< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/06/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تخصيص العام بالضمير الراجع إلى بعض أفراده

أقول: الحق مع النائيني ومن تبعه لأن أصالة اتحاد الضمير مع مرجعه تكون متّبعة ما لم يأتِ دليل يخصص العموم الثاني كما هو محل الكلام، وحينئذٍ يبقى العام الأول على عمومه، إنما الكلام في كيفية التخصيص, وعليه فلا أجمال في البين كما ذهب إليه صاحب الكفاية والشهيد الصدر, ولا أصالة عدم الاستخدام حيث يثبت الاستخدام وان المراد من الضمير هو الخاص فيراد من البعولة بعض المطلقات أي خصوص الرجعيات بخلاف مرجع الضمير فإنه لا يراد منه الخاص.

والخلاصة: ان العام الأول «المطلقات ...» قد تكفل حكماً «وجوب العدة» غير الحكم الذي رجع إلى العام الثاني «بعولة المطلقات أحقي بردهن» الذي دل عليه الضمير وتخصيص العام الثاني الذي دل عليه الضمير بمخصص خارجي أو عقلي أو متصل «أحقية الرد للبعولة مختصة بالرجعيات» لا ربط له بتخصيص العام الأول عند العرف.

التطبيقات:

 1ـ قال تعالى: «

وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ... وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا» وقد خصص قوله تعالى: وبعولتهن أحق بردهن «العموم الثاني» بما روي في خصوص تمكن الزوج من الرجوع في الطلاق الرجعي والخلع والمباراة إذا رجعت الزوجة في البذل، وأما الطلاق البائن فلا رجوع فيه، إذن المراد من الضمير في «بُعُولَتُهُنَّ» المطلقات الرجعيات, وأما «الْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ» فهو باقٍ على عمومه لكل مطلقة.

 2ـ لو قال المولى: (العلماء يجب إكرامهم) ثم قال وهم يجوز تقليدهم، وقد دل دليل خارجي على جواز تقليد العدول فقط فيقيد العموم الثاني بهم، إلا أن هذا لا يوجب تقييد العام الأول «وجوب إكرام العلماء» فأصالة التطابق بين الضمير ومرجعه منخرمة في المقام.

 ولكن لو قال لنا: العلماء يجب إكرامهم وتقليدهم إذا كانوا عدولاً. فهنا القيد الذي وجد في آخر الجملة وبعد العام الثاني قيد متصل يجعل العام الثاني مخصصاً بالعدول قطعاً.

 وهو صالح للقرينية على تخصيص العام الأول على رأي السيد الخميني (رحمه الله) ولا يمكن إجراء أصالة التطابق بين الإرادة الاستعمالية والجدية لأنها لا تجري في الكلام الواحد الذي حفَّ بما يصلح للقرينية.

 أما على رأي السيد البروجردي، فان الحكم الثاني قيد بمقيد متصل ولا ربط له بالعام الأول.

ملاحظة: قد ذكر السيد الخوئي بأن الآية القرآنية ليست مثالاً لما نحن فيه, لأننا نتكلم في الضمير الذي يراد منه بعض العام، أما هنا فالضمير يراد به العام، وعدم جواز رجوع أزواج غير الرجعيات خارج بالدليل المخصِص الرافع للإرادة الجدية دون الاستعمالية.

أقول: الآية مثال لِما نحن فيه، فان الآية حين تكلم «الباري تعالى»بالضمير كيف استعمله؟ هل في العام أو في الخاص؟ فمن قال أنه استعمله في العام ولكن الإرادة الجدية ليست هي العام فيتمسك بالعام الأول بعد ثبوت التخصيص لأن التخصيص ليس هو تصرف في الإرادة الاستعمالية بل هو تصرف في الإرادة الجدية فتكون مثالاً لما نحن فيه.

 وقد ذكر الأصوليون قاعدة أخرى وهي

قاعدة: تعقب العمومات بالاستثناء

 والكلام في أنّ هذه القاعدة هل هي قاعدة ثانية أو أنها نفس القاعدة الأولى فنقل في توضيح القاعدة:

 إذا تعقب الاستثناء عمومات متعددة مثل قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا»([1] ).

 فهل يرجع الاستثناء إلى خصوص الجملة الأخيرة فيرتفع الفسق فقط بالتوبة، أو يرجع إلى جميع الجمل فيسقط الحدّ وتقبل الشهادة وينتفي الفسق بالتوبة؟ فقد يقال إن هذا هو نفس القاعدة السابقة فإنه تقدمت عمومات ثم استثني فهل الاستثناء للأخير أو لجميع العمومات كما ذهب إليه السيد الخوئي؟

والجواب: إنه يوجد فرق بين المسألتين: ففي مسألة تعقب العام بضمير خاص، يوجد عندنا عام له حكم ثم ورد ضمير (في حكم آخر) راجع إلى ذلك العام ولكن المراد من الضمير الخاص قطعاً، ولكن يشك في كيفية الإرادة, أما مسألة تعقّب العمومات بالاستثناء فهو عبارة عن وجود جمل متعددة عامة:

 إما بتعدد المحمول مع وحدة الموضوع.

 أو بتعدد الموضوع مع وحدة المحمول.

 أو بتعدد الموضوع والمحمول معاً.

 ويوجد في آخرها استثناء، فيبحث عن رجوع هذا الاستثناء إلى الجملة الأخيرة أو إلى جميع الجمل فيكون الشك في مراد المتكلم لا في كيفية إرادته, وبينهما بون بعيد, فالبحث في المسألة الأولى يختلف موضوعاً عن البحث في المسألة الثانية.

[1] () سورة النور: 4 ـ 5.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo