< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/11/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 206 )، مسألة (207 )، مسألة ( 208 ) - الربا.

مسألة ( 206 ):- الظاهر أن العلس ليس من جنس الحنطة والسلت ليس من جنس الشعير.

..........................................................................................................

هناك كلام في العلس حيث يشك أنه من جنس الحنطة أو هو جنسٌ آخر، ومثال ذلك الدنان والرز والدّقّة، فإنَّ الدّقّة هي رزٌّ لكنه رزٌّ مكسّرٌ إلى انصافٍ وأرباع وأما الدنان فهو شيء آخر غير الرز ولذلك يعزله الناس عن الرز عند الطبخ، أما العلس فيوجد شك في حقيقته وأنه من جنس الحنطة أو لا، فإن جزمنا بكونه من جنس الحنطة فحكمه حكم الحنطة، فيتحقق فيه الربا، وإن جزمنا بكونه ليس من جنس الحنطة فلا يتحقق فيه الربا، قال في مجمع البحرين:- (السلت ضربٌ من الشعير لا قشر كأنه الحنطة تكون في الحجاز وعن الازهري أنه قال هو كالحنطة في ملاسته وكالشعير في طبعه وبرودته)[1] ، ولم يذكر العلس.

والسؤال:- ما هو الحكم في السلت والعلس فهل يتحقق فيهما الربا كما يتحقق في الحنطة والشعير أو لا يتحقق؟

والجواب:- إن جزمنا بأنهما من جنس الحنطة والشعير فحكمهما حكم الحنطة والشعير، فلا يجوز بيعهما مع التفاضل لأنه ربا، وإن لم نجزم بأنهما منهما وشككنا في ذلك فالمناسب هو البراءة.

والشبهة في هذا المقام مفهومية حكمية، أما أنها مفهومية فلأنَّ مفهوم الحنطة والشعير لا نعلم أنه يشمل السلت أو العلس أو لا يشملهما، وهذا شكٌ في سعة مفهوم الحنطة أو الشعير وشموله لهما أو لا، وكل شبهةٍ مفهومية هي شبهةٌ حكمية جزماً، فإنه إذا شككت في صدق مفهومٍ أو عدم صدقه ما على شيءٍ فالشبهة هنا تكون مفهومية حكمية، وفي مقامنا إن كان مفهوم الحنطة صادقاً على العلس أو السلت جزماً فحينئذٍ يثبت الربا فيهما مع التفاضل وإلا فلا، وحيث إنَّ الشك هنا في المفهوم فسوف نشك في الحكم والمناسب في باب الشبهة الحكمية هو جريان أصل البراءة.

وبعبارة أبسط نقول:- نحن هنا نحن نشك هل حرمة الربا تشمل العلس أو لا تشمله، وهذا شكٌ في ثبوت الحكم وعدم ثبوته فيكون مجرى للبراءة.

مسألة ( 207 ):- اللحوم والالبان والأدهان تختلف باختلاف الحيوان فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر، وكذا الحكم في لبن الغنم ولبن البقر فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل.

..........................................................................................................

عرفنا فيما سبق أنَّ الربا يتحقق بشرطين وحدة الجنس وأن يكون من المكيل والموزون فحينئذٍ لا يجوز البيع بالتفاضل لأنه ربا، وفي مقامنا إن كان كلا اللحمين من جنسٍ واحد كما لو كانا معاً من لحم الغنم أو كانا معاً من لحم البقر جازلم يجز بيع احدهما بالآخر مع التفاضل إذ المفروض أنَّ جنسهما واحد كما أنهما من المكيل والموزون، وإنَّ كان جنسها متعدد جاز بيعهما مع التفاضل، كما لو باع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر فهنا يجوز البيع بالتفاضل لأنَّ جنسهما مختلف.

ونفس هذا الضابط الكلي يأتي في الألبان، فإنَّ بيع لبن البقر بلبن بقرٍ آخر مع التفاضل لا يجوز لأنه من جنسٍ واحد والمفروض أنه من المكيل والموزن، وأما إذا اختلف جنسهما جاز البيع مع التفاضل ولا يتحقق الربا حينئذٍ كبيع كيلو من لبن البقر بكيلو ونصف من لبن الغنم.

وهكذا الحال بالنسبة إلى الدهن حيث يأتي فيه نفس الكلام.

ويظهر من صاحب الجواهر(قده) دعوى عدم الخلاف في ذلك حيث قال:- ( واللحوم مختلفة في الجنس بحسب اختلاف اسماء الحيوان بلا خلافٍ بل في التذكرة الاجماع عليه )[2] .

وأما إذا شككنا بكونه جنساً واحداً أو متعدداً كما لو شك بأنَّ لحم الجاموس ولحم البقر من جنسٍ واحد أو لا فإن رجعنا إلى العرف وحصل لدينا الاطمئنان بأنهما من جنسٍ واحد فلا اشكال في عدم جواز بيعهما بالتفاضل، وإن جزمنا بعدم الوحدة فلا اشكال في جواز بيعهما بالتفاضل، وإن شككنا أنهما من جنسٍ واحد فالمناسب هو البراءة لأننا سوف نشك أنَّ حرمة الربا هنا ثابتة أو غير ثابتة، وحيث إنا نشك في وحدة الجنس فبالتبع سوف نشك في ثبوت حرمة الربا، فيكون المورد من الشك في أصل ثبوت التكليف وهو مجرى للبراءة.

مسألة ( 208 ):- التمر بأنواعه جنس واحد والحبوب كل واحد منها جنس فالحنطة والأرز والماش والذرة والعدس كل واحدٍ جنسٌ والفلزات من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص وغيرها كل واحدٍ منها جنسٌ برأسه.

..........................................................................................................

من الواضح أنَّ هذه قضية عرفية قبل أن تكون شرعية، فجميع أنواع التمر هي جنسٌ واحد وهو جنس التمر، وحينئذٍ سوف يتحقق الربا إذا بيع كيلو من التمر الخستاوي مثلاً بكيلو ونصف من تمر البرحي لأنه من جنسٍ واحد، والدليل على أنه جنسٌ واحد - الذي لازمه تحقق الربا فيه - هو العرف، فإنَّ العرف يرى أنَّ جميع التمور هي جنسٌ واحد، وأما بالنسبة إلى الحبوب فالقضية بالعكس، فإنَّ العدس والماش جنسان، والرز والحنطة جنسان ... وهكذا، وإذا كانا جنسان فحينئذٍ لا يتحقق فيهما الربا، وكذلك الحال في الفلزّات فإنَّ الذهب والفضة جنسان، والصفر والحديد جنسان .... وهكذا، وعليه فلا يتحقق فيها الربا فيهما مع التفاضل، كما لو باع ذهباً بفضة مع التفاوت، والقضية واضحة لا اشكال فيها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo