبياً، ولا زمان صدور الوحي بأن يكون ظهور النص حجّة لمن كان حيّاً في خصوص زمان صدور النصّ، بل المراد من زمن صدور النصّ المقطع الزمني الذي لا يؤثّر فيه مرور الزمان تأثيراً ملحوظاً في تغيير اللغة، فإنّ اللغة لها ثبات نسبيّ في مقدار من الزمن.
[2] ثمّ إنّ هذا الكلام ليس هو تفصيلا في حجية الظهور في قبال حجية الظهور على الإطلاق، بل هو توضيح للمبنى في حجية الظهور.
[3] ـ راجع بحوث في علم الأُصول4 : 291 ـ 294.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo