< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/11/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 1288 ) حكم زواج المسلم والمسلمة من المرتد والمرتدة - الكفر- الموجبات للحرمة الابدية في النكاح - كتاب النكاح.

 

مسألة ( 1288 ):- لا يجوز للمسلمة المرتدة أن تنكح المسلم، وكذا لا يجوز للمسلم المرتد أن ينكح المسلمة، ولا يجوز للمسلمة أن تنكح غير المسلم. ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول غنفسخ في الحال، وكذلك بعد الدخول إذا ارتد الزود عن فطرة. وأما في غير ذلك فالمشهور على أن الانفساخ يتوقف على انقضاء العدّة وفيه اشكال والاحتياط لا يترك.

تشتمل المسألة على ستة احكام:-

الحكم الاول:- لا يجوز للمسلمة المرتدة الزواج بالمسلم.

ويمكن أن يقال إن التعبير الفني المناسب هو:- ( لا يجوز للمسلم الزواج بالمسلمة المرتدة )، لأن المواجه بالخطاب والذي يرى حجية الخطاب هو الرجل المسلم، فالرجل المسلم يقال له لا يجوز لك أن تتزوج بالمسلمة المرتدة لا أن تُخاطب المسلمة المرتدة ويقال لها لا تتزوجي من المسلم، نعم نحن المسلمة تخاطب ويقال لها لا تتزوجي بالكافر أما هنا فالخطاب موجه إلى الرجل المسلم، وعليه فيكون المناسب ما ذكرناه من عبارة.

وحاول صاحب الجواهر(قده) توجيه هذا الحكم فقال:- إنَّ المرتد هو في حكم العدم بعد أن كان حكمه القتل، وعليه فسوف يكون الحكم بعدم الجواز واضحاً لأنَّ المسلمة إذا ارتدت فلابد وأن تقتل فتكون بحكم العدم وحينئذٍ لا يجوز الزواج منها، قال:- ( وكذا المرتدة لأنه بعد أن كان حكمه القتل ولو بعد الاستتابة صار بحكم العدم الذي لا يصح نكاحه )[1] .

وفي التعليق نقول:- إن ما ذكره من تعليل هو غريب واشبه بتعليل النحاة، فصحيح أنَّ حكم المسلمة والمسلم المرتدان هو القتل ولكنهما لا يكونان بحكم العدم حتى لا يصح الزواج منهما لأنه يكون من باب فقدان أحد طرفي العقد بل هذا المسلم المرتد قد يعيش في البلدان الأخرى التي تحميه ولا يمكن لأحدٍ أن يصيبه بأذى فهذا الشخص ليس بحكم الميت وعليه فالتعليل لا يتم في مثله، بل حتى لو كان يعيش في بلداننا فإنه لا يستطيع أحد في زماننا أن يقيم عليه حدّ القتل، فبالارتداد لا يعد مقتولاً وعدماً حتى لا يقع الزواج لأجل فقدان أحد طرفي العقد.

والانسب تعليل الحكم بالقاعدتين القرآنيتين المذكورتين في قوله تعالى:- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾[2] ، فإنها ذكرت قاعدتان الأولى ﴿ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ والثانية ﴿ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾، وهاتان قرنيتان ورادتان في موردٍ واحد فالانسب التعليل بهما لا بما ذكره صاحب الجواهر(قده).

الحكم الثاني:- لا يجوز للمسلم المرتد نكاح المسلمة.

ويمكن أن يستدل لهذا الحكم بدليلين:-

الأول:- القاعدتان القرآنيتان المتقدمتان.

الثاني:- بعض الروايات، ونذكر منها:-

الرواية الأولى:- معتبرة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إذا اسلمت امرأة وزوجها على غير الاسلام فرّق بينهما )[3] فإنها واردة في حالة ثبوت الزوجية بينهما لفترةٍ ثم تحقق الاسلام من احدهما فحينئذٍ يفرق بينهما - كما لو اسلمت الزوجة دون الزوج - ومادام يفرّق بينهما في مثل هذه الحالة فبالأولى يفرق بينهما إذا كانا مسلمين وارتد احدهما، ثم إنَّ كلامنا هو في العقد عليها وهذه أولوية من زاوية أخرى.

الرواية الثانية:- معتبرة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام:- ( في نصراني تزوج نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها، قال:- قد انقطعت عصمتها منه ولا مهر لها ولا عدَّة عليها منه )[4] ، ودلالتها على المطلوب كما سبق.

الحكم الثالث:- لا يجوز للمسلمة أن تتزوج بغير المسلم.

ووجه هذا الحكم واضح وقد دلت عليه القاعدتان القرآنيتان المتقدمتان، هذا فيما إذا كان الرجل كتبياً، وأما إذا لم يكن كتابياً فلا يصح الزواج منه، كما دل عليه قوله تعالى:- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ فإنَّ قوله تتعالى ﴿ ولا ترجعوهن ﴾ واضح في عدم جواز زواج المسلمة من الكتابي وغيره، وعليه فالحكم لا اشكال فيه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo