« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه

46/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 -مسألة ( 1365 ) حكم التمكين الزوجة نفسها لزوجها وحكم الناشزة - الفصل الثامن (القسمة والنشوز) - كتاب النكاح.

الموضوع: - مسألة ( 1365 ) حكم التمكين الزوجة نفسها لزوجها وحكم الناشزة - الفصل الثامن (القسمة والنشوز) - كتاب النكاح.

وأما إزالة المنفِّر: - فلا اشكال في لزوم ازالة ما ينفّر الزوج منها، وقد يصعب الحصول على رواية تدل على ذلك ولكن يكفي لثبوته الشرط الضمني، فإنَّ الزوج حينما يتزوج المرأة يريد منها أن تكون جميلة ومنقَّحة ولا تفعل الأمور التي تنفّره منها - كأن تبقى في رائحتها الكريهة وعدم نظافتها مثلاً - فهناك شرط ضمني في ذلك، وعليه فهذا الحكم ثابت من خلال الشرط الضمني من دون حاجة إلى مستند خاص.

وقد يؤيد ما ذكرنا من لزوم إزالة المنفّر ما ورد في رواية العزرمي المتقدمة فقد ورد في جملة كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: - ( وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية ) يعني لابد وأن تكون جاذبة لا أن تكون منفرة وإلا ما الفائدة من العرض، ولكن الدليل المهم هو مسألة الشرط الضمني.

الحكم الثاني: - للزوج ضرب الناشز من دون ادماء ولا كسر بعد وعظها وهجرها على الترتيب.

وقبل بينان مدرك هذا الحكم نلفت النظر إلى أنه كان من المناسب أن تغير كتابه الفقرة التي أشارت إلى هذا الحكم في المسألة ويقال: - ( الناشز يعظها زوجها، فإذا لم ينفع هَجَرها، فإن لم ينفع ضَرَبها ... ).

وأما مدرك هذا الحكم:- فقد أشار إليه الكتاب الكريم حيث قال تعالى:- ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾[1] .

فالآية الكريمة ارشدت الزوج الذي يخاف النشوز من زوجته أن يتبع أولاً الوعظ ثم الهجر في الفراش ثم تأتي مسألة الضرب، ويجدر الالتفات إلى أنَّ المقصود من الضرب هنا ليس هو الضرب الشديد والمبرّح وإنما الذي يكون فيه اشعار بأنها مخالفة في الجملة.

إن قلت: - كيف تثبت العقوبة قبل ارتكاب الذنب، فإنَّ المفروض في الآية أنها لم ترتكب النشوز بعد فإنها قالت: - ﴿ واللاتي تخافون نشوزهن ﴾ فهي بعد لم تصر ناشزاً بَعدُ ولكن رغم ذلك اثبتت لها الآية الكريمة هذا الجزاء، كيف يثبت الجزاء قبل ثبوت العصيان الذي هو النشوز؟!!

قلت: - إنَّ ما ذكرته الآية الكريمة ليس عقوبة مؤذية للزوجة، لأنَّ الشيء الأول الذي ذكرته الآية الكريمة هو الوعظ وهذا لا يوجد فيه أذية عليها، ثم بعد ذلك ذكرت الهجران في المضجع - كأن يعطي ظهره لها – ثم بعد ذلك تصل النوبة إلى الضرب، ولكن ليس المقصود من الضرب هو الضرب الموجب للاحمرار أو ما شاكل ذلك وإنما هو الضرب البسيط الذي يكون منبهاً على الخطأ، والقرينة على ذلك هي أنَّ المفروض أنها بُعدُ لم تنشز وإنما خِيف من نشوزها وعليه فلابد وأن يكون المقصود من الضرب ليس هو الضرب الذي يوجب احمراراً أو ما شاكل ذلك وإنما أشبه بضرب الطفل، فكيف أن الطفل إذا أراد أن يكسر شيئاً مثلاً فالأب يضربه ضرباً خفيفاً لا يؤذيه فيه، فهو أقرب إلى المنبّه من كونه مؤلماً.

ونذكر شيئاً وإن لم يشر إليه السيد الماتن(قده): - وهو أنه إذا كان الزوج يعرف منها أنَّ النصيحة لا تنفعها ولا الهجران في المضجع ولا ينفعها التنبيه البسيط الذي ذكرناه من الضرب - كما لو كان يعرف حدّة مزاجها – فحينئذٍ سوف تنتقل الوظيفة إلى المرحلة الثانية وهي الطلاق فيتعين المصير إليه.

فإذاً الذي اشير إليه في هذا الحكم واشارت إليه الآية الكريمة هو أنَّ هذا الحكم ثابت فيما إذا احتمل الزوج نفع ما يصنعه معها، أما إذا جزم بعد تأثيره فالمتعين حينئذٍ هو الطلاق.

الحكم الثالث: - لو نشز الزوج جاز للزوجة مطالبته.

وذكر صاحب الجواهر(قده) كلاماً في هذا المجال وقال:- ( وأما إذا ظهر من الزوج النشوز بمنع حقوقها الواجبة من قسم ونفقة ونحوهما فلها المطالبة بها ووعظها إياه وإلا رفعت امرها إلى الحاكم وكان للحاكم إلزامه بها وليس لها هجره ولا ضربه كما صرح به غير واحد )[2] .

وما افاده لا بأس به ولكن لا يجب أن يجعل الحكم الذكور بنحو الطولية، فهو قال أولاً لها أن تطالبه، ثم إن لم ينفع رفعت أمرها إلى الحاكم، وهذه الطولية لا معنى لها بعد عدم وجود رواية تدل عليها والمناسب هو ثبوت ذلك الحق على نحو العرضية، فتكون حينئذٍ مخيرة بين الأمرين، فإن نفعت الموعظة وعظته وإن عرفت منه أنه لا يستجيب للموعظة من البداية رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي رأساً بعد عدم وجود هذه الطولية في المقام.


logo