46/04/30
-مسألة ( 1354 ) حكم عدم ذكر المهر - الفصلالسابع (في المهر) - كتاب النكاح.
الموضوع: - مسألة ( 1354 ) حكم عدم ذكر المهر - الفصل السابع (في المهر) - كتاب النكاح.
هذا ولكن توجد روايتان معارضتان للروايات الثلاث المتقدمة تدلان على أنه مع الدخول تستحق الزوجة تمام المهر السنَّة - أي خمسمائة درهم - والحال أنَّ المهر قد يكون أكثر من مهر السنَّة بكثير كألف أو ألفي درهم وهما: -
الرواية الأولى: - ما رواه محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار عن حمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى عن أسامة بن حفص وكان قيّماً لأبي الحسن موسى عليه السلام، قال: - ( قلت له:- رجل يتزوج امرأة ولم يسم لها مهراً وكان في الكلام أتزوجك على كتاب الله وسنَّة نبيه فمات عنها أو أراد أن يدخل بها فما لها من المهر؟ قال:- مهر السنة، قال قلت:- يقولون لها مهور نسائها؟ فقال: مهر السنة، وكلما قلت له شيئاً قال مهر السنَّة )[1] .
وكيف نفهم من الرواية أنَّ الزوج دخل بها فإنَّ السائل لم يفرض أنه دخل بها وحينئذٍ قد يقال إنَّ هذه الرواية لا يمكن التمسك بها لأنها أجنبية عن المقام؟ ليست وارد في المقام؟
والجواب: - إنها عبّرت وقالت: - ( وكان في الكلام اتزوجك على كتاب وسنَّة نبيه فمات عنها أو أراد أن يدخل بها فما لها من المهر )، يعني فمات عنها بعد أن دخل بها بقرينة قوله ( أو أراد أن يدخل بها ) أي أنه مات عنها بعد أن دخل بها أو أراد أن يدخل بها ولكنه مات، وعليه فالمفرض في الرواية هو تحقق الدخول والامام عليه السلام اثبت لها مهر السنَّة - وهو خمسمائة درهم - لا مهر أمثالها.
الرواية الثانية: - معتبرة أبان بن عثمان، وهي ما وراه الشيخ الطوسي أيضاً عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى الاشعري جميعاً عن محمد بن ابي عمير عن ابان بن عثمان عن أبي بصير قال: - ( سألته عن رجل تزوج امرأة فوهم أن يسمّي لها صداقاً حتى دخل بها، قال:- السنَّة والسنة خمسمائة درهم )[2] ح2.
ودلالتها واضحة على أن المدار على مهر السنَّة وهو خمسمائة درهم لا مهر المثل.
وفي الجواب عن هذه الرواية يقال: - أنه يمكن التخلص من هذه الرواية بأنها ليست مسنده إلى الامام عليه السلام فإنَّ أبي بصير لم يسندها إلى الامام عليه السلام وإنما قال: - ( سألته عن رجل ) ولم يبيّن من هو السؤول وحينئذٍ لا حجية لها.
ولكن الجواب عن ذلك واضح: - حيث يقال لا يحتمل في حق أبي بصير الرواية عن غير الامام عليه السلام، وهو قد حذف المسؤول عنه لوضوح كونه هو الامام عليه السلام.
وعليه فبعد اعتبار هاتين الطافتين من الروايات المتعارضة ماذا نصنع لأجل حلّ هذه المعارضة؟
والجواب في حل المعارضة أن يقال: - نحن لا نحتمل أنَّ المرأة البكر إذا دخل بها زوجها يكون مهرها هو مهر السنَّة لا مهر امثالها والذي قد يزيد على مهر السنَّة بكثير كألفٍ أو ألفي درهم، ولو حُكِم بمهر السنَّة فسوف هذا يكون هذا نحو ظلمٍ للزوجة، وعليه فتكون هاتان الروايتان ساقطتين عن الاعتبار بعد وجود تلك الروايات الثلاث الدالة على ثبوت مهر المثل، فإنَّ الأخذ بما دلت عليه هاتين الروايتين غير محتمل فيتعين حينئذٍ الأخذ بالروايات الثلاث السابقة الدالة على ثبوت مهر المثل.
وأما في فرض عدم الدخول فسوف تثبت لها المتعة على الموسر قدره وعلى الفقير قدره، كأن يعطيها عباءة أو قطعة قماش أو ما شاكل ذلك كل بحسبه فإن هذه متعة يمتّعها بها، والمستند لذلك هو الكتاب الكريم والسنَّة الشريفة: -
أما الكتاب الكريم: - فهو قوله تعالى: - ﴿ لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسر قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروق حقا على المحسنين )[3] ، ودلالتها على المطلوب واضحة.
ولكن يوجد شيء: - وهو أنه لو قلنا لشخص اقرأ هذه الآية الكريمة فكيف يقرأها؟ إنه لابد وأن يقرأ هذا المقطع: - ﴿ لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهنَّ فريضة ﴾ ثم المناسب هنا أن تتوقف، وهنا بينت الآية الكريمة أنه لا جناح عليكم إذا اردتم أن تطلقوا المرأة قبل أن يحصل الدخول وقبل أن يحصل تعيين للمهر فالطلاق هنا جائز، ثم جاءت الآية الكريمة بعد ذلك وقالت حينما طلقتها والمفروض أنه لا يوجد مهر محدد فماذا تعطيها فقالت تعطيها المتعة:- ﴿ ومتعوهن على الموسع قدر وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقا على المحسنين ﴾. فإذاً دلالة الآية الكريمة على لزوم المتعة شيءٌ واضح.
وأما السنَّة الشريفة: - فالمهم منها رواية واحدة، وهي ما رواه محمد بن علي بن الحسين بإسناده محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها، وإن لم يكن سمى لها مهراً فمتاعٌ بالمعروف على الموسع قدره وعلى المقتر قدره وليس عليها عدّة، تَزوَّج إن شاءت من ساعتها )، ودلالتها على المطلوب واضحة، فإنها تركت تعيين مقدار المهر فيكون حوالةً على العرف حينئذٍ، وهي ( على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ).