< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مقتضى النهي ترك جميع افراد الطبيعة

كنا نتكلم في قاعدة مقتضى النهي ترك جميع افراد الطبيعة، فالمنهي عنه له افراد طولية وعرضية والقاعدة تقول انه اذا نهينا عن طبيعة ما فالمراد هو ترك جميع افرادها الطولية والعرضية، اذاً هناك حرمات متعددة في النهي وزواجر وروادع متعددة لافراد الطبيعة فالنهي ظاهره نهي واحد لكن بالحقيقة نواهي متعددة بعدد افراد الطبيعة، بخلاف من يقول ان في النهي حرمة واحدة كالوجوب المستفاد من الامر لايوجد الاّ وجوب واحد.

فهناك قولان اذا نهينا عن الطبيعة فهل هناك نهي واحد كالامر اذا كان على شيئ يوجد وجوب واحد هذا قول وهو باطل او ان النهي عن الطبيعة يقتضي ان يكون هناك نواهي متعددة بعدد افراد الطبيعة، فالصحيح هو الثاني وهو ان النهي عن الطبيعة يقتضي وجود نواهي متعددة ومنحلّة بعدد افراد الطبيعة، وحينئذ يكون خلاف كبير بين الاوامر والنواهي فالاوامر تريد ايجاد طبيعة ووجوب واحد، اما النواهي فحرمات متعددة كل نهي يحمل حرمات متعددة بعدد افراد الطبيعة في الخارج.

هنا ياتي اشكال وهو انه كيف اصبح متعلق الامر وجوب واحد وفرد واحد ومتعلق النهي حرمات متعددة مع ان الاطلاق في الاوامر والنواهي واحد؟

قلنا ان صاحب الكفاية اجاب بجواب تبعا لغيره ايضا بان الطبيعة توجد بفرد واحد بينما لا تعدم الطبيعة الا بانعدام جميع الافراد، يعني ان الفرق في وضع الصيغتين (صيغة الامر وصيغة النهي) فان صيغة الامر تستدعي انها توجد باول الافراد وصيغة النهي لا تعدم الا بانعدام جميع الافراد فالاختلاف والفرق في وضع ودلالة الصيغتين، وقد اجابه السيد الخوئي كما تقدم فقال ان هذا كلام شعري فالطبيعة لها وجودات بعدد افرادها سواء كانت طبيعة الصلاة فان لها افراد كالصلاة في المسجد والحرم والبيت وغير ذلك من الافراد فان طبيعة الامر لها وجودات بعدد افرادها، فلما يقول (صلي) فاذا صلينا في البيت اوجدنا الطبيعة ولا تصدق طبيعة الصلاة اذا لم نصليها في المسجد وكان بامكاننا الصلاة في المسجد فان الطبيعة قد انعدمت، ففي صورة الامر يصدق وجود الطبيعة باعتبار وجودها في ضمن الفرد الموجود، ويصدق انها معدومة في ضمن الذي لم يتحقق كذالك الكلام في النهي بلا كلام، فترك احد افراد المنهي عنه يعني اعدم الطبيعة واذا شرب الخمر غدا فانه اوجد الطبيعة، فلماذا يقال ان الطبيعة توجد باول الافراد ولا تعدم الا بانعدام جميع الافراد فالطبيعة لا وجود لها الا بوجود الافراد، فالامر قد اوجد الطبيعة في مكان ولا اوجدها في مكان آخر، بالنسبة الى شرب الخمر فاشرب في يوم ولا اشرب في يوم فتبطل هذه الدعوى التي تقول توجد الطبيعة باول الوجودات ولا تعدم الا بانعدام جميع الافراد بل الطبيعة توجد اذا وجد فردها وتعدم اذا عدم فردها سواء كانت الطبيعة مامور بها اومنهي عنها، فالنهي عن التدخين في الصوم لو شرب في اليوم الاول فقد وجد المنهي عنه واذا لم يشرب في اليوم الثاني فانه يأتي بالمنهي عنه.

السيد الشهيد قال في الجواب: ان النكتة التي اوجدت الفرق بين الامر والنهي فالنهي هو نواهي متعددة بعدد افراد الطبيعة بينما الامر هو امر واحد فنشعر بوجود فرق، ولكن من اين جاء هذا الفرق؟، فيقول ان الفرق بين اطلاق الامر واطلاق النهي هو ان الشمولية في النهي والبدلية في الامر تارة تكون في العمومات مثل(اكرم كل عالم) فالشمولية فهمناها من كلمة (كل)، وتارة يقول (اكرم أي عالم) فالبدلية عرفناها من كلمة (أي)، ولكن الكلام في الاطلاقات مثل(صلي) و (لاتكذب) فلماذ هنا صلي صارت بدلية مع انه لاتوجد (اي)، وان (لاتكذب) شمولية لكل كذب مع انه لا يوجد(كل)، فالكلام في الاطلاق لا في العموم، اما في المطلقات فان المطلق لايثبت الاّ ان موضوع الحكم هو الطبيعة بما هي فانية في الافراد ولا تكذب ايضا موضوع النهي هي الطبيعة الفانية في الافراد، ففي الاطلاقات الاطلاق لا يثبت الا ان موضوع الحكم هو الطبيعة فالشمولية والبدلية نستفيدها من تطبيق الحكم، فالحكم تارة لاينطبق على جميع الافراد فهو بدلي وتارة قابل للانطباق على جميع الافراد فهو شمولي فالفرق بين ان الاوامر بدلية والنواهي شمولية هو في تطبيق الحكم ففي الاوامر يكون تطبيق الحكم غير قابل على جميع الافراد فهو بدلي وفي النهي يكون تطبيق الحكم قابل للانطباق على جميع الافراد فهو شمولي (لامن الدلالة لأن دلالة الامر هي دلالة النهي وهي امر بالطبيعة بما هي فانية في الافراد فالشمولية والبدليلة في الاطلاق لا نستفيدها من الدلالة ولا نستفيدها من الاطلاق)، ففي النواهي (لا تشرب الخمر) يوجد حكم ومتعلق وموضوع اي يحرم شرب الخمر فالشارب متعلق والخمر هو الموضع فالحكم له متعلق وله موضوع وكذلك في الاوامر فعندما يقول(صلي) اي تجب الصلاة عليك، فيجب هو الحكم،والصلاة هو المتعلق، والموضوع هو عليك، فالموضوع تارة يفرض مفروغا عن وجوده بخلاف المتعلق فان المتعلق يراد ايجاده، والموضوع يفرض مفروغا عن وجوده اما المتعلق فيراد ايجاده، والموضوع ينطبق على جميع الافراد في الخارج وينطبق الموضوع المفروغ عن وجوده في المرتبة السابقة ويستتبع انطباق الحكم على جميع المصاديق له فالحكم يتعدد لان الموضوع مفروض الوجود قبل الحكم فالحكم يتعدد بتعدد المواضيع اما المتعلق فيراد ايجاده (يحرم شرب الخمر) بالنسبة للشرب هو متعلق وبالنسبة للخمر هو موضوع فالموضوع مفروض الوجود فالحكم بالنسبة للموضوع يتعدد لانه مفروض الوجود قبل الحكم، اما المتعلق فيراد النهي عنه، اذاً في مورد النهي عندما يقول لا تكذب اي يحرم الكذب عليك فالحكم يتعدد، اما المتعلق فهو يراد ايجاده، اذا بالنسبة للموضوع بما انه مفروض الوجود فيتعدد الحكم بتعدد افراد ذلك الموضوع كما هو شأن القضية الشرطية، فاكرام العالم اذا رجع الى قولنا ان كان هناك عالم مفروض الوجود فالحكم متعدد لان الموضوع متعدد ومفروض الوجود قبل الحكم، اما في طرف المتعلق وهو الاكرام فالقاعدة تقتضي العكس لان المتعلق لم يفرض وجوده بل يراد ايجاده اذا لا داعي لتعدده، فالنتيجة ان الآمر عندما يقول صلي اي تجب الصلاة على المكلف اي ان الصلاة يراد ايجادها فلما يراد ايجادها فلا داعي للتعدد لانها ليست مفروضة الوجود اما الموضوع فهو مفروض الوجود، فتطبيق الحكم على الخارج تارة هو موضوع فهو مفروض الوجود، اما اذا كان المتعلق غير مفروض الوجود فلا داعي لتعدده فعندما يقول صلي فهو يعني وجوب الصلاة وهذا متعلق والمتعلق ليس مفروض ولا مفروغ الوجود فلا داعي لتعدده، وهذا بخلاف ما اذا قال لاتشرب الخمر فالخمر مفروض الوجود فالحكم يتعدد بقدر الافراد، وهذه هي النكتة ففي النواهي الحكم ينصب على الموضوع وبما ان الموضوع متعدد فالحكم ايضا يكون متعددا وفي الاوامر الحكم ينصب على المتعلق فلا داعي لتعدده لان المتعلق لم يفرض وجوده بل يراد ايجاده فلا داعي للتعدد، وهذه النكتة التي أشار اليها السيد الشهيد.

ثم يقول السيد الشهيد(قده) هناك استثنائان:

الاول: اذا كان الموضوع فروض الوجود فلابد ان يتعدد الحكم بتعدد الموضوع بينما هنا لا يتعدد، فالاطلاق في الموضوع شمولي لان الموضوع مفروض الوجود، الاّ اذ كان الموضوع منوّنا فيكون بدليا من جهة تنوين التنكرين الذي يكون ظاهرا في اخذ قيد الوحدة ولا يكون شموليا.

نحن نقول ان هذا الاستثناء بهذا العنوان غير صحيح، لاننا ندعي ان التنوين الدال على الوحدة وهو تنوين التنكير لاينافي الشمولية فان تنوين التنكير يدخل على موضوع النهي (لاتكرم عالما) اي يحرم اكرام العالم فان التنوين أفادنا الشمولية هنا فكيف نقول ان تنوين التنكير لايفيد الشمولية بل ان تنوين التنكير عندما يدخل على موضوع النهي فهو بلا اشكال شمولي، فكيف نقول ان تنوين التنكير اذا دخل على الموضوع يفيد البدلية فان تنوين التنكير يدخل على موضوع الامر والنهي وفي النهي لا يفيد البدلية بل يفد الشمولية، فلابد من البحث عن العلة ففي (اكرم عالما) صارت بدلية، وفي (لاتكرم العالم) صارت شمولية فليست العلة في البدلية هو تنوين التنكير فلو كانت العلة في البدلية تنوين التنكير لكانت في كلا الموردين فالتنوين ليس هو علة الوحدة وعدم الشمولية.

ولو قيل بان الشمولية هنا في (لاتكرم عالما) جائت من قرآئن اخرى غلبت نشوء النهي عن مفسدة وغلبت كون المفسدة انحلالية بعدد الافراد هو الذي استفدنا منه الشمولية لا من التنوين بل من غلبة نشوء النهي عن مفسدة وغلبة كون المفسدة انحلالية بعدد الافراد فهذا الذي استفدنا منه الشمولية وليست من التنوين، او يقال ان المطلوب عندما كان اعدام ( اكرم عالم) فانه لا يتحقق الا بترك اكرام كل عالم عقلا حينئذ نقول اذا كان التنوين في موضوع الامر قد اخذ مفروض الوجود فلو قال ان رايت (عالما فاكرمه) فهذا يدل على الشمول وهو موضوع الأمر، اذا التنوين الدال على الوحدة لا ينافي الشمولية .

والجواب ان (اكرم عالما) هو موضوع ولكنه بحسب اللب ليس موضوعا مفروض الوجود بل هو قيد في متعلق الامر ولم يؤخذ مفروض الوجود، فالنتيجة ان القيد اذا رجع الى متعلق الامر فلا ينحل الحكم وان كان القيد بحسب اللفظ موضوعا، لكن هذا القيد راجع الى متلق الأمر، اذا هذا الذي ذكرنه السيد الشهيد الصدر من ان التنون يمنع من الانحلال فهذا ليس استثناء بل الاستثناء شيئ آخر وهو اذا لم يؤخد الموضوع مفروض الوجود كما لو كان قيدا فلا يدل الموضوع عى الشمولية، فالحكم ينحل ويتعدد ويصير شموليا، فنغير الاستثناء ونقول اذا كان الموضوع في الواقع قيدا للمتعلق فلا يفيد الشمولية.

بقي استثناء آخر ذكره السيد الشيد ياتي انشاء الله.ذ

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo