< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/02/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: قاعدة: السيرة العقلائية ـ السيرة المتشرعية
 التطبيقات:
 أـ تطبيقات لكون السيرة قائمة ودالّة على الحكم الشرعي الظاهري المذكور في كتب الأُصول:
 1ـ قال في الأُصول العامة للفقه المقارن: «إنّ صدور العمل من العقلاء جميعاً على الأخذ بظواهر الكلام وعدم التقيّد بالنصوص القطعيّة منه، على نحو يحمّل بعضهم بعضاً لوازم ظاهر كلامه ويحتجّ به عليه»( [1] ).
 2 ـ قال المحقق الخراساني (): «استقرار سيرة العقلاء من ذوي الأديان وغيرهم على العمل بخبر الثقة واستمرت إلى زماننا»( [2] ).
 3 ـ وقال النائيني () : «واما طريقة العقلاء فهي عمدة أدلة الباب بحيث لو فرض انه كان سبيل إلى المناقشة في بقيّة الأدلة فلا سبيل إلى المناقشة في الطريقة العقلائية القائمة على الاعتماد على خبر الثقة، والاشكال عليه في محاوراتهم»( [3] ). وقال السيد الخوئي (قده): «استقرت سيرة العقلاء بما هم عقلاء على العمل بأخبار الآحاد من حيث أنّها أخبار أحاد «الثقات» من صدر الإسلام إلى زماننا، وقد عاصروا الأئمّة وقد سمعوا منهم فنون العلوم ولم يصلنا ردع من قبلهم عن العمل بهذه السيرة القطعية كما ورد بالنسبة إلى القياس وخطره في الشريعة المقدسة...، فيكون عدم وصول النهي دليلاً على إمضاء الشارع المقدس سيرة العقلاء» [4] .
 4ـ ذكر في مباحث الأصول الجزء الثاني من القسم الثاني ص146-148 أنّه: «فالذي ادعاه الأصحاب (قده) في المقام هو أنّ العقلاء قد قامت سيرتهم على الحجيّة التعبدية للظهور وأنّ الشارع قد أمضى ذلك…وإن قصد به أنّ كلّ عاقل من العقلاء لو تقمّص قميص المولوية لجعل ظاهر كلامه حجة لعبده فهذا كلام صحيح لا اشكال فيه… وإنّ بناءهم على الحجيّة فيما بينهم وجريهم عليها واعتمادهم دائما على الظهور يوجب تكوّن عادة وقريحة في نفوسهم بحيث يمشون عليها في الشرعيات أيضاً، فلو لو يكن ذلك ممضى عند الشارع لكان يردع عنه لأنّ ذلك يشكّل خطراً على أغراض المولى».
 5 ـ قال الشيخ المظفر: «بناء العقلاء على الرجوع إلى أهل الخبرة الموثوق بهم في جميع الأُمور التي يحتاج في معرفتها إلى خبرة وإعمال الرأي والاجتهاد كالشؤون الهندسية والطبية»( [5] ).ب ـ تطبيقات بكون السيرة قائمة ودالة على الحكم الشرعي الواقعي التي تذكر عادة في كتب الفقه.1 ـ قال الشهيد الصدر () في بيان قسم من أقسام السيرة العقلائية: «كالسيرة العقلائية القائمة على أنّ من حاز شيئاً من الأموال المنقولة المباحة ملكها»( [6] ).2 ـ قال السيد البجنوردي: «بناء العقلاء على انفساخ العقد لو وقع التلف (للمبيع) قبل القبض ورجوع الثمن إلى المشتري «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه»( [7] ).3 ـ قال في نهاية الأفكار: «إذا دار الأمر في التقليد بين الأعلم العادل والعالم الاعدل الاورع، فالأقوى ترجيح الأول لبناء العقلاء على تعيّنه وعدم دخل لحيثيّة الاعدليّة والاورعيّة في ما هو مناط التقليد»( [8] ).4 ـ قال السيد الخوئي في مصباح الفقاهة: «قيام السيرة بين عقلاء العالم على صحة المعاملة المعاطاتية وترتيب آثار الملكية على المأخوذ بها»( [9] ).5 ـ قال الشيخ الأنصاري (): «استقرار السيرة على معاملة الأولياء بل مطلق الوكلاء معاملة الأصيل في إقرارهم كتصرفاتهم»( [10] ).
 قاعدة: سيرة المتشرعة
 الألفاظ الأخرى للقاعدة:
 السيرة المتشرعية
 سيرة المسلمين
 توضيح القاعدة: سيرة المتشرعة: هي صدور أمر من فئة من الناس ينتظمها دين معيّن أو مذهب معيّن من عمل ما أو تركه بما هم متدينون ومتشرعون وبهذا يعرف أن دينهم هو الداعي إلى هذه السيرة، فهي تشكف عن الموقف والحكم الشرعي في الموضوع. فلو شذّ أحدهم عن هذه السيرة كان مورداً للملامة أو الاستغراب.وبعبارة أخرى: إنّ سيرة المتشرّعة تكون معلولة للحكم الشرعي بخلاف السيرة العقلائية حيث تكون على للحكم الشرعي وكاشفة عنه بقرينة عدم ردع الشارع، فتبيّن وجود فرق بين السيرة العقلائية والسيرة المتشرعيّة من ناحية الملاك.
 ويمكن أن تقسم سيرة المتشرعة إلى قسمين:
 الأول: سيرة متشرعة بنحو يكون تشرعهم حيثية تعليلية للسيرة نظير سيرتهم على الجهر بصلاة الظهر من يوم الجمعة لو فرضت، وهذه سيرة المتشرعة بالمعنى الأخص.
 الثاني: سيرة متشرعة مارسوها بالفعل وجَرَوْ عليها مثل سيرة المتشرعة من أصحاب الأئمة على العمل باخبار الثقات خارجاً ولكن لا نجزم بأن هذا العمل هل هو من باب عقلائيتهم أو لأجل تشرعهم وتلقّيهم ذلك من المعصومين ()، وهذه سيرة متشرعة بالمعنى الأعم.وكلا هاتين السيرتين حجة بملاك كشف المعلول عن علته الا أن السيرة الأولى أقوى دلالة من الثانية إذ لا يحتمل فيها أن تكون ناشئة من الطبع العقلائي، نعم منشأ الخطأ فيها أن تكون المتشرعة قد أخطأت في تلقي البيان الشرعي، وهذا منفي بحساب الاحتمالات. أما السيرة الثانية فيحتمل نشوؤها من الطبع العقلائي، الا أن المتشرعة حيث إنهم متشرعون فاحتمال أنهم جميعاً قد غفلوا عن حكم المسألة شرعاً وانساقوا وراء طباعهم العقلائية من دون تفهّم للموقف الشرعي في مسألة داخلة في محل ابتلائهم كثيراً منفي بحساب الاحتمال أيضاً( [11] ). وهذه السيرة يشترط أن تكون معاصرة للإمام ().
 مستند القاعدة: لا إشكال في كشف سيرة المتشرعة عن رضا صاحب الشريعة، إذ من المستبعد جداً بل من المحال عادة استقرار سيرة المسلمين واستمرار عملهم على الشيء من عند أنفسهم من دون أن يكون ذلك بأمر من الشارع( [12] ). وبهذا يتضح الفرق بين السيرتين ـ العقلائية والمتشرعية ـ إذ العقلائية لا تكون بنفسها كاشفة عن موقف الشارع وإنّما تكشف عن ذلك بضمّ السكوت الدال على الإمضاء، أما المتشرعيّة فهي بنفسها كاشفة عن الدليل الشرعي. وبكلمة أخرى: فان السيرة المتشرعيّة لا اشكال في حجيتها والاعتماد عليها لكشفها لا محالة عن رضا الشارع بذلك، لأنه من المستحيل استقرار السيرة المذكورة من المسلمين من حيث كونهم متدينين من تلقاء أنفسهم من دون جعل شرعي فيما قامت السيرة عليه، وعلى هذا لا يحتاج في حجيّتها إلى إثبات عدم ردع الشارع عنها، لوضوح مضادّة ردع الشارع لأصل السيرة، فمهما استقرّت السيرة يستكشف أنه لم يكن لهم ردع شرعي، وهذا بخلاف السيرة العقلائية، فإنها تحتاج إلى إثبات عدم الردع الشرعي، وذلك لأنه لا مضادّة بين وجود السيرة العقلائية ووجود الردع الشرعي، والردع الشرعي لا يمنع عن تحقّق السيرة العقلائية، وإنّما يمنع عن حجيتها( [13] ).وبذلك لا نحتاج في اثبات حجيّة سيرة المتشرعة الا إلى إثباتها واثبات معاصرتها للمعصوم، فهي تكشف كشفاً إنيّاً عن إمضاء الشارع لها «بخلاف السيرة العقلائية، حيث نحتاج معها إلى سكوت المعصوم وإمضائه» لاننا نتكلم عن المتشرعة المعاصرين الإمام () الذين اتيح لهم تلقّي الاحكام والمعارف الشرعية عنه بطريق الحِس أو القريب من الحِس وذلك بالسؤال عنهم وهم جلّ أصحاب الأئمة المعاصرين لهم والناقلين لآثارهم، وحينئذ أن تطابق آراء الأصحاب والمتشرعة في عصر من هذا القبيل لا محالة يشكف عن تلقيهم ذلك الحكم من الشارع، لان احتمال استناده إلى نكات عقلائية، غير موجودة حسب الفرض، لأن الفرض أن السيرة انعقدت في مسألة شرعية بحتة كالجهر في صلاة ظهر يوم الجمعة، فلو فرض أن سلوكهم المذكور مما لا يرضى به وغير مستند إليه وغير مقبول لديه، فهذا معناه افتراض الغفلة الحسيّة في عدد كبير من الناس وهو منفي بحساب الاحتمالات فيثبت أنها حصلت من السماع من المعصوم ولهذا كانت هذه السيرة حجة( [14] ). وروحها يرجع إلى الاستدلال بالسنّة المستكشفة بالدليل القطعي المتمثل بالسيرة المتشرعية عند الأصحاب، فالسيرة المتشرعية تكون من باب استكشاف العلّة (الحكم) من المعلول.


[1] ـ الأُصول العامة للفقه المقارن/للسيد محمد تقي الحكيم191.
[2] ـ كفاية الأُصول 348.
[3] ـ فوائد الأُصول/ ج 3 : 69 .
[4] غاية المأمول من علم الأصول2: 181-182.
[5] ـ أصول الفقه3 :142.
[6] ـ بحوث في علم الأُصول4: 236.
[7] ـ القواعد الفقهية / للبجنوردي 2 : 65.
[8] ـ نهاية الأفكار/للعراقي4 : 254.
[9] ـ راجع مصباح الفقاهة 2 : 93.
[10] ـ رسائل فقهية/للشيخ الأنصاري197 طبع مجمع الفكر الإسلامي.
[11] ـ راجع بحوث في علم الأُصول4 : 247.
[12] ـ فرائد الأُصول3 :192.
[13] ـ نهاية الأفكار 3 : 137.
[14] ـ راجع بحوث في علم الأُصول4 :242.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo