< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/05/30

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجية العام المخصص في الباقي

التطبيقات:

 1ـ روي جعفر بن الحسن عن سعيد المحقق في المعتبر قال: قال (عليه السلام) (خلق الله الماء طهوراً لا ينجسه شيء إلا ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه) ([1] ) فهذا مطلق مخصص بمخصص متصل مجمل من ناحية التغيير , أو قل كل ماء طاهر لا ينجسه شيء فيكون عام مخصص بمخصص متصل مجمل من ناحية التغيير لأنا لا نعلم أن المقصود من التغيير الحسي أو الأعم منه ومن التقديري فالشبهة هنا مفهومية، والمتيقن من التغيير الحسي، وحينئذٍ إذا شككنا في طهارة الماء الذي تغيّر بالنجاسة تغيّراً تقديرياً فلا يمكن التمسك بالعام للحكم بطهورية ذاك الماء فهذا مثال لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المفهومية.

 2ـ قد ورد في الروايات ما دل على عدم جواز الصلاة في الثوب المتنجس بلا فرق بين كونه متنجساً بالدم أو بغيره من النجاسات ولكن قد خرج من ذلك خصوص الثوب المتنجس بالدم إذا كان أقل من الدرهم البغلي، فحينئذٍ إذا شككنا في دم أنه أقل من الدرهم حتى يكون داخلاً تحت عنوان المخصِص أو أزيد منه حتى يكون داخلاً تحت عنوان دليل العام فالشبهة مصداقية لمعلومية العام والخاص والشك في الفرد الخارجي أي هذا الدم، فالصحيح أنه لا يجوز التمسك بالعام لإثبات عدم العفو من هذا الدم المشكوك في الصلاة وقد يفتى في هذا المورد بعدم جواز الصلاة بهذا الدم المشكوك ولكنه بأدلة أخرى غير التمسك بالعام ([2] ).

 3ـ ورد في الروايات أنه لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان أقل من درهم وورد أيضاً أن دم الحيض مانع عن الصلاة فإنّه لا يعفى عنه في الصلاة مطلقاً ولو كان أقل من الدرهم البغلي وقد الحق المشهور به دم النفاس والإستحاضة. فإذا شككنا في دم يكون أقل من الدرهم أنه من أفراد المخصِص يعني الدماء الثلاثة أو من أفراد العام؟

 فالصحيح أنه لا يجوز التمسك بالعام لإثبات جواز الصلاة في الدم المشكوك.

 وقد يفتى بجواز الصلاة في ذلك الدم المشكوك إلا أنه ليس من باب التمسك بالعموم بل بأدلة أخرى مذكورة في محلها ([3] ).

 4 ـ قال تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»، وهذا العام قد خصص بما رواه علي بن راشد عن الإمام الهادي (عليه السلام) قال: «لا يجوز شراء الوقف» ([4] ). فلو شككنا في عقد خارجي أنه وقع على الوقف حتى يدخل في المخصِص، أو لم يقع على الوقف حتى يجب الوفاء به، بل وقع على الملك مثلاً, فهنا لا يجوز التمسك بالعام « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ», لأنه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص.

 5ـ قال تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»، و هو عام قد خصص بما رواه يعقوب بن شعيب عن الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال: «ثمن العذرة سحت» ([5] ).

 فإذا شككنا في أن العذرة هل هي تختص مفهوماً بعذرة الإنسان أو تعمّها وغيرها، وهذه شبهة مفهومية للمخصص المنفصل الدائر بين الأقل والأكثر، فيُقتصر على المتيقن وهو عذرة الإنسان، إما عذرة غير الإنسان فيتمسك بالعام في صحة بيعها للشك في كونها من الخاص، أي يشك في كون الخاص حجة فيه، والشك في الحجية يساوق عدمها.

 6ـ ورد عن الأئمة (عليهم السلام) قولهم: «لعن الله بني أمية قاطبة» ولكن هناك قيد عقلي وهو أخراج المؤمن فإنّ لعنه قبيح فلا يجوز لعنه. وهذه قضية خارجية، فيعقل للمولى أن يتصدى بنفسه لضمان وجود عدم المؤمن في بني أمية. لكن بشرطين:

 الأول: أن لا يفهم من المخصِص (وهو لا يجوز لعن المؤمن من بني أمية) العقلي عدم تعهد المولى بعدم الإيمان في بني أمية (خصوصاً مع وجود كلمة قاطبة في الحديث).

 ثانياً: أن لا يثبت من الخارج أن بني أمية فيهم مؤمن.

 وهذا يعني أن من ثبت إيمانه لا يجوز لعنه، أما من لم يثبت إيمانه بل يشك فيه يجوز لعنه لأن المولى قد تكفل لإحراز عدم الإيمان في هذه القضية الخارجية.

 7ـ ان آية وجوب الغض «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ...»[6] دلت على حرمة نظر النساء إلى الرجال وبالعكس، خرج عن عمومها المماثل والمحارم، فإذا شككنا في مورد أنه من المحارم حتى يجوز النظر إليه أم لا حتى يحرم النظر إليه فلا يجوز التمسك بعموم الآية لإثبات حرمة النظر، بل لابدّ من التماس دليل أخر على الحكم ([7] ).

قاعدة:عدم جواز التمسك بالعام قبل الفحص عن المخصِص

الألفاظ الأخرى للقاعدة:

 عدم الأخذ بأصالة العموم إلا بعد الفحص التام عن المخصِص واليأس عن الظفر به.

 عدم جواز الأخذ بالعام قبل الفحص عن المخصِص.

 عدم جواز الأخذ بأصالة العموم قبل الفحص عن المخصِص.

 عدم جواز الأخذ بالأصول اللفظية قبل الفحص عن المقيد والمخصص. الفحص عن المخصِص.

توضيح القاعدة:

هنا بحثان: الأول: في أصل وجوب الفحص الثاني: في مقداره

أما البحث الأول: تقدم في البحث السابق: حجية أصالة العموم فيما إذا شك في التخصيص، ولكن يبحث هنا عن إمكان جواز الأخذ بأصالة العموم قبل الفحص عن المخصِص، أم لابد من الفحص واليأس عن المخصِص فيعمل بالعام بعد ذلك؟ أي بعبارة أخرى أن البحث هنا عن مزاحم حجيّة العام التي ثبت مقتضيها الذي هو الظهور في العموم، فالبحث عن المزاحم لحجية العام لا لظهوره، خصوصاً مع علمنا بطريقة الشارع من إتباع عموماته بمخصصات بعد ذلك لمصلحة التدرج في الأحكام وأن المصلحة هي العمل بالعام في وقته حتى يأتي المخصِص, بخلاف الموالي العاديين. وقد ذكر المشهور: عدم جواز التمسك بالعام قبل الفحص عن المخصص. ونوضح هنا أنهم قالوا ان هذا البحث منحصر بالمخصص المنفصل دون المتصل الذي يحتمل عدم وصوله من جهة عدم اعتناء الراوي, لأن احتمال عدم وصول المخصِص المتصل من الراوي منحصر في إسقاط الراوي للمخصص عمداً أو خطأً أو نسياناً، والأول مخالف لفرض وثاقة الراوي فهو باطل وإلّا كيف يكون ثقة؟ والأخيران يردهما أصالة عدم خطأه ونسيانه, إذن يتمحض البحث في المخصِص المنفصل.

أقول: يجب الفحص أيضاً عن المخصص المتصل إذا كان احتمال وجوده عقلائياً كما لو كان الخبر في مكتوب في كتاب وكان في أخر الورقة وفيه حكم تقديم أمام الجماعة على غيره عند التخاصم ـ وإرادة كل منهما التقدم للحصول على ثواب إمامة الجماعة ـ إذا كان عالماً وكانت الورقة مخرقة ولكن نحتمل وجود كلمة سيد بعد كلمة عالم فلابد من الفحص في النسخ الأخرى.

ويجري هذا البحث في المطلق فلا يجوز العمل بالمطلق إلا بعد البحث عن المقيد واليأس من وجوده، وأيضاً يجري البحث في الظاهر فلا يجوز العمل به إلا بعد الفحص عن معارضه واليأس من وجوده.

[1] () وسائل الشيعة، باب 1 من أبواب الماء المطلق، ح 9.

[2] () محاضرات في أصول الفقه 5: 187.

[3] () راجع محاضرات في أصول الفقه 5: 186.

[4] () وسائل الشيعة، باب 6 من أبواب الوقوف ح 1.

[5] () وسائل الشيعة ج 12 باب 4 من أبواب ما يكتسب به ح1.

[6] النور: 30-31.

[7] () العروة الوثقى 2 / 585 ، كتاب النكاح / مسألة 50 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo