< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/11/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - اللعان- كتاب النكاح.

اللعان:

وبيانه:- إنَّ الزوج قد يرمي زوجته بالزنا وهي تنكر ذلك ولا يوجد عنده أربعة شهود وحينئذٍ سوف يثبت عليه حدّ القذف ولكن يمكنه أن يدرأ عن نفسه الحدّ من خلال اللعان، فإذا لاعن زوجته بالكيفية الخاصة فسوف يدرأ عن نفسه الحد ويثبت الحد على الزوجة ولكن يمكنها هي أيضاً أن تدرأ الحدّ عن نفسها وذلك بواسطة ملاعنتها لزوجها، فإذا تلاعنا حصلت الحرمة المؤبدة بينها وقد أشار إلى ذلك الكتاب الكريم والسنَّة الشريفة:-

أما الكتاب الكريم:- فهو قوله تعالى:- ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِين، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾[1] ، فإنَّ هذه الآيات الكريمة واضحة في الحكم ولا خفاء فيها.

وأما السنَّة الشريفة:- فنذكر رواية واحدة، وهي معتبرة عبد الرحمن بن الحجاج، وهي ما وراه محمد بن علي بن الحسين باسناده[2] عن الحسن بن محبوب عن عبد الرحمن بن الحجاج قال:- ( إنَّ عبّاد البصري سأل أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال:- إنَّ رجلاً من المسلمين أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:- يا رسول الله أرأيت أن رجلاً دخل منزله فرأى رجلاً مع امرأته يجامعها ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله فانصرف الرجل، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته، قال:- فنزل الوحي من عند الله عزّ وجل بالحكم فيها، قال:- فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك الرجل فدعاه فقال:- أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلاً؟ فقال:- نعم، فقال له:- انطلق فاتني بامراتك فإنَّ الله عزَّ وجل قد انزل الحكم فيك وفيها، قال:- فاحضرها زوجها فوقفها رسول الله صلى الله عليه وآله وقال للزوج:- اشهد أربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين فيما رأيت هذه، قال:- فشهد، قال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله:- أمسك ووعظه، ثم قال:- اتق الله فإنَّ لعنة الله شديدة، ثم قال:- اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين، قال:- فشهد فأمر به فنُحّي، ثم قال صلى الله عليه وآله للمرأة:- اشهدي اربع شهادات بالله إنَّ زوجك من الكاذبين فيما رماك به، قال:- فشهدت، ثم قال لها:- اشهدي الخامسة أن غضب الله عليكِ إن كان زوجكِ من الصادقين فيما رماك به، قال:- ففرَّق بينهما وقال لهما لا تجتمعا بنكاحٍ أبداً بعدما تلاعنتما )[3] ، ودلالتها واضحة على المطلوب.

وقد يقال:- إنّ عباد البصري لا يوجد في حقه توثيق فكيف نأخذ بالرواية؟

قلنا:- إنَّ عباد البصري هو السائل ولا يعتبر في السائل كونه ثقة وإنما الوثاقة معتبرة في الناقل والناقل فهو عبد الرحمن بن الحجاج وهو ثقة وكان حاضراً في مجلس السؤال وحينئذٍ لا مشكلة في البين.

وهنا يوجد سؤال:- وهو أنه هل يجوز للزوج أن يرمي زوجته بالزنا أمام الملأ؟

والجواب:- لا يجوز له ذلك فإنَّ الله عزَّ وجل يقول:- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم، يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[4] ، ولكن وإذا رماها بالزنا ولا يوجد عنده أربعة شهود فسوف يحدّ حدّ القذف وهو ثمانون جلدة لقوله تعالى:- ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[5] ، وهذا الحد يقام عليه حتى لو كان جازماً بذلك والمستند فيه هو اطلاق الآية الكريمة فإنها لم تقيد الحدّ بما إذا لم يكن الزوج جازماً ولم يكن مؤمناً عادلاً وإنما يشمل كل رجل، نعم يستثنى من ذلك حالتان الأولى أن يكون عند الشخص أربعة شهود يشهدون له بصدقه، والثانية أن يكون القاذف هو الزوج فيلاعن زوجته وبالملاعنة سوف يدرأ عنه الحد كما أن الزوجة تلاعن زوجها وبذلك يدرأ عنها الحد أيضاً.


[2] وسند الشيخ الصدوق إلى الحسن بن محبوب معتبر وأما بقية السند فكلهم ثقات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo