< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

33/01/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع:

قاعدة: حجية الدليل العقلي
 
 انتهى الكلام إلى الدليل الثالث الذي قيل في عدم حجية الدليل العقلي القطعي وهو:
 ج ـ وقد يقال بالنسبة لمدركات العقل العملي: ان مدركات العقل العملي لا يمكن التعويل عليها كدليل على إثبات الحكم الشرعي، وذلك لوجود الاختلاف بين الأعراف والمجتمعات فيما يرجع إلى هذه المدرَكات، فكم من شيء يراه عرف أو قبيلة حسنا ويراه الآخرون قبيحاً، وهذا الأمر إذا تصاعد فيُنكَر على أساسه ثبوت قبحٍ أو حسن ذاتي بقطع النظر عما حسّنه الشارع أو قبّحه. فيقول الإخباريون بوجود حسن وقبح ( [1] ) إلا أنه بمعونة الشارع لا بالعقل مع قطع النظر عن الشارع:
 والجواب:
 1ـ ننكر أن يختلف العقلاء في كبرى العقل العملي، بل اختلافهم يكون راجعاً إلى الاختلاف في الصغريات والتطبيقات دائماً لأنهم يَرون رجوع الكبريات العملية إلى قضيتين رئيسيتين هما قبح الظلم وحسن العدل، ولا يوجد من يناقش بعدم قبح الظلم مع الاعتراف بكونه ظلماً، نعم قد يشكك في صغرى الظلم وصغرى العدل، وبهذا نصل إلى عدم الطعن في حقانية مدركات العقل العملي كبروياً.
 2ـ وقد ذكر السيد الشهيد (قدس سره) جوباً آخر بعد أن لم يرتضِ الجواب المتقدم فقال: «ان مدركات العقل العملي لا خلاف فيها في نفسها فيما يدركه العقل بنحو الاقتضاء أنه لا ينبغي أو ينبغي، فالكذب لو لوحظ في نفسه يحكم العقل بأنه ينبغي أن لا يرتكب، والصدق فيه اقتضاء أن يكون هو الصادر من الإنسان، ولكن قد يقع التزاحم بين المقتضيات كما إذا لزم من عدم الكذب الخيانة مثلاً فيقع التزاحم بين اقتضاء الصدق للحسن مع اقتضاء الخيانة للقبح، وفي هذه المرحلة يقع الاختلاف بين العقلاء في الترجيح والتقديم في موارد التزاحم... وهذا هو الذي يكون غائماً (غير واضح) ولا يكون بديهيّاً أوليّاً، بل يكون مشوباً بالشك وعدم الوضوح... فالاختلاف في بعض مدركات العقل العملي عند المزاحمة لا يوجب تشكيكاً في أصل المدركات للعقل العملي» [2] .
 أقول: لعل مقصود مَنْ قال: ان مدركات العقل العملي لا خلاف فيها وإنّما الخلاف في المصاديق يقصد أن من يكذب لأجل عدم الخيانة يرى حسن كذبه، ومن يُكذب عليه ولو لأجل عدم الخيانة لعدوه يراه قبيحاً، فيكون الاختلاف في مصاديق الحسن والقبح والعدل والظلم لا في أنفسهما.
 3ـ اننا ننقض على الأخباريين بقبولهم لحكم العقل العملي الذي هو في طول الكتاب والسنة (كوجوب الطاعة ووجوب المعرفة وحرمة المعصية)، وأيضاً ننقض عليهم بقبولهم للحكم العقلي الواقع في الرتبة السابقة على الكتاب والسنة كالحكم بقبح إجراء المعجز على يد من يدعي النبوة كذباً لكونه ضلالاً، فانهم قبلوا هذه الأحكام العملية للدلالة على النبوة ووجوب الطاعة والمعرفة وحرمة المعصية، وان كانت هناك أدلة أخرى على النبوة ميّزت كلام النبي () وفعله وتقريره عن كلام غيره وفعله وتقريره وأثبتت أن قوله وحي وليس من كلام البشر. فلماذا قُبلت هذه الأحكام العقلية العملية ولم تقبل الأحكام العقلية العملية في قبال الكتاب والسنة فإذا أنكرنا وجود حسن وقبح ذاتي بقطع النظر عما قبّحه الشارع أو حسّنه فلا داعي لقبول حكم العقل العملي في مورد وعدم قبوله في مورد آخر.


[1] () نعم الاشاعرة أنكروا أصل الحسن والقبح الواقعيين وقالوا الحسن ما حسنه الشارع والقبح ما قبحه.
[2] بحوث في علم الأصول 4: 138, المقام الثاني مدركات العقل العملي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo