< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/06/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تخصيص العام بالضمير الراجع إلى بعض أفراده

مستند القول الثاني: (صاحب الكفاية إجمال العام بما يصلح للقرينية) وذهب إليه السيد الشهيد الصدر (قدس سره) وقد ذكر دليلين أحدهما فني والأخر ذوقي يجمعهما نكتة واحدة وهي: أن ظاهر التطابق بين مرجع الضمير«المطلقات» والضمير «بعولتهن» سواء كان التطابق بين الضمير ومرجعه في مقام الاستعمال (وهو ما يعبر عنه بالدليل الفني) أو التطابق بين الضمير ومرجعه في مقام الاستعمال والجدِّ معاً (وهو ما يعبر عنه بالدليل الذوقي), فإذا ثبت إن الاستعمال من الضمير غير معلوم جاء الإجمال في مرجع الضمير, فإنّه لا يعلم أنّه قد استعمله في المطلقات أو في بعضها أي خصوص الرجعيات, وان ثبت أن الجد غير معلوم جاء الإجمال أيضاً.

 وفي المقام إرادة الخصوص من الضمير في مقام الاستعمال غير معلوم وكذلك خلافه أي استعماله في العام فإنه غير معلوم أيضاً، فيحتمل إرادة العموم «مطلق المطلقات» ويحتمل كون المراد الاستعمالي من الضمير الخصوص «الر جعيات» وعلى الثاني يكون ما نحن فيه في باب احتمال قرينية المتصل وهو يوجب الإجمال([1] ).

 وكذا إذا ثبت عدم جدّيّة إرادة العموم من الضمير ثبت بهذا عدم جدية إرادة العموم في المرجع أيضاً لأن التطابق بين الضمير والمرجع هو الظاهر.

أقول: إن الكلام في الآية المباركة في الدليل المنفصل وما ذكره مختص بالدليل المتصل, فالدليل أخص من المدعى, وثانياً إننا قلنا فيما تقدم أن التخصيص للعام الثاني لا يكون تصرفاً في المراد الاستعمالي للعام الثاني، بل التخصيص للحكم الثاني يكون كاشفاً عن المراد الجدي من العموم الثاني لا تصرفاً فيه، إذن التطابق بين الضمير ومرجع الضمير في استعمالهما في العموم موجود فقد أراد من المطلقات جميعها، ولكن دل دليل خارجي على عدم مطابقة المراد الجدي للاستعمالي في العام الثاني, وهذا لا يوجب رفع اليد عن العموم الأول وتطابق المراد الاستعمالي مع الجدي فيه إلا بالدليل الذوقي الذي قاله السيد الشهيد (قدس سره), وهو كما ترى فإن مجرد كون شيء ذوقياً (بالتطابق بين الضمير ومرجعه في الجد، فإذا ثبت أن الجد في الضمير غير معلوم فيأتي الإجمال في مرجعه) لا يصلح أن يكون دليلاً, لمنافاته للظهور فإن الظاهر هو التطابق لا عدمه.

 وبعبارة أخرى:أن كلام السيد الشهيد (قدس سره) يصح فيما إذا كان المراد الجدي من الضمير (الدليل المنفصل) هو خصوص الرجعيات ولم يعلم المراد الاستعمالي من الضمير فيأتي البيان الفني للإجمال، بينما نحن قد بيّنا أن المراد الاستعمالي في الآية واضح وهو العموم للتطابق بين الضمير ومرجع الضمير (أي أصالة عدم الاستخدام) فيبقى أن الضمير قد علم إرادة الخصوص منه مع أن استعماله عام فيتخصص ويبقى العام الأول على عمومه للتطابق بين الإرادة الاستعمالية والجدية.

مستند القول الثالث: ما ذهب إليه السيد الخوئي (قدس سره)إذ قال بتخصيص العام الأولي كما خصص العام الثاني، فهو يختلف عن أستاذه الشيخ النائيني الذي ذهب إلى عدم جريان أصالة عدم الاستخدام أي أنّ أصالة عدم الاستخدام تجري فحكم بعدم اتحاد المراد من الضمير مع مرجع الضمير, لأن أصالة عدم الاستخدام (كالأصول اللفظية) إنّما استقرّ بناء العقلاء على إجرائها حيث يشك في المراد (بعد كون المعنى الحقيقي أو المجازي معلوماً)، أما حيث يعلم بالمراد (كما فيما نحن فيه) ويشك في كيفية أرادته فلا استقرار لبناء العقلاء على إجراء الأصول اللفظية. ومقامنا (كما يقول النائيني) من هذا القبيل لأن المراد من الضمير معلوم قطعاً ولكن شكنا في أنه كيف أريد؟

 وحينئذٍ إذا لم تجر أصالة عدم الاستخدام، فالنائيني يقول بأن أصالة العموم جارية بلا معارض.

 وأما السيد الخوئي: فقال بجريان أصالة عدم الاستخدام، فان المراد من أصالة ليس بيان حال الضمير وكيف أريد منه خصوص الرجعيات، فان هذا منعه متين, بل المراد من عدم الاستخدام هو وحدة المراد من الضمير ومرجعه والتطابق بينهما فان هذا أمر عرفي مسلّم غير قابل للجدال فتجري أصالة عدم الاستخدام، فمن قال رأيت اليوم أسداً وكلّمته، فالمراد من الضمير في كلّمته هو الرجل الشجاع قطعاً، والعرف يفهم أن الأسد الذي رآه اليوم هو الذي كلّمه ولا يتوقف في ذلك.

 إذن المراد من الضمير متحد مع المراد من مرجع الضمير. وحينئذٍ إذا علمنا بأن المراد من الضمير الخاص فبهذه القاعدة يفهم العرف كون المراد من العموم هو الخصوص في الاستعمال ويقدم هذا الظهور على أصالة العموم.

[1] () راجع بحوث في علم الأصول 3: 377-378.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo