< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/11/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الكفر- الموجبات للحرمة الابدية في النكاح - كتاب النكاح.

الحكم الثاني:- وهو ينحل إلى فرعين:-

الفرع الأول:- يجوز العقد المنقطع على الكتابية.

الفرع الثاني:- يجوز العقد الدائم على الكتابية أيضاً وإن كان الاحتياط يقتضي الترك.

أما الفرع الاول:- فتدل عليه بعض الروايات، منها:-

الرواية الأولى:- معتبرة اسماعيل بن سعد الاشعري، وهي ما رواه محمد بن الحسن باسناده عن احمد بن محمد عيسى عن اسماعيل بن سعد الاشعري قال:- ( سألته عن الرجل يتمتع من اليهودية والنصرانية، قال:- لا أرى ذلك بأساً، قلت:- فالمجوسية؟ قال:- أما المجوسية فلا )[1] ، وسندها معتبر فإنَّ سند الشيخ إلى احمد بن محمد بن عيسى معتبر وأما بقية السند فمعتبرون أيضاً، ودلالتها تامة على المطلوب حيث سأل الراوي الامام عليه السلام عن التمتع - يعني العقد الصقير - باليهودية والنصرانية فاجابه بأنه لا بأس به.

الرواية الثانية:- ما وراه محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن فضال عن بعض اصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( لا بأس أن يتمتع الرجل باليهودية والنصرانية وعنده حرة )[2] ، ودلالتها على المطلوب واضحة حيث دلت على نفي البأس، لكنها ضعيفة السند بالارسال.

الرواية الثالثة:- ما رواه محمد بن الحسن عن محمد بن سنان عن أبان بن عثمان عن زرارة قال سمعته يقول:- ( لا بأس أن يتزوج اليهودية والنصرانية متعة وعنده امرأة )[3] ، وهي واضحة الدلالة على أنَّ الزواج باليهودية والنصرانية متعةً لا دوماً جائز، إلا أنَّ سندها فيه اشكال من ناحية محمد بن سنان.

وعلى أي حال فالعقد المنقطع على اليهودية والنصرانية لا اشكال فيه بمقتضى هذه الروايات.

وأما الفرع الثاني:- فيمكن استفادته من بعض الروايات أيضاً، منها:-

الرواية الاولى:- معتبرة معاوية بن وهب وغيره جميعاً عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( في الرجل المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية، فقال:- إذا اصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية؟!! فقلت له:- يكون له فيها الهوى، قال:- إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحكم الخنزير واعلم أنَّ عليه في دينة غضاضة )[4] ، وهي دلت على جواز الزواج من الكتابية حتى بالعقد الدائم.

الرواية الثانية:- ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر في حديث قال:- ( لا ينبغي للمسلم[5] أن يتزوج يهودية ولا نصرانية وهو يجد مسلمة حرة أو أمة )، فإنَّ تعبير ( لا ينبغي ) ليس ظاهراً في الحرمة وإنما هو ظاهر في الكراهة.

الرواية الثالثة:- ما رواه يونس عنهم عليهم السلام قال:- ( لا ينبغي للمسلم المؤسر أن يتزوج الامة إلا أن لا يجد حرة وكذلك لا ينبغي له أن يتزوج امراة من اههل الكتاب إلا في حال ضرورة حيث لا يجد مسلمة حرة ولا أمة )[6] ، وتقريب دلالتها كالسابقة فإنَّ تعبير ( لا ينبغي ) لا يدل على الحرمة وإنما يدل على الحزازة.

الحكم الثالث:- الاحوط ترك الزواج بغير المسلمة.

ومنشأ هذا الاحتياط رواية يونس المتقدمة فإنَّ الوارد فيها ( وكذلك لا ينبغي له أن يتزوج امرأة من أهل الكتاب إلا في حال ضرورة) وبالمفهوم تدل على أنه لا يجوز ذلك في غير حال الضرورة، ولكن بما أنَّ الوارد فيها هو كلمة ( ينبغي ) فيكون استفادة الحرمة منها بنحو الجزم شيء صعب فيكون المناسب المصير إلى الاحتياط الوجوبي، وأما حزازة الزواج منها فهو شيء واضح.

الحكم الرابع:- في عموم الحكم بالجواز للمجوسية وإن كانت من الكتابية اشكال.

ومنشأ الاشكال معتبرة اسماعيل الاشعري المتقدمة حيث ورد فيها:- ( سألته عن الرجل يتمتع من اليهودية والنصرانية، قال:- لا أرى بذلك بأساً، قال قلت:- فالمجوسية؟ قال:- أما المجوسية فلا )، فإنَّ ظاهر كلمة ( لا ) هو عدم الجواز ولا اقل الاحتياط الوجوبي بالعدم كما صنع السيد المانتن(قده)، كما أنَّ البعض قد افتى بالحرمة وهو المناسب لأنَّ ظاهر ( فلا ) هو التحريم، وعلى هذا المناسب هو الافتاء بالحرمة أو لا أقل من الاحتياط الوجوبي.

ثم إنه ينبغي الالتفات إلى أمرين:-

الأمر الاول:- لو جوّزنا الزواج من الكتابية متعةً بل ولو دواماً إلا أننا نقول إنَّ المناسب في زماننا هو الاحتياط الجوبي بعدم الزواج منها متعةً أو دواماً وذلك لما فيه من اساءةٍ لسمعة الاسلام.

إن قلت:- إذا جاز ذلك في الزمان السابق ولم تكن فيه اساءة لسمعة الاسلام فينبغي أن يكون الأمر كذلك في زماننا فلماذا احتطت بعدم الزواج بها في زماننا؟

قلت:- إنَّ الزمان قد يختلف أمره والموقف قد يختلف باختلاف الزمان، ففي ذلك الزمان كان يوجد اختلاط بين المسلمين وأهل الكتاب وكان الزواج منهم ليس فيه اساءة لسمعة الاسلام، وأما في زماننا فلنا موقف من أهل الكتاب لا أنه موقف العداء وإنما هو ليس موقف التحبب والزواج منهم فإنَّ فيه اساءة السمعة للاسلام ولا اقل من الاحتياط بالترك في زماننا للخصوصية التي اشرنا إليها.

القضية الثانية:- حتى لو جوزنا زواج المسلم بالكتابية إلا أنه لا يجوز للمسلمة الزواج من الكتابي في زماننا وذلك لوجاهة احتمال تأثرها به، أو لا أقل من تأثر أولادها بتربية والدهم فينشأون نشأة أهل الكتاب.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo