< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الأصول

32/12/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 القاعدة: أخذ القطع بحكم في موضوع مثله
 الألفاظ الأخرى للقاعدة:
 امتناع أخذ القطع أو الظن بالحكم في موضوع الحكم
 أخذ العلم بالحكم في موضوع الحكم.
 أخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه.
 أخذ العلم بالحكم في موضوع ضده أو مثله.
 استحالة اختصاص الحكم بالعالِم به.
 أخذ العلم بالحكم في موضوعه( [1] ).
 توضيح القاعدة:
 تقدّم أنّ القطع قد يكون طريقياً للحكم وقد يكون موضوعياً:
 فالطريقي: كما إذا حكم الشارع بحرمة الخمر، فقطع المكلّف بأنّ هذا خمر، فيكون التكليف منجّزاً، فالقطع طريق محض وكاشف عن الحرمة ولا دخل له في الحرمة، لأنّ الحرمة ثابتة للخمر سواء قطع المكلّف بأنّ هذا خمر أو لا.
 والموضوعي: كما إذا قال: ما تقطع بأنّه خمر حرام، فهنا لا يحرم الخمر إلّا إذا قطع المكلّف بأنّ هذا خمر، فالقطع له دخل في وجود الحرمة وثبوتها للخمر، فالقطع بالخمرية بمثابة الموضوع للحرمة، وهذا تقدم.
 إلّا أنّنا هنا نتكلم في موضوع آخر وهو: القطع بالحكم الذي يؤخذ في موضوع حكم آخر سواء كان مخالفاً للأوّل أو مماثلاً أو مضاداً أو متحداً.
 وبعبارة أخرى: لا إشكال في أخذ القطع بشيء خارجي (كقدوم الحاج) في موضوع حكم شرعي (كالصدقة) وهذا ليس محل كلامنا. إنّما الكلام في إمكان القطع بالحكم إذا أخذ في موضوع حكم أيضا، وهنا تارة يكون الحكمان متخالفين وأخرى متضادين وثالثة متماثلين ورابعة متحدين. وهذا البحث هنا لا يفرق فيه بين القطع الذي يؤخذ موضوعاً في حكم وبين الظن بالحكم إذا أخذ موضوعاً في حكم، وان جهد العلماء على وجود فرق بين القطع والظن، إلا أن أبحاث الظن هنا ليست سوى افتراضات لا تطبيق فقهي وعلمي لها إلا في مجال جعل الأحكام الظاهرية وستأتي فلا نذكرها هنا. ولنشرع في بيان الأقسام الأربعة:
 أما القسم الأول: وهو إذا أخذ القطع بحكم في موضوع حكم آخر كما إذا قال: إذا قطعت بوجوب صلاة التمام عليك وأنت مسافر فيجب عليك الصوم، وهذا لا إشكال في إمكانه كما هو واضح، وكما إذا قال إذا قطعت بصدور حكمٍ بقتلك بعد ساعة فاكتب وصيتك.
 وأما القسم الثاني: وهو أخذ القطع بحكم في موضوع حكم مضاد كما إذا قال: إذا قطعت بوجوب الحج عليك فهو حرام عليك، أو إذا قطعت بوجوب الصلاة حرمت عليك، أو إذا قطعت بحرمة الخمر فهو حلال لك. وقد ذهب المشهور( [2] ) إلى عدم إمكانه للزوم اجتماع الضدين في نظر القاطع لأن القاطع سواء كان مصيباً في قطعه أو مخطئاً يرى في ذلك اجتماع حكمين متضادين فيمتنع أن يصدّق بالحكم الثاني، وما يمتنع تصديق المكلف به لا يمكن جعله. وفي حالات إصابة القطع للواقع يستبطن الافتراض المذكور اجتماع الضدين حقيقة وفي الواقع أيضاً( [3] ).
 وبعبارة أخرى أن الاستحالة هنا بمعنى (إمكان جعل حكم رادع عن طريقية القطع وكاشفيته) وهذا غير ممكن لأن القطع كاشفيته ذاتية فيستحيل الردع عنها.
 وأما القسم الثالث: وهو أخذ القطع بحكم في موضوع حكم مماثل، كما إذا قال: إذا قطعت بحرمة الخمر حرمت عليك. أو قال مقطوع الحرمة حرام. وقد ذهب المشهور إلى عدم إمكانه للزوم اجتماع المثلين ( [4]
  [5] ) فالقاطع لا يصدق بالحكم الثاني، وما يمتنع تصديق المكلف به لا يمكن جعله. وهذا البحث قد يذكر في بحث التجري: بإمكان جعل خطاب شرعي يشمل المتجرّي والعاصي معاً بعنوان مقطوع الحرمة أو مقطوع الوجوب، إلا أن البحث في التجري يقتصر على خصوص القطع بالحكم الإلزامي، إما هنا فيشمل القطع بكل حكم، كما لو قال إذا قطعت بصحة البيع فالبيع صحيح.و إذا قطعت باستحباب الفعل فهو مستحب وهكذا.


[1] () بحوث في علم الأصول4 : 99.
[2] () راجع كفاية الأصول307 دروس في علم الأصول، الحلقة الثالثة، القسم الأول 242 243.
[3] () راجع كفاية الأصول 307 دروس في علم الأصول، الحلقة الثالثة، القسم الأول 242 243.
[4] () أي تعدد الحكم، وبما أن الأحكام كالأعراض بلحاظ موضوعاتها فيستحيل اجتماع فردين متماثلين من الحكم على الموضوع.فإذا قيل: ان الحكمين المتماثلين على موضوع واحد يؤولان إلى تأكد الحكم ووحدته.فالجواب هو أن الحكمين (بحسب الفرض) طوليان (أخذ في موضوع أحدهما القطع بالآخر ويستحيل توحدهما وتأكدهما لأن هذا يعني وحدة الوجود مع أنهما في رتبتين، فيلزم تأخر المتقدم وتقدم المتأخر وهو محال). (راجع بحوث في علم الأصول 4 : 100).
[5] نعم التأكد يتصور في حكمين لا طولية بينهما كما في أكرم العادل وأكرم الفقير، فإذا جاء عادل فقير فيكون الحكم الثاني للإكرام مؤكداً للأول. راجع نهاية الأصول - 404.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo