< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/02/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الواجب الكفائي.

الكلام في قاعدة الواجب الكفائي، وتوضيحها:

في بيان حقيقة الواجب الكفائي فكما تكلمنا في حقيقة الواجب التخييري الشرعي ثم تكلمنا في حقيقة الأقل والاكثر، هنا تكلم الاصوليون في حقيقة الواجب كفائي، فقد فسر الواجب الكفائي بانه واجب يجوز للمكلف تركه لو فعله الاخر، وهو مقابل للواجب العيني الذي يتوجه الى المكلف ولا يسقط بامتثال الآخر ، فهو واجب يجوز للمكلف تركه لو فعله الاخر فهو يقابل الواجب العيني الذي يتوجه الى المكلف ولا يجوز تركه ولا يسقط بامثال الاخر.

يرد على هذا التفسير الاشكال المتقدم في الواجب التخييري الذي هو عبارة عن ما يشبه التناقض من الوجوب للشيئ وجواز تركه، اشكلنا في الوجوب التخييري الشرعي بهذا الاشكال انه واجب ويجوز تركه الى الغير واشكلنا في التخييري بين الاقل والاكثر بهذا الاشكال فكيف هذا واجب الاقل ويجوز تركه الى الاكثر فاشكلنا ودفعنا الاشكال بفرضيات متعددة، هنا ايضا اشكل وهو انه كيف يجب الواجب الكفائي ويجوز تركه لو فعله آخر، هناك نظريات متعددة تفسر هذا الوجوب بتفسير آخر لايرد عليه هذا الاشكال.

الاول: تفسير صاحب الكفاية (قده)، وهو ان الوجوب متعلق بجميع المكلفين بحيث يكون الوجوب متعلق بكل واحد من المكلفين، فهناك وجوبات عديدة بعدد المكلفين، يعني ان دفن الميت يجب على الجميع ولو اخلّ بامتثاله الكل ولم يدفن الميت لعوقب على مخالفته جميعا ويسقط التكليف عن الجميع لو اتى به بعضهم، اذاً الوجوب متعلق بجميع المكلفين، فسقوط التكليف لاجل انتفاء الموضوع فلا اشكال على صاحب الكفاية.

الثاني: ماذكره السيد البروجردي (قده) يقول: لا يكون عندنا للواجب الكفائي الاّ طرف واحد وهو المكلف به المتعلق به الايجاب (يجب دفن الميت) من دون ان يلحظ المكلفون وانما يلحظ الواجب، فالواجب الكفائي ليس له الاّ طرف واحد، اما المكلف فلم يلحظ ففي الواجب الكفائي لحظ المكلف به وهو ايجاب الدفن.

الثالث: ماذكره السيد الخوئي (قده) يقول: الواجب الكفائي هو الذي يجب على احد المكلفين لا بعينه المنطبق على فرد فرد من الاشخاص، وهو وجوب متعلق لمجموع المكلفين وهذا ضد صاحب الكفاية حيث قال بوجوبه على كل المكلفين لكن لو أتى به احدهم سقط .

نريد ان نرى اي التفاسير هو الصحيح ، فلابد ان نرجع الى الوجوب الكفائي ونرى خصائصه ونطبقه على النظريات الثلاثه.

خصائص الوجوب الكفائي ثلاثة:

اولا: لو ترك الوجوب الكفائي جميع المكلفين فالكل مستحق للعقاب.

ثانيا: لو فعله بعضهم سقط عن الآخرين.

ثالثا: لو فعله الجميع دفعة واحدة او تدريجا فالكل يعتبر امثالا اذا كان الفعل قابلا للتكرار مثل الصلاة على الميت، اما دفن الميت فهو غير قابل للتكرار.

نأتي الى نظرية صاحب الكفاية التي تفترض وجوبات متعددة بعدد المكلفين، ونظيف اليها شيئا وهو ان الوجوب على المكلفين ليس هو صدور الفعل من كل واحد منهم وانما الوجوب هو جامع الفعل، هذا الجامع الصادر من هذا او من غيره، فيكون الواجب حصول الفعل خارجا، اذاً بهذا التكميل تكون نظرية صاحب الكفاية شاملة لخصائص الوجوب الكفائي، لانه لو تركه الجميع لعوقبوا وهذه الخصيصة الاولى، لكن لايريد صدورالفعل من كل واحد بل يريد الجامع بين فعله وفعل غيره وهو امر مقدور، اذا يجوز ان اكلف بالجامع لكون صدور الفعل مقدورا فالتكليف مقدور، ثم انه لو فعل التكليف احدهم سقط عن الاخرين لان الملاك تحقق الغرض وهو صدور الفعل فبفعل الغير يتحقق الغرض ومعه فيسقط التكليف، وهكذا لوفعل الجميع هذا الفعل فان الامتثال يحصل، اذا خصائص الوجوب الكفائي متوفرة على نظرية صاحب الكفاية بعد التتميم.

اما نظرية السيد البروجردي فهي معقولة بحسب عالم الحب، ومبادئ الحكم معقولة فانه يعقل ان يتعلق حب في شيئ من دون دخالة صدوره من مكلف، فالمولى يحب ان يشرب الماء لكن لا يكلف احد الحاضرين فهنا فقط يوجد مكلف به وهو شرب الماء لكن لا يوجد مكلف فالمراد الطبيعة المطلقة غير المقيدة من صدورها من شخص معين اما في عالم التكليف الذي نحن بصدده فالتكليف تحريك والتحريك يستلزم المتحرك فلابد من التكليف والوجوب، فنظرية السيدالبروجردي صحيحة في عالم الحب والملاك لا في عالم التكليف لان التكليف يستلزم التحريك وهو يستلزم المتحرك.

واما نظرية السيد الخوئي فهي غير تامّة، لان هذه النظرية تقول بالوجوب على المكلفين بنحو العموم المجوعي، فماذا يريد بمجوع المكلفين، فان اراد تنظير الوجوب الكفائي بما اذا كلّف عشرة برفع حجر ثقيل فهو تكليف واحد على المجوع وهم العشرة فالواجب الكفائي مثل هذا، فان كان قصده مثل هذا فيرد عليه ان بعض الواجبات الكفائية فلا يعقل ان تصدر من الجميع، على ان الواجب الكفائي يختلف عن الوجوب المجموعي على العشرة فهنا الوجوبات عليهم للمشاركة لالرفع الحجر فالوجوب انصب على المشاركة لرفع الحجر، فان متعلق التكليف هو المشاركة في الرفع، ولهذا تحصل امتثالات متعددة وعصيان متعدد، واذا اراد من ان الوجوب الكفائي هو وجوب على المجموع، اراد ان جميع المكلفين يعتبرون مكلف واحد بوحدة اعتبارية بحيث يكون امتثال واحد وعصيان واحد، فلو فعل المكلف به احدهم فكأن المجموع قد صدر منه الفعل نظيرالمكلف الذي قد يحرك الحجر برجله وقد يحركه بيده، فلوحركه برجله او يده فيعتبر هو محرك للحجر مع ان الرجل اواليد هي التي حرّكت الحجر، فهنا يعتبر ان مجموع المكلفين واحدا بوحدة اعتبارية بحيث يعتبر امتثال واحد وعصيان واحد فكان المجموع قد صدر منهم الفعل فهذا ايضا باطل، لان الوحدة الاعتبارية تتعقل في طرف متعلق التكليف اي المكلف به، مثل الصلاة التي هي مركبة فتكون لها وحدة اعتبارية، اما جانب المكلف فالمكلف حقيقة كل فرد فرد لا مجموع المكلفين الذي هو واحد اعتبارا، فلا يعقل افتراض امتثال واحد وعصيان واحد للمجموع، اذا نظرية السيد الخوئي باطلة. فخصائص الوجوب الكفائي التي هي ثلاثة لوتركها الجميع يستحق العقاب ولو فعله البعض سقط عن الاخرين ولو فعله الجميع دفعة واحدة في صورة امكانه او تدريجا، فالوجوب الكفائي ينطبق على نظرية صاحب الكفاية وعلى نظرية السيد البروجردي في عالم الملاك والحب لا في عالم التكليف.

تطبيقات الوجوب الكفائي

قال صاحب الجواهر في غسل الميت: وهو فرض على الكفاية بمعنى سقوطه بقيام البعض، والعقاب للجميع مع الاخلال بلاخلاف بين اهل العلم كما في المنتهى وكذا تكفينه ودفنه باجماع العلماء، وقد ذكر خصيصتين فقط ولم يذكر الخصيصة الثالثة وهي لو فعله الجميع دفعة واحدة او تدريجا لم يذكره صاحب الجواهر ولكن واضح ان الواجب الكفائي كالصلاة على الميت يعد امتثالا.

هناك تطبيق، بعض العلماء ذهب الى انه واجب عيني وبعض قال انه واجب كفائي، وهو وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، هنا يقول في الجواهر: اختلف الفقهاء(قده) في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من حيث العينية والكفائية على قولين، قال المحقق الحلي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان اجماعا و وجوبهما على الكفاية يسقط من قيام من فيه الكفاية وقيل بل على الاعيان وهو الاشبه، وقال الشهيد الثاني في شرح المسالك ما اختاره المصنف من وجوبه على الاعيان هو مذهب الشيخ الطوسي وتبعه جماعة من المتاخرين عملا بعموم الايات والاحاديث، واقوى القولين الاول وهو الوجوب الكفائي لقوله تعالى (ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) ولأن الغرض الشرعي وقوع المعروف وارتفاع المنكر ولا يتعلق الغرض بمباشر معين والعمومات غير منافية للواجب الكفائي لان الواجب الكفائي يخاطب به جميع المكلفين كالواجب العيني، فهذا يقول ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كفائي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo