< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/01/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التخيير الشرعي في الواجب.

كان الكلام حول الوجوب التخييري الشرعي لقاعدة التخيير الشرعي الذي يسمى بالوجوب التخييري الشرعي، فعندما يقول الشارع (يجب عليك عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا) فقد سجل اشكال على تصوير التخيير الشرعي، الذي قالوا هو عبارة عن وجوب شيئ مع جواز تركة الى غيره فان الوجوب لاينسجم مع جواز الترك، فكيف يفسر الوجوب التخييرى الشرعي بهذا التفسير الذي هو شبيه بالتناقض أو هو تناقض، هذا الاشكال الذي سجله الشهيد الصدر على تفسير الوجوب التخييري الشرعي لان وجوب الشيئ يستبطن عدم جواز تركه مع انه فرض جواز الترك وهذا تناقض.

وقد ذكرت عدة فرضيات لحل هذا الاشكال

الفرضية الاولى: قالوا ان الواجب التخييري ليس هو وجوب شيئ وجواز تركه الى غيره، بل التفسير الصحيح هو الوجوب التخييري الشرعي هو عبارة عن ايجاد فرد يختاره المكلف من البدائل، فما سوف يختاره المكلف من البدائل خارجا وواقعا يكون هو الواجب على المكلف تعيينا دون غيره، وبهذا الجواب أرادوا ارجاع الوجوب التخييري الشرعي الى الوجوب التعييني، فالواجب ما يختاره المكلف واقعا وخارجا، فلا يرد الاشكال، بمعنى ان هذا الجواب يقول: لا فرق بين التخيير العقلي والشرعي فان التخييرالعقلي يتعلق بالجامع (صلي) وانت مخير بين افراد الصلاة في اي مكان او في اي ساعة، فالتخيير العقلي هو ان الواجب كلي وانت مخيير بين افراده، فكذالك الوجوب التخييري الشرعي التعلق يكون دائما بالجامع، ولكنه يسري الى الافراد فيتعلق الوجوب بكل فرد بنحو مشروط بانتفاء الحصص الاخرى، فعندما يقول (صلي) اي صلي في الساعة الثالثة اذا تركت الصلاة في الساعة الثانية وهكذا فالوجوب التخييري العقلي هو عبارة عن واجبات مشروطة فكذلك هنا (اعتق ان تركت الاطعام والصوم او صم ان تركت العتق والاطعام) فصار التخيير الشرعي كالتخيير العقلي فكما ان التخيير العقلي واجب معين فكذا التخيير الشرعي، فالاشكال ارتفع باعتبار ان الواجب التخييري هو ما يختاره المكلف وهو معين في الخارج والواقع فارجع الوجوب التخييري الشرعي الى العقلي، فهذا الجواب يحل الاشكال لان الاشكال متمركز على تفسير الواجب الشرعي، فنقول ان الواجب التخييري الشرعي هو هذا واجب اذا تركت البقية فلا تناقض.

وقد اشكلوا على هذه الفرضية: لو اريد ان الواجب مايختاره المكلف اي واقع ما يختاره بعنوانه الاولي، فاذا اختارالصوم فهذا هو الواجب ، فلو اريد مما يختاره المكلف واقع ما يختاره فهذا خلاف الوجدان عند العقلاء لان الواجب التخييري ليس واجبا واحداً، فبقولك الواجب ما يختاره المكلف واقعا وخارجا فهذا خلاف الواجب التخييري، واذا قلت نريد من الواجب وهو مايختاره المكلف واقعا وخارجا عنوان ما يختاره (فما يختاره يكون مقسم) وحينئذ ما يختاره يكون مصداقا للعنوان بنحو الموضوعية فان عنوان مايختاره له موضوعية وما سيختاره في الخارج مصداق لهذا العنوان، فما يختاره سيكون عنوان جامع بين البدائل مثل عنوان (احدها) كما يقول افعل أحد هذه الامور الثلاثة، فصار الوجوب التخييري الشرعي هو الجامع.

ولكن الافضل ان يقول المستشكل: الواجب جامع بين البدائل وهو عنوان (احدها) كما ان الصلاة لها عشرون مصداقا واحدها له مصاديق ثلاثة، فالاشكال لم يضرب الفرضية من الاساس ولكن قال ان عنوان مايختاره المكلف ليس العنوان الاولي الواقعي بل عنوان مايختاره بنحو الموضوعية وهذا العنوان له بدائل، فهذه فرضية مقبولة وقد حلّت الاشكال، فالواجب في خصال الكفارة عنوان (احدها) وهو ما يختاره المكلف له مصاديق، وهذه فرضية صحيحة.

الفرضية الثانية: وهي لصاحب الكفاية، يقول: ان الواجب التخييري نفسره بكونه وجوبين تعينيين على الفردين اي (صم ان لم تعتق واعتق ان لم تصم) فهو كل واجب تعيني مشروط بترك الاخر، وذلك لوجود التضاد بين الفعلين من ناحية الملاك التعييني في كل منهما، وهذا التضاد اوجب ان يامر الشارع بكل واحد مشروط بعدم الآخر، فيقول ان الواجب التخييري عبارة عن وجوبين تعينيين على العدلين كل منهما مشروط بعدم الاتيان بالاخر لوجود التضاد في ملاك الفعلين، وفرقه عن الاول هو: في الجواب الاول قلنا ان التخير العقلي هو امر بالجامع مع تخيير بن الافراد بان تاتي بهذا ان لم تاتي بالبقية والتخيير الشرعي ايضا جعلناه تخيير عقلي فهناك قلنا ان التخيير الشرعي ارجعناه للتخيير العقلي فكل منهما يامر بالجامع، اما هذا الجواب فهو يقول ان التخيير العقلي هو امر بالجامع وهو الصلاة والتخيير الشرعي ليس امر بالجامع وانما التخيير الشرعي هو وجوبين تعينيين كل منها مشروط بترك الآخر للتضاد بين ملاكيهما، فأوجب ان يامر بهذا ان لم ياتي بذاك وبذاك ان لم ياتي بهذا وهذا ليس امرا بالجامع، فالفرق دقيق بين الفرضيتين وهما مشتركان في ان التخيير الشرعي مصادقه (صم ان لم تعتق واعتق ان لم تصم) لكن تارة هذا مصداق لعنوان مايختاره فصار الوجوب الشرعي كالعقلي، وتاره هو مامور به مامور بامرين تعينيين بشرط عدم الاخر، فكونه مامور بالعتق بشرط عدم الصوم ومامور بالصوم بشرط عدم العتق هذا موجود في كلا الفرضيتين، الاّ ان الفرق موجود بين الفرضيتين، فان الفرضية الاولى ارجعت التخيير الشرعي الى العقلي وقالت ان كل واحد يامر بالجامع والتخيير بين الافراد، والفرضية الثانية لم ترجع التخير الشرعي الى العقلي بكونه امر بالجامع بل ميّزت بينهما فالتخيير العقلي امر بالجامع مع تخيير بين المصاديق واما التخير الشرعي فهو وجوبين تعينيين على الفردين لكن كل واحد مشروط بترك الآخر ولا أمر بالجامع.

وقد اشكل السيد الخوئي على هذه الفرضية باشكالات متعددة، منها: هذه الفرضية خلاف ظاهر الامر التخييري الذي هو صم او اعتق او اطعم، ففي ظاهر عالم الاثبات دليل الوجوب التخييري هو خطاب واحد وهذه الفرضية جعلته خطابان، فهذا خلاف الظاهر.

والجواب: ان صاحب الكفاية يريد ان يصور فرضية عن الواجب التخييري ثبوتا، ولم يقل ان كل واجب تخييري هو وجوبين مشروطين، فهناك وجوب تخييري آخر وهو اذا دل الدليل على شيئ ودل دليل آخر على شيئ آخر وعلمنا ان المراد واحد، كما لو قالت الرواية ان كفارة الحج كف من طعام ورواية ثانية تقول ان كفارة الحج كف من تمر ونعلم ان المراد واحد باعتبار ان كفارة الحج واحدة لا اكثر، فنقول اعطي طعام ان لم تعطي تمر واعطي تمر ان لم تعطي طعام فصار وجوبا تخييريا، فوجوبين واجب تعيني وواجب تعيني آخر ونعلم ان المراد واحد فصار وجوب تخييري فهذه الفرضية تفسّر الوجوب التخييري، ففرضية صاحب الكفاية لامكان الوجوب التخيري ثبوتا لغير هذا المثال، ففرضية صاحب الكفاية أيضا مقبولة وقد أزالت الاشكال، وفرق هذه الفرضية عن الاولى انها لم ترجع التخيير الشرعي الى العقلي من كونه أمرا بالجامع، بل جعلت التخيير العقلي امر بالحامع والتخيير الشرعي وجوبين تعينيين مشروط كل منهما بعدم الاخر فهي فرضية مقبولة.

ويرد على هذه الفرضية: انها موقوفة على ان يكون بين الواجبات الشرعية التخييرية تضاد وجودي في الملاك، ولأجل تصحيح هذه الفرضية نقول اننا نفترض وجود التضاد ولذا امر الشارع بواحد على البدل فاذا اتيت بهذا فان الملاك غير موجود في غيره فموقوف على وجود التضاد الحقيقي الوجودي بين هذه الموارد الثلاثة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo