< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

32/12/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 القاعدة: أخذ القطع بحكم في موضوع مثله
 الاستثناء:
 2ـ ثبت اختصاص الحكم بالعالم به دون الجاهل به كوجوب القصر مثلاً أو وجوب الجهر والإخفات ومن الواضح أيضاً عدم الإشكال عقلائياً ومتشرعياً في إمكان تخصيص الحكم بالعالم به في نفسه ( [1] ).
 أقول: إذا ثبت إمكان ذلك فهو يتنافي مع استحالة أخذ القطع بالحكم في موضوع شخص الحكم، وقد علمنا أن الاستحالة العقلية لا تخصص، فلابد من أيجاد تخريج فني لإمكان أخذ العلم بوجوب القصر في وجوبه وأخذ العلم بوجوب الجهر والإخفات في وجوبهما.
 وقد ذهب السيد الشهيد (قدس سره): إلى القول بإمكان أن يؤخذ العلم بالجعل في موضوع فعلية المجعول، لأن الجعل غير المجعول (على ما حققه في بحث الواجب المشروط)، فيكون العلم بالجعل متوقفاً على الجعل، والجعل لا يتوقف على فعلية مجعوله، لأن «الجعل حقيقةٌ ينشئها الجاعل قبل أن يكون موضوع في الخارج، والذي يتوقف على العلم بالحكم بالجعل هو فعلية المجعول خارجاً عند تحقق الموضوع، ولا محذور في أن تكون فعلية المجعول متوقفة على العلم بكبرى الجعل على حدّ توقفها على سائر القيود والشرائط كالبلوغ والقدرة مثلاً» ( [2] ).
 أقول: هذا الكلام صحيح إذا قلنا إن الجعل يختلف عن المجعول، وإما إذا قلنا أنهما وجهان لعملة واحدة فنرجع إلى جواب صاحب الكفاية القائل بصحة أخذ العلم بالحكم الإنشائي في موضوع الحكم الفعلي.
 
 قاعدة: حجية الدليل العقلي ( [3] )
 
 توضيح القاعدة:

ان القطع الحاصل من غير الكتاب والسنة (أي من الأدلة العقلية) في مجال الاستنباط هل يكون حجة أم لا؟ ويتم توضيح القاعدة برسم أمور:
 الأول: لابد من توضيح أن استخدام الأدلة العقلية في مجال الاستنباط للأحكام الفقهية مختلف فيه:
 فهناك نزاع بين الإمامية وغيرهم من أهل السنة حول صحة الاعتماد على الدليل العقلي الظني كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة ونحو ذلك حيث بنى جمهور أهل السنة على حجيته، وقد أجمع الأمامية تبعا لأئمتهم على عدم جواز التعويل على ذلك.
 وهناك نزاع بين الإمامية أنفسهم في مشروعية استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة العقلية القطعية، وقد ذهب المشهور إلى صحة ذلك، وذهب المحدثين إلى عدم حجية الأدلة العقلية.
 وهذه القاعدة تختص بحجية الدليل العقلي القطعي في قبال المحدثين المانعين من ذلك.
 الثاني: ان المراد بالحكم العقلي هو الحكم الذي يصدره العقل على نحو الجزم واليقين في استنباط الحكم الشرعي غير المستند إلى الكتاب أو السنة.
 1ـ ليس المراد من الحكم العقلي حكم القوة العاقلة بمعناها الفلسفي. فان هذا متفق عليه بين الإمامية. وحكم القوة العاقلة بمعناها الفلسفي هو عبارة عن كشف القوة العاقلية عن الأمور الواقعية في نفس الأمر مثل وجود الله واستحالة التسلسل واستحالة اجتماع النقيضين أو الضدين.
 2ـ ليس المراد الحكم العقلي الواقع في مبادئ التصديق بالكتاب والسنة، لأن هذا الحكم العقلي حجة عند الجميع وان حجية الكتاب والسنة لابدّ وأن تنتهي إلى استدلالات وقناعات عقلية وليس المراد الحكم العقلي الواقع في طول الكتاب والسنة كحكم العقل بوجوب الامتثال وإطاعة الحكم وقبح المعصية للحكم، فان هذا الحكم أيضاً متفق عليه بين الإمامية. فان العقل يحكم بتصديق القرآن والسنة( [4] ) وأنهما من الوحي فيميز العقل بين الوحي وغيره فيصدّق بأن القرآن والسنّة من الوحي فيؤمن بهما ويكونا حجة.
 الثالث: ان الأحكام العقلية على قسمين:
 أ ـ أحكام نظرية: وهي الأحكام العقلية التي ينبغي أن تعلم ولا تستدعي سلوكاً معيناً وهي الأمور التي لها واقع.
 ب ـ أحكام عملية: وهي الأحكام العقلية التي ينبغي أن تعمل وتستدعي سلوكاً معيّناً لانبغاء فعله أو عدم فعله. وهذه تسمية منطقية. وعند المتكلمين يسمى بالحسن والقبح. وعند الفلاسفة يسمى بالخير والشر وعند علماء الأخلاق يسمى بالفضيلة والرذيلة.
 والدليل العقلي النظري على الحكم الشرعي يرجع إلى أحد بابين:
 الأول: باب العلاقات والاستلزامات الواقعية التي يدرك العقل ثبوتها بين الأحكام، وهو باب الإمكان والوجوب والاستحالة، فيحكم باستحالة اجتماع الأمر والنهي أو يحكم بإمكان الخطاب الترتبي، أو يحكم بالملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته أو حرمة ضدّه عقلاً.


[1] () راجع بحوث في علم الأصول 4 : 104.
[2] () راجع بحوث في علم الأصول 4 : 104.
[3] () بحوث في علم الأصول 4 : 119.
[4] () بعد العصمة للنبي والأئمة يحكم العقل بعدم صدور الذنب منهم ، فيدخل في هذا عدم الكذب وعدم السهو وعدم النسيان فيتثبت أن ما يصدر منهم حجّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo