< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/11/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 1273 ) هل يقدح الاكل والشرب في التحريم بالرضاع؟، مسألة ( 1274 ) هل يكفي عشر رضعات في نشر الحرمة؟ - يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب - كتاب النكاح.

مسألة ( 1273 ):- لا يقدح الفصل بين الرضعات بالأكل والشرب للغذاء في الرضاع بخمس عشرة رضعة وفيما انبت اللحم وشدَّ والعظم، ولكن يقدح ذلك في رضاع يوم وليلة فلو أكل أو شرب الرضيع للغذاء شيئاً آخر لم يحرّم الرضا

مضمون المسألة واضح، وهو أنَّ الرضاع المثبت للحرمة له ثلاثة ضوابط ويراد في هذه المسألة معرفة أنَّ الفصل برضاعٍ من امرأة أخرى هل يؤثر على هذه الضوابط الثلاثة أو لا، وفي هذا المجال نقول:- إذا تحقق الفاصل بأكلٍ أو شربٍ بين الرضعات فإنه لا يمنع في موردين، فلا يقدح في الخمسة عشر رضعة وفي ما أنبت اللحم وشدَّ العظم، وأما إذا كان الرضاع يوماً وليلة فالفصل بالأكل والشرب يقدح في تحقق الرضاع الشرعي الناشر للحرمة، والمستند لذلك وجود رواية في المقام وهي موثقة زياد بن سوقة المتقدمة فإنها دلت على أنَّ الفاصل المانع من نشر الحرمة هو تخلل الرضاع من امرأة أخرى وبالمفهوم يفهم منها أنَّ الاكل الشرب المتخلل ولا يضر، فإنها قالت:- ( قلت لأبي جعفر عليه السلام هل للرضاع حدّ يؤخذ به؟ فقال: - لا يحرّم الرضاع أقل من يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحلٍ واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها ) فهي قيدت بأنَّه لابد وأن يكون المانع الحاصل بين الرضاعات هو الرضاع من امرأةٍ أخرى وأما الاكل والشرب فليس بمانع فإنَّ الرواية اقتصرت على الرضاع من امرأة أخرى، وعلى هذا الأساس افتى الفقهاء بأنه في الرضعات الخمسة عشر لا يؤثر تخلل الأكل والشرب فيها.

وأما في الرضاع الذي ينبت اللحم ويشد العظم فلا يؤثر فيه الاكل والشرب إذا فصل أيضاً، والوجه في ذلك واضح، فإنَّ المعتبر هو أن يكون الرضاع موجباً لنبات اللحم وشدّ العظم، فإذا أوجب ذلك فحينئذٍ لا يؤثر الأكل والشرب المتخلل بعدما كانت الرضعات التي رضعها الصبي هي التي قد أنبتت لحمه وشدَّت عظمه بعد كون المدار على ذلك أما أنه حصل شيءٌ آخر وهو الرضاع من امرأة أخرى فلا يضر أيضاً.

وأما في الرضاع بيومٍ وليلة فالأكل والشرب المتخلل يضر في نشر الحرمة، والوجه في ذلك هو أنَّ الرواية اشترطت رضاع يوماً وليلة وحينئذٍ لابد وأن يكون الرضاع طيلة اليوم والليلة ولا يتخللها شيءٌ آخر من أكلٍ أو شرب، وهذه دلالة عرفية لا بأس بها. نعم يمكن أن يستثنى أنه في رضاع اليوم والليلة شرب الطفل ربع أو نصف قطرة من الماء أو من الدواء[1] مثلاً فإنه يمكن أن يقال إنَّ هذا لا يؤثر ولا يمنع من نشر الحرمة؛ إذ بالتالي يصدق أنه قد ارتضع لفترة يوم وليلة وأما هذا الشرب المتخلل فهو في حكم العدم بالنظر العرفي، مضافاً إلى أنَّ هذا أمرٌ متعارفٌ، أي في ارضاع اليوم الليلة يعطى الطفل عادةً قليلاً من الماء مثلاً.

 

مسألة ( 1274 ):- لا يبعد كفاية عشر رضعات كاملة في التحريم إذا لم يتخلل بينها شيء حتى الاكل والشرب.

هناك كلام بين الفقهاء في أنَّ المدار في نشر الحرمة هل هو على خمسة عشر رضعة كما دلت عليه بعض الروايات أو يكفي عشر رضعات كما دلت عليه بعض الروايات الأخرى وصار هذا سبباً لاختلاف الفقهاء، فتوجد عندنا روايتان احدهما لزياد بن سوقة وهي قد اشترطت خمس عشرة ونصّها: - ( قلت لأبي جعفر عليه السلام هل للرضاع حدّ يؤخذ به؟ فقال: - لا يحرّم الرضاع أقل من يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحلٍ واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها )، بينما معتبرة عمر بن يزيد اكتفت بعشر رضعات فالمدار على أي التحديدين والمفروض أنهما معتبرتا السند؟

يمكن أن يقال:- إنَّ التعارض بينهما مستقر، ولو رجعنا إلى المرجحات من موافقة الكتاب الكريم وخالفته أو موافقة القوم ومخالفتهم لم نتمكن من التمسك بأيَّ واحدٍ منهما، أما الكتاب الكريم فالمفروض أنه لم يتعرض إلى عدد الرضعات فالمخالفة والموافقة للكتاب لا يمكن أن تصدق في المقام، وأما موافقة القوم ومخالفتهم فلا يمكن التمسك بها أيضاً فالمفروض أنَّ عبد الرحمن الجزيري نقل في كتابه ( الفقه على المذاهب الأربعة ) عدَّة اقوال وليس منها العشرة ولا الخمسة عشر رضعة وإنما نقل قولهم بالخمس رضعات أو أقل منها، وعليه فيبقى التعارض مستحكماً ولا مناص من إلى الرجوع إلى ما تقتضيه الأصول وحينئذٍ نقول إذا فرض أنَّ الطفلة قد ارتضعت عشر رضعات وأراد الطفل الذي رضعت معه أن يعقد عليها ففي مثل هذه الحالة نشك هل العقد أثر أثره أو لم يؤثر فنستصحب عدم ترتب الأثر، وأما بالنسبة إلى جواز نظهره إليها فنتمسك بأصل البراءة، ولا يقولن قائل:- لنستصحب جواز النظر فإنه قبلاً كان يجوز النظر إليها وبعد ذلك نشك في ذلك فنستصحب جواز النظر؟ قلنا: - إنَّ الحرمة غير ثابتة سابقاً حتى نستصحبها لأنها كانت طفلة، وحينئذٍ إذا بلغت نشك هل يجوز نظره إليها أو لا فنتمسك بأصل البراءة.


[1] وهذا لم يشر إليه السيد الماتن(قده).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo