< قائمة الدروس

درس الاصول الاستاذ حسن الجواهري

جلسه 20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: قاعدة الترتب.

كان كلامنا في امكان الترتب وقد ذكرنا ان الحق هو ذلك واستدللنا على امكان الترتب بأن الأمرين المتوجهين الى الضدين على نحو الطولية ولا مانع من ذلك، لأن الاستحالة من الأمر بالضدين اذا كان طلبهما عرضيا، اما اذا كان طلب الضدين على نحو الطولية فلا مانع من ذلك، كأن يقول أنقذ الغريق فأن لم تنقذ الغريق فصلي صلاة الظهر والعصر المزاحمة لانقاذ الغريق

ومادامت هذه المسألة هي مسألة مهمة ويترتب عليها فروع كثيرة في الفقه نذكر امكان الترتب بصورة ثانية وثالثة بل وبصور اخرى

فنقول ان امكان الترتب له بيانان غير ما تقدم.

أما البيان الأول فيتركب من نقطتين:

النقطة الاولى: ان محذور الأمر بالضدين هو للتمانع بينهما في مقام الامتثال، وهذا هو محذور الأمر بالضدين، اي يقول في هذا الوقت الواحد اصبغ الورقة باللون الأحمر والأخضر في نفس الوقت، فهنا يوجد تمانع بين هذين الفعلين في مقام الامتثال، اذاً محذور الأمر بالضدين واستحالته تتمركز في التمانع بين الضدين في مقام الامتثال، لأن كلاً من الضدين يمنع من الآخر، فانقاذ الغريق يمنع من الصلاة، والصلاة الخارجية تمنع من انقاذ الغريق، فنكتة استحالة الأمر بالضدين هو التمانع في مقام الامتثال، اي كل منهما يمنع من الآخر فلا يمكن امتثالهما معاً.

وهل يوجد تضاد ذاتي بين الامرين ؟ فنقول لا يوجد تضاد ذاتي بين الامرين، لانه يمكن ان يقول انقذ الغريق وفي نفس الامر صلي، فالأمر لا يوجد فيه تضاد، فأن التضاد هو التمانع في مقام الامتثال، فالتمانتع هو الذي يوجب الاستحالة اما الأمر بالضدين فلا تضاد بينهما ذاتاً.

فنكتة محذور الأمر بالضدين هو التمانع في مقام الامتثال.

النقطة الثانية: ان التمانع بين الأمرين في مقام الامتثال يرتفع اذ رتب الامر بالمهم على عدم فعل الاهم، فالتمانع في مقام الامتثال يزول ويرتفع اذا رتب الامر بالمهم وهو الصلاة على عدم فعل الانقاذ، اذاً يمكن الترتب.

وتوضيح ذلك: ان الامر بالمهم (الصلاة) يستحيل ان يمنع من تأتير الامر بالأهم (الانقاذ)، يعني تأثير الامر بالاهم على حاله ولا يمنعه الامر بالمهم، وذلك فلو قال اصبغ هذه الورقه حمراء في الساعة العاشرة ثم قال اصبغها خضراء في الساعة الحادية عشر، فهنا الأمر الأول لا يمنع من الأمر الثاني وكذا الأمر الثاني لا يمنع من الأمر الأول فلا تمانع في مقام الامتثال، وفيما نحن فيه فلو قال أنقذ الغريق في الساعة العاشرة وصلي ان لم تنقذه في الساعة العاشرة، فالأمر بالمهم وهو الصلاة يستحيل ان يمنع من تأثير الامر بالأهم للزوم الدور، لأن الامر بالمهم متفرع حسب الفرض على عدم الاهم وهو عدم الانقاذ، اذاً يستحيل ان يكون الامر بالمهم مانعاً عن تاثير الامر بالاهم، فالامر بالاهم أيضا يؤثر، لأن معنى هذا وهو ان يكون الامر بالمهم مانعا من تاثير الامر بالاهم يعني ان عدم الاهم يكون مستندا الى الامر بالمهم وهو محال لانه دور، فالامر بالمهم متفرع على عدم الاهم حسب الفرض فيقول صلي ان لم تنقذ، فيستحيل ان يكون الأمر بالمهم مانعاً عن تأثير الامر بالاهم لانه متفرعا عليه فكيف يكون مانعا عن تاثير الامر بالاهم، واذا قلنا هذا فيعني ان عدم الامر بالاهم مستندا الى الامر بالمهم، اي وجود زيد متفرع على عدم عمرو فكيف يكون عدم عمرو مستنداً الى وجود زيد، فأقتضاء الأمر بالمهم في طول عدم اقتضاء الأمر الاهم، اذاً لايمكن ان نقول ان عدم الاهم مستند الى الامر بالمهم لان الامر متفرع على عدمه، اذا لاتنافي بين اقتضاء الاهم واقتضاء المهم، لأن المهم حسب الفرض متفرع على عدم الاهم.

واما استحالة ان يمنع الامر بالاهم من تأثير الامر بالمهم، اي الامر بالاهم وهو الانقاذ يستحيل ان يمنع من تأثير الامر بالمهم، لأن الأمر بالاهم وهو الانقاذ يمنع من تأثير الأمر بالصلاة وهو المهم فهل يمنع في فرض عدم وجود الامر بالمهم، ومع هذا الامر بالاهم يمنع من تأثير الامر بالمهم في صورة عدم وجود الامر بالمهم، ولكن هذا غير معقول لان الذي يمنع من تاثير شيئ ما لابد ان يفترض في ظرف وجود ذلك المقتضي لا في ظرف عدمه، اي ان الانقاذ وهو الاهم ينبغي ان يمنع في ظرف وجود الامر بالمهم لا في ظرف عدمه واما اذا قلنا ان الامر بالاهم وهو الانقاذ يمنع في ظرف وجود الامر بالمهم، فنقول ان فرض وجود الامر بالمهم هو ظرف وجود موضوعه، وموضوعه عدم الأهم، وهو يسمى ظرف محرومية الامر بالأهم عن التأثير في نفسة، لان الأمر بالمهم حسب فرضنا مرتب على فرض عدم الأهم، اذاً لا يمكن ان يكون الأمر بالأهم مانعاً من تاثير الامر بالمهم في ظرف وجود الأمر بالمهم، أي سقط الأمر بالأهم بالعصيان فمانعية الأمر بالأهم عن تأثير الأمر بالمهم مستحيلة في ظرف الأمر بالمهم، وموضوعها عدم الاهم ان لم تنقذ فصلي، اذاً فالدليل الذي ذكرناه للتمانع في مقام الامتثال يرتفع بالترتب، ومحذور الأمر بالضدين هو التمانع في مقام الامتثال، وهذا التمانع يرتفع، فلا الامر بالمهم يمنع من تاثير الامر بالاهم ولا الامر بالأهم يمنع من تأثير الأمر بالمهم.

فاصبح مثالنا في صورة الاهم والمهم، هو انقذ فان لم تنقذ فصلي مثل اصبغ الورقة باللون الاحمر في الساعة العاشرة واصبغها بالاخضر في الساعة الحادية عشر، فالامر الاول لا يمنع من تأثير الامر الثاني والامر الثاني لا يمنع من تاثير الامر الاول، فبالترتب اصبح الامر بالمهم (وهو الصلاة) لا يمنع من تأثير الأمر بالأهم فالامر بالأهم موجود، والامر بالاهم لا يمنع من تأثير الامر بالمهم، اذاً محذور التضاد زال بالترتب، هذا دليل آخر على امكان الترتب غير الدليل الذي ذكرناه أولاً.

والآن نذكر بعض الامور، وهي:

أولا: تقدم عندنا قبول الشرط المتأخر، فما هو المانع ان نقول أن الأمر بالمهم وهو الصلاة مشروط بالعصيان الذي يحصل بعد ذلك، فالامر بالمهم وهو الصلاة مشروط بالعصيان وهذا العصيان متأخر لا في وقت الأمر بالمهم بل يحصل بعد الأمر بالمهم، فالمهم فيه أمر وهو (صلي) قبل حصول العصيان الذي يحصل العصيان مع المهم، فالصلاة الآن فيها امر وقبل حصول العصيان، يصح امثتال المهم لوجود امر فيه شرطه متأخر وهو العصيان الذي يحصل مع فعل المهم، فالأمر متقدم وامتثاله مشروط بالعصيان، والعصيان يحصل مع فعل المهم، فالأمر بالأهم مشروط بالعصيان والعصيان متأخر عن الأمر، فيصح امتثال الأمر بالمهم في صورة العصيان، فالأمر بالصلاة مشروط بالعصيان المتأخر عن الأمر ويحصل العصيان مع امتثال المهم، و هذا لا مانع منه.

ثانياً: قد يقال اننا نقبل ان يكون الامر بالمهم ليس مشروطاً بالشرط المتأخر بل مشروطاً بشرط مقارن وهو العزم على العصيان، فالأمر بالمهم وهو الصلاة مشروط بعزمك والعزم يكون مقارن، فلو لم يعصي ولم يعزم على العصيان وامتثل الأهم فلا أمر بالمهم، اما لو عزم على العصيان فياتي الامر بالمهم فيكون الامر بالمهم مقارن مع العزم بالعصيان، هذا هو الشرط المقارن لفعل المهم، وهذا ينفع من يقول باستحالة الشرط المتأخر وهذا دليل مستقل على امكان الترتب.

ثالثاً: قد يقال ان الأمر بالمهم مشروط بعدم العزم على الامتثال للأهم، اي لست عازماً على العصيان لكن لا عزم على امتثال الانقاذ، فعدم العزم على الامتثال يهدم الأمر بالأهم ويبقى الأمر بالمهم لوحده داعياً الى متعلقه، فلا يوجد جمع بين الضدين، فيبقى الأمر بالمهم لوحده داعيا الى متعلقه ولا يوجد جمع بين الضدين.

رابعاً: قد يقال ان الأمر بالمهم وهو الصلاة مشروط بترك الأهم، أي ان هذا الشرط راجع الى ارادة مطلقة متعلقة بالجامع، بين الاتيان بالمهم على فرض ترك الاهم او الاتيان بالاهم، فالامر بالمهم وهو الصلاة مشروط بترك الاهم، اي هناك ارادة مطلقة جامعة بين الاتيان بالمهم على فرض ترك الأهم او الاتيان بالأهم فهناك ارادة جامعة، فان قلنا ان الامر بالمهم مشروط بترك الاهم، بمعنى انه توجد ارادة جامعة بين الامر بالمهم على تقدير ترك الاهم او الاتيان بالاهم، فيريد المولى ارادة جامعة فاما اتيان الاهم او الاتيان بالمهم على فرض ترك الاهم ، وهذا الامر الرابع ترتفع فيه شبهة استحالة الترتب لان الامر الجامع بين المهم والاهم ليس مضادا مع الامر بالاهم ، لانه يقول اتي بالمهم على تقدير ترك الاهم او حقق الاهم، فهنا لا تضاد بينهما لأن التضاد انما يكون بين للاهم تعيينا والمهم تعيينا اي اتي بالانقاد والصلاة، اما اذا قال اتي بالصلاة اذا تركت الانقاذ او اتي بالانقاذ فهنا لا تضد بينهما .

وهذه التخريجات الأربعة التي ذكرناها لامكان الترتب لا تخلو من اشكالات فنيّة، الاّ انها على كل حال تقرب فكرة الترتب

الاستدلال المنطقي على امكان الترتب

فنقول ان الامر الترتبي في المقام يكون من المنفصلة المانعة للجمع، لامن مانعة الخلو، فعندنا منفصلة مانعة الجمع وعندنا منفصلة مانعة الخلو بالنسبة للامر الترتبي نريد ان نستدل على انه من المنفصلة المانعة للجمع، وليس من المنفصلة المانعة للخلو، هذا برهان منطقي نذكره لامكان الترتب، فيكون الترتب ممكناً في البراهين المتقدمة اذا تركنا البراهين التي فيها دغدغة ومناقشة

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo