< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/05/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجية العام المخصص في الباقي

استثناءات القاعدة:

الثاني: إذا كانت الشبهة المصداقية هي بنفسها شبهة حكمية لا موضوعية، بحيث كان المخصص حكما تشريعياً راجعاً إلى الشارع نفسه كما إذا دل الدليل على أن كل ماء طاهر مطهر كقوله تعالى: «وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا»[1] مع العلم أن كل الماء هو من السماء. (سواء كانت قضية خارجية «المياه في الخارج» أو حقيقية «جميع أنواع المياه الموجودة حالا وغير الموجودة») ثم علمنا بمخصص منفصل أن الماء النجس لا يطهِّر (من باب أن فاقد الشيء لا يعطيه ـ فالمخصص هنا عقلي وليس لفظي ـ ) ثم شككنا في ماء خارجي أنه نجس أم لا؟ فالشبهة هنا مصداقية فإنا نعلم بمفهوم الطاهر وكذا مفهوم النجس لكن شككنا في دخول هذا الفرد الخارجي في أي من الأمرين.

 فهنا بما أن المخصِص حكمه يرجع فيه إلى الشارع فيمكن للمولى أن يتعهد بإحراز طهارة الماء في القضية الخارجية والحقيقية ما لم يعلم بنجاسة الماء، فيتمسك في الماء المشكوك بالعام ولكن بشرط أن لا يفهم عدم تعهد المولى لإحراز طهارة كل ماء إلا ما علم نجاسته، وان لا يعلم بوجود ماء طاهر لا يطهِّر، فحينئذٍ يفهم أن العام (مطهرية كل ماء إلا النجس) قد تكفل الشارع إحرازها ففي المشكوك يتمسك بالعام.

الثالث: نسب إلى الشيخ الأنصاري ـ قدس سره ـ أن المخصص إذا كان لبّيّاً، فيجوز التمسك بالعام في شبهته المصداقية، وبما أن المخصِص اللبي هو المقطوع والمتيقن فيختص بالفرد الواضح اليقيني، وحينئذٍ يكون المشكوك غير متيقن دخوله في الدليل اللبّي «الخاص» فلا يشمله الدليل اللبي، فيكون مشمولاً للعام بخلاف المخصِص اللفظي لأنه يجعل ظهور العام مصنفاً إلى قسمين، فالفرد المشكوك لا يعلم دخوله تحت صنف العام أو صنف الخاص فلا يشمله العام الحجة.

أقول: إن هذا راجع إلى ما ذكر من الاستثناءين من كون المخصِص ليس لفظياً فإمّا أن يكون من باب الدليل العقلي أو الذوقي، ولكن نحتاج مع هذا إلى ظهور تعهد المولى بوجود العام في جميع الأفراد إلا ما علم خروجه بالتخصيص وهذا الظهور متوقف على عدم فهم عدم تعهد المولى لذلك وان لا نعلم بفقدان العام في بعض الأفراد منه غير المعلومة الخروج, فحينئذٍ يمكن التمسك بالعام في الفرد المشكوك دخوله تحت الخاص لظهور شمول العام له والظهور حجة.

الرابع: يمكن إحراز دخول الفرد المشتبه في أفراد العام بإجراء الأصل في العدم الأزلي وذلك فيما إذا كان المخصِص ذات عنوانٍ وجودي و موجباً لتقييد موضوع العام بعدمه كما إذا دل الدليل على انفعال (كل ماء) بملاقاته للنجس «عام» وَوَرَدَ دليل على عدم انفعال الماء الكر بالنجاسة «خاص» فهو يقيّد الدليل الأول «كل ماء ينفعل بملاقاة النجاسة» بعدم كون الماء كراً، فإذا شككنا في ماء خارجي أنه كرّ أو ليس بكر؟ فالصحيح أنه لا مانع من الرجوع إلى العام باستصحاب العدم الأزلي لإثبات عدم كريّته. لأن الموضوع في العام مركب من أمرين:

 أحدهما: عنوان وجودي وهو عنوان الماء.

 والثاني: عنوان عدمي وهو عدم كونه كراً.

 والأول «عنوان الماء» محرز بالوجدان والثاني «عدم كونه كراً» محرز بالتعبد أي باستصحاب العدم الأزلي, فثبت مفهوم العام وبهذا يندرج الماء المشكوك كريّته تحت العام ويثبت انفعاله بمجرد ملاقاته للنجس.

[1] الفرقان: 48.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo