< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/05/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجية العام المخصص في الباقي

 تقدم القول بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

إلا أنه يوجد قول آخر بعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية مع كون المخصص منفصلا ودائرا بين الأقل والأكثر، وتوضيح ذلك: أن المخصِص لما كان حجة أقوى من العام فإنه يوجب قصر حكم العام على باقي أفراد العام ويرفع العام عن الحجية في بعض مدلوله فيجعله حجة في غير أفراد الخاص، والفرد المشكوك (وهو الفقير المشكوك فسقه) يكون مردداً بين دخوله فيما كان العام حجة فيه وبين خروجه عنه ودخوله فيما كان الخاص حجة فيه، نعم العام منطبق على هذا الفرد المشكوك لكن منطبق عليه لا بما هو حجة لمجيء الخاص ، إذن لا دليل على جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لمخصصه حيث إن مجيء الخاص قد أوجد عندنا حجتين معلومتين حسب الفرض: أحدهما العام، وهو حجة فيما عدا الخاص (الفقير العادل). وثانيهما: المخصِص، وهو حجة في مدلوله (الفقير الفاسق), والفرد المشتبه (الفقير المشكوك فسقه) مردد دخوله في الحجة الأولى أو الثانية فلا تشمله الحجة الأولى ولا الثانية.

وبعبارة أخرى: العام يستحيل أن يشمل المائة بما أنّه حجة فيهم, ثم يأتي حكم مضاد لبعض أفراده, فعند مجيئه بالخاص يعلم عدم إرادة العموم في جميع الأفراد «المائة» فلابد من رفع اليد عن أحدهما وبما أنّ الخاص أظهر فيرفع اليد عن عموم العام بالنسبة إلى الفرد المردد, فلا يدخل الفرد المشكوك تحت العام ولا تحت الخاص, فلا يتمسك بالعام فيه.

وبهذا حصل الفرق بين ما نحن فيه وبين الشبهة المفهومية في المخصص المنفصل عند الدوران بين الأقل والأكثر حيث قلنا بالتمسك بالعام فيه، فان الخاص في الشبهة المفهومية ليس حجةً إلّا في الأقل «مرتكب الصغيرة والكبيرة»، والزائد المشكوك «مرتكب خصوص الصغيرة» ليس مشكوك الدخول فيما كان الخاص معلوم الحجية فيه، بل الخاص «لا تكرم فساق العلماء» مشكوك أنه جُعل حجة في المشكوك «مرتكب خصوص الصغيرة» أم لا؟ فأصبح مشكوك الحجية, ومشكوك الحجية يساوق عدمها، لأن قوام الحجية بالعلم وحينئذٍ لم يبق إلا العام الذي هو حجة إلا فيما كان الخاص حجة فيه والخاص حجة في الأقل أمّ الأكثر فيشك في حجيته فيه، ولهذا فلا يكون الأكثر مردداً بين دخوله في تلك الحجة أو هذه الحجة, بخلاف ما نحن فيه, فإن فيها حجتان حجة للعام وحجة للخاص, والفرد المشكوك ليس بحجة لا في العام ولا في الخاص.

استثناءات: يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لمخصصه في موارد:

الأول: أن تكون القضية المجعولة خارجية (أي أن موضوع العام أفراد محققة الوجود متعينة بالفعل في الخارج, والتخصيص عقلي أو استفيد من ذوق الشارع « كما لو قال: أكرم العلماء فالعموم هنا يخصص بمخصص مستفاد من ذوق الشارع فإنّ ذوقه لا ينسجم مع إكرام علماء الموسيقى مثلاً فيعلم خروجهم بهذا التخصيص المستفاد من ذوقه») فهنا يعقل للمولى أن يتصدى بنفسه لضمان وجود العام في تمام الأفراد ما عدا المخصص, فيدخُل الفرد المشكوك في العموم وهذا يتم بشرطين:

 1ـ أن لا يُفهم من دليل التخصيص «الدليل العقلي أو الذوقي» أن المولى لا يتعهد بوجود ذلك العام في تمام الأفراد وأنه قد أوكل وجود المخصِص إلى المكلف كما يفهم ذلك من أدلة التخصيص اللفظية, أو قل أن يفهم من دليل التخصيص إمكان تعهد المولى بوجود العام في جميع الأفراد دون المخصص.

 2ـ أن لا يثبت من الخارج إيجاد بعض أفراد العام للتخصيص.

 مثال ذلك: ما ورد عن الأئمة (عليهم السلام) أنهم قالوا: لعن الله بني أمية قاطبة، فهذه القضية خارجية ظاهراً «فتثبت اللعنة لبني أمية الموجدين خارجاً في ذلك الزمان فقط»، ولم يثبت بمخصص لفظي أن المراد غير المؤمنين من بني أمية حتى يفهم أن المولى قد أوكل ذلك إلى المكلف.

 بل ثبت المخصص بحكم العقل «لعن المؤمن قبيح»، أو استفيد من ذوق الشارع «فإنّ ذوقه لا يقبل بلعن المؤمنين» بأن الحكم مختص بغير المؤمنين منهم، فهنا يجوز التمسك بالعموم لتجويز لعن كل أموي ولو شك في إيمانه، لأن الخطاب ظاهر في العموم، والقيد بإخراج المؤمن لم يكن لفظياً، بل هو عقلي أو استفيد من ذوق الشارع، فهو «إخراج المؤمن» قد أخذ في الملاك، فيفهم أن الحكم العام المقيّد بغير المؤمن من بني أمية قد تكفله الشارع، و بما أنه لم يوجد من بني أمية فرد مؤمن بالإمامة في الخارج في ذلك الزمان، فيمكن التمسك بالعموم في الفرد المشكوك لجواز لعنه.

 فبهذين الشرطين يحصل ظهور في أن المولى قد تصدى لضمان عدم المخصِص في القضية الخارجية العامة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo