< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/01/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: قاعدة الأوامر والنواهي متعلقة بالطبائع دون الافراد.

قلنا ان المراد من الطبيعي ليس هو الطبيعي المصطلح في علم المنطق الكلي الطبيعي بل مطلق الكلي سواء كان طبيعيا او كان عقليا ، مالمقصود بهذه المسالة؟ ذكرنا شيئين ذكرهما العلماء انهما المقصود ورددناهما، الآن نذكر المقصود من هذه القاعدة.

نقول: المقصود من البحث هو ان الامر والنهي بحسب الجعل او بحسب الحب والبعض او بحسب التطبيق، هل الامر والنهي بحسب هذه الامور الثلاثة يسري الى الافراد بما لها من الضمائم، يريد الكلي بما هو فاني في الخارج مع ضمائم الخارج فهل يسري الامر بشيئ كلي بما هو فاني في الخارج يريده بما له من الضمائم فبحسب عالم الجعل او بحسب عالم الحب او بحسب عالم التطبيق على الخارج هل يسري هذا الجعل والحب والتطبيق الى الضمائم من مكان وزمان ولون وطول وعرض وغير ذلك، رغم ان الزمان والمكان والطول والعرض بالدقة هي عرضيات لماهيات اخرى كلية، فأمرني بالصلاة وجعل وجوب الصلاة عليّ او بحسب حبه للصلاة او بحسب التطبيق على الخارج، هنا حينما يجعل وجوب الصلاة يجعل هذا الوجوب يسري الى الفرد الخارجي بما له من مكان وزمان وطول وعرض مع ان هذه الضمائم هي ماهيات اخرى كلية، فحينما يجعل وجوب الصلاة وحينما يحبها وحينما يقول طبقها في الخارج أو قل بحسب الحب والبغض فقط، هذا الحب يسري الى ضمائم الماهية التي امرنا بها بما انها فانية في الخارج لان الصلاة محتاجة الى الضمائم الصلاة لاتوجد من دون زمان ومكان، فلو قال لنا شخص مثلا لايعقل جريان الجعل الى الضمائم بحسب التكليف والجعل وايضا بحسب التطبيق باعتبار ان تطبيق الصلاة التي امرنا بها على الخارج لا بد ان تقع مع المشخصات ، فنقول لا اقل بحسب روح التكليف وهو الحب فعندما يحب الصلاة يعني يحبها فهل الحب الى الصلاة يسري الى ضمائم الصلاة من مكان وزمان، وهل النهي عن الزنا يسري الى ضمائم الزنا من مكان وزمان معين أو لا؟ فاذا قلنا على الاقل بحسب الحب او بحسب الجعل والتكليف او بحسب التطبيق على الخارج فالامر بشيئ يسري الى وجوب الشيئ مع ضمائمه واذا احب شيئاً يريد ان يوجده في الخارج يسري هذا الحب الى الشيئ والضمائم واذا اراد منا ان نطبق شيئا على الخارج فارادته تسري الى الضمائم، فعلى هذا يكون الامر متعلقا بالفرد، وحينئذ تصح القاعدة ان الامر بشيئ يكون امراً بلوازمه، وهذا يعني ان الامر متعلق بالافراد، فالامر بالكلي الفاني في الخارج، جعل هذا الامر الكلي على عهدتنا بما انه فاني في الخارج وحبه، فهذا الجعل والحب والتطبيق على الخارج يسري الى الضمائم التي تنظم الى الصلاة فالامر بالشيئ امر بلوازمه.

وقد يقال ان التكليف والجعل والحب والتطبيق على الخارج يسري الى الافراد، لكنه بعيدا عن الضمائم فالامر يكون بالحصة من دون الضمائم، فلا يسري التكليف ولايسري الحب ولايسري التطبيق الى الضمائم، لان جعل التكليف تابع لملاكه والملاك هو ذات الطبيعة و ذات الصلاة، ولو فرضت الصلاة لا في مكان ولا في زمان، وملازمة المكان والزمان للطبيعة لا يوجب سريان الحب الاّ بناء على وحدة المتلازمين في الحكم وهذا امر باطل فان المتلازمين لا يجب ان يتلازما في الحكم، نعم المتلازمان لا يجوز ان يختلفا في الحكم اما انهما لابد ان يكون حكمهما واحد فهو باطل.

فالقول الثاني يقول ان الامر في الكلي بما هو فاني في الفرد لا يسري الحكم الى ضمائم الفرد، فالمامور به حصة واحدة وهي الصلاة والطبيعة ، ولو فرضت ان هذه الطبيعة لا توجد في مكان وزمان، امابحسب التطبيق فمطبق ماهية الصلاة الحصة لا الضمائم، اما هذه الضمائم فهي مطبق لماهية اخرى فلا معنى لسريان تطبيق ماهية الصلاة الى الضمائم، وكذا الحب فالمحبوب هو الحصة اما العوارض والضمائم قد تكون لماهية اخرى لامعنى لسريان المحبوبية اليها، كذالك النهي فالمنهي هو الحصة والطبيعة فذات الطبيعة منهي عنه اما ضمائم الزنا فليست منهي عنها ككونه في البيت او في مكان اخر، فالمبغوض هو الحصة دون الضمائم.

وعلى هذا فنقول ان الامر متعلق بالطبائع ولا يكون الامر بالشيئ امر بلوازمه، بل يلزم ان لا نحكم او لا تُحكم اللوازم بخلاف حكم الشيئ، وهذا هو المقصود من هذا البحث .

فاذا قلنا ان الامر بالكلي بما هو فاني عن الخارج يراد منه سريان الامر الى الخارج بما له من المشخصات من زمان ومكان وطول وعرض ولون حينئذ يكون الامر متعلقا بالافراد وتحيى تلك القاعدة ان الامر بالشيئ امر بلوازمه، اما اذا قلنا ان الامر بالكلي بما هو فاني في الخارج يسري هذا الامر الى الخارج والى الفرد لكن بعيدا عن الضمائم فالمجعول الحصة والضمائم ليست واجبة علينا ككونه في المسجد او البيت او في مكان آخر فالمحبوب هو الصلاة والضمائم لا يمكن ان تكون محبوبة والتطبيق في الخارج هو تطبيق الصلاة لا تطبيق الضمائم فتبطل القاعدة القائلة ان الامر بالشيئ امر بلوازمه.

اما الأثر العملي وتطبيقاته في الفقه

فنقول: ان الحرام لو كان في الكون في مكان مغصوب والواجب هو الصلاة وقلنا ان هذا الكون من عوارض ماهية الصلاة ومن عوارض ماهية المغصوب، اذاً عندنا حرام وهو الكون في المكان المغصوب وعندنا واجب وهو الصلاة، فالكون وهو ان يكون الانسان موجوداً هو من عوارض ماهية الصلاة ومن عوارض ماهية المغصوب وهو البيت، كالصلاة في المسجد فهو كون في المسجد، فبناء على تعلق الامر بالطبيعة لا الضمائم فان الغصب هو حرام اما الكون في المغصوب فهو ضميمة، فالصلاة هي المحبوبة اما كونها في المغصوب فهو ضميمة، فبناء على تعلق الامر بالطبائع اي بالفرد من دون الضمائم، اذاً لاباس ان يجتمع الامر والنهي ولا يلزم اجتماع الضدين على مصب واحد، فالحرام هو الكون في المكان المغصوب والواجب الصلاة فهذا الكون من عوارض ماهية الصلاة فليس هو محبوب فأن المحبو ب هو الصلاة، فعلية لايلزم اجتماع الضدين على مصب واحد.

اما اذا قلنا ان الامر متعلق بالفرد اي متعلق بايجاد الفرد مع ضمائمه، اذاً صار الكون في المكان والصلاة في المكان مصداقا للواجب وهو الامر والكون في المكان مصداقا للمغصوب المنهي عنه فيلزم اجتماع الامر والنهي على مصب واحد وهو محال، فاما ان يبقى الامر ولا نهي او يبقى النهي ولا امر لان اجتماع الامر والنهي محال، بعبارة اخرى لااشكال ان متعلق الطلب في الامر هو الوجود ومتعلق النهي هو الزجر ولازم الزجر طلب الترك، ولكن اختلفوا في ان متعلق طلب الوجود أو متعلق الترك هل هو الطبيعة المحظة التي ليس معها شيئ وهو الفرد فقط، أو ان متعلق الامر هو الفرد بما له من الضمائم والطبيعة بما لها من الضمائم والمشخصات والخصوصيات التي يكون بها الفرد فرداً، فاختلفوا في هذه فهل متعلق طلب الوجود او متعلق الترك هل هو الطبيعة المحظة التي ليس معها شيئ، أو ان المامور به والمنهي عنه هو الطبيعة المنظم اليها الخصوصيات والتشخصات التي يكون بها الفرد فرداً.

فعلى الاول يعني المتعلق هو الطبيعة المحظه فيقال ان الامر متعلق بالطبائع فيكون المطلوب امرا بسيطا المعرّاة من كل خصوصية ولا يسري الامر الى خصوصات الطبيعة وان كانت الخصوصيات الفردية لا تنفك في الخارج عن الطبيعة فهي لازم المطلوب.

وعلى الثاني بمعنى ان الاوامر يراد منها افراد المنظم اليه الخصوصيات فيكون الفرد مركبا من الطبيعة والخصوصيات المنظمة التي يكون بها الفرد فردا، ولكن الخصوصيات الفردية يكون طلبها تبعيا فالامر متعلق بالافراد.

استدل للأول وهو ان الامر متعلق بالطبيعة

أولاً: كما عن الكفاية بمراجعة الوجدان، فحينما تفرض شيئا لا غرض في مطلوباتك الاّ نفس الطبيعة والماهية ولا تنظر الى خصوصيات الماهية ان هذه الماهية كيف تحصل وكيف توجد، فالمولى تعالى عندما يطلي الصلاة فان غرضه الصلاة والطبيعة واما المكان والخصوصيات الخارجية التي لا تنفك عن الطبيعة فهي غير ملاحظة، كما في قولنا (اكرم عالما عادلا) فهنا ادخلنا خصوصية العدالة في العالم، اما اذا قال (اكرم عالما) فان خصوصيات العلم من كونه عادل او فاسق او عالم دين او غير ذلك فهذه غير ملاحظة، فاستدل صاحب الكفاية على ان الاوامر متعلقة بالطبائع بمراجعة الوجدان.

ثانياً: وقد استدل صاحب الفصول على ان الاوامر والنواهي متعلقة بالطبائع استدل بامرين:

اولاً: تبادر طلب وجود الطبيعة من الامر، وتبادر الانزجار من وجود الطبيعة من النهي.

ثانياً: ان مادة المشتقات مأخوذة من المصادر المجردة عن اللام والتنوين، وهي حقيقة في الطبيعة على ما نقل السكاكي اجماع اهل العربية عليه، وحينئذ يكون الامر والنهي متعلقا بالطبيعة، هذا ماذكره المحقق القمي

ثالثاً: السيد الخوئي استدل بدليل آخر، يقول الظاهر ان الامر متعلق بالطبائع دون الافراد، لان الامر مشتمل على مادّة مفادها الطبيعة فصلي مشتملة على مادة وعلى هيئة مفادها الطلب بالالتزام، ولا مقتضي على العدول عن ظاهر الامر.

استدل للثاني وهو ان الامر متعلقة بالأفراد

واما مااستدل به القائلون بان الاوامر والنواهي متعلقة بالافراد اي بالطبيعة مع ضمائمها :

استدلوا الى ان الطبيعة لا يمكن ان توجد لوحدها في الخارج، بل لابد لها من ضمائم، بخلاف الفرد فيتعلق الطلب بوجوده ولا يتعلق الطلب بالطبيعة فان الطبيعة لاتوجد لوحدها في الخارج.

لكن هذا الكلام باطل لان المراد من الطبيعة ليس الكلي، لان الكلي لايمكن ان يامر به المولي لوحده فيامر بالكلي بما انه فاني في الفرد فهو يريد الحصة الفردية من دون وجوب الضمائم، وهذا لا يمتنع وجوده في الخارج، فالمولى يريد الحصة التي نوجدها في الخارج لكن من دون الضمائم وان كانت لاتنفك عن الطبيعة، مضافا الى ان تعلق الأمر بالفرد الموجود في الخارج هو تحصيل حاصل فكيف تقول ان الامر متعلق بالفرد الخارجي مع ضمائمة، فان الفرد الخارجي مع ضمائمه لا يمكن ان يؤمر به لانه تحصيل للحاصل.

وحينئذ لو اجتمع امر ونهي على فعل واحد كالصلاة في الارض المغصوبة فيقول صلي ولا تكون في المكان المغصوب فاجتمع امر ونهي، فلو امتثل الانسان الصلاة في الارض المغصوبة فان كان بسوء اختياره لعلمه مثلا بالغصبية فهل يكون ممتثلا وعاصيا في آن واحد أو لا يجوز الاجتماع في هذا المورد، بل لابد اما ان نقدم (لا تغصب) أو نقدم (صلي)، فمن قال بان الاوامر والنواهي متعلقة بالطبائع دون الافراد قالوا بجواز ان يكون مطيعا وعاصيا في آن واحد ، وهذا من مباحث الاصول فيقولون: اذا دخل الارض المغصوبة بسوء اختياره وحكمت عليه الصلاة في آخر الوقت وهو في المغصوب فهنا اذا قلنا ان الاوامر والنواهي متعلقة بالفرد من دون الضمائم فاذا صلى فان صلاته صحيحة لكنه آثم، وهذا بحث اصولي، لكنهم في الفقه لا يقولون بذلك لوجود شيئ يمنعهم من تطبيق هذا الكلام في الفقه وهو وجود نهي عن الصلاة في المغصوب ولولا هذا النهي في الفقه فان القاعدة تكون جارية، لذلك يقولون من صلى في ارض قد غصبها هو أو غصبها غيره وهو يعلم فصلاته باطلة،ولن فيما نحن فيه لم ينظر الى الامر الخاص فيمكن اجتماع الامر والنهي ولكنهم في الفقه يقولون ببطلان الصلاة لوجود نص خاص فقد خرج هذا المورد من القاعدة، وكما في حرمة الربا بان ياخذ المقرض زيادة على ما اقرضه في مقابل الاجل لكن اذا اخذ الاب من ولده ربا فانه جائز وذلك لوجود نص يخرج بعض الموارد من القاعدة، ففي ما نحن فيه كذلك فاذا قالوا بان الاوامر والنواهي متعلقه بالطبائع ولا يسري الى ضمائم الفرد الخارجي اذاً يجوز اجتماع الامر والنهي، ومن قال بتعلق الاوامر والنواهي بالأفراد أي الفرد الخارجي مع الضمائم فيلزم اجتماع نفس الامر والنهي في واحد وهو مستحيل ، فاما ان يبقى الامر ولا نهي او يبقى النهي ولا امر .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo