< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 180 ) - الفصل السابع ( التسليم والقبض ) - الخيارات.

مسألة ( 180 ):- يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى المتقدّم في غير المنقولات كالأراضي، وأما في المنقولات فلابد فيها من الاستيلاء عليها خارجاً مثل أخذ الدرهم والدينار واللباس وأخذ لجام الفرس أو ركوبه.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على فرعين: -

الفرع الأول: - إنَّ المعنى المذكور في هذه المسألة أسهل من الصياغة اللفظية لها، فالمعنى الذي يريد أن يقوله السيد الماتن(قده) هو أنَّ المبيع إذا كان من غير المنقولات -كبيع الدار مثلاً - كفى في تحقق قبضه - تسليمه - التخلية، ولكن من يقرأ عبارتها التي تقول:- ( يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى المتقدم في غير المنقولات كالأراضي ) قد يفسّرها بادئ ذي بدئٍ بأنَّ التخلية هي بالمعنى المتقدَّم في غير المنقول، والحال أنَّ هذا المعنى ليس مقصوداً له وإنما تعبير ( في غير المنقولات ) متعلّق بكلمة ( القبض ) أي يكفي في القبض في غير المنقولات التخلية، وهو يريد هذا المعنى، ولو صيغت العبارة هكذا:- ( فيكفي في قبض غير المنقولات كالأراضي المخرج عن الضمان التخلية ) لكان أفضل.

الفرع الثاني: - اشتملت المسألة على حكمين: -

الحكم الأول: - يكفي في قبض غير المنقولات التخلية.

والدليل عليه السيرة العقلائية، فإنَّ الشرع حيث لم يبين كيفية تحقق القبض وبم يتحقق فالمرجع هو ما عليه العقلاء وهم يكتفون في غير المنقولات بالتخلية، نعم صارت التخلية في زماننا بشكلٍ يغاير ما عليه العقلاء في الزمن السابق، ففي الزمان السابق كان يكفي تسليم مفتاح الدار، وأما في زماننا فالتخلية هي أن ينقل البائع طابو الدار باسم المشتري ثم يسلّمه مفاتيحها، وحيث لا ردع شرعي عن هذه السيرة العقلائية فيثبت بذلك امضاؤها.

هذا وربما يضاف مؤيدٍ[1] لهذه السيرة:- وهو رواية عقبة المتقدمة، حيث ورد فيها:- ( في رجل اشترى متاعاً من رجل واوجبه غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه قال آتيك غداً إن شاء الله فسُرِق المتاع من مال من يكون؟ قال:- من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يُقبِضَ المتاع ويخرجه من بيته فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه ) فهي جعلت المدار على التخلية حيث قالت ( ويخرجه من بيته ) والإخراج من البيت عبارة أخرى عن التخلية، فإذاً هي دلت على كفاية التخلية في حصول القبض، وهي وإن دلت على أنَّ القبض في المنقول يتحقق بالتخلية ولكنها تدل على كفاية التخلية في غير المنقول أيضاً بالأولوية.

سؤال: - هل يلزم ضم الإذن مضافاً إلى التخلية في غير المنقولات حتى يتحقق القبض أو تكفي التخلية وحدها؟

والجواب: - سكت السيد الماتن(قده) عن ذلك ولم يشير إليه وسكوته يدل على عدم اعتباره.

ونحن قلنا سابقاً تكفي التخلية وحدها وكان مدركنا لذلك السيرة العقلائية الممضاة فإنها جارية على ذلك، فإذا حصلت التخلية كفى ذلك في جواز التصرف من دون حاجةٍ إلى الإذن، ومما يؤيد ذلك رواية عقبة المتقدمة فإنها لم تذكر الإذن فإنها قالت: - ( قال:- من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته )، فهي ذكرت أنَّ القبض يتحقق بإخراج المتاع من البيت فقط من دون ضم الإذن إليه، وعليه فتكون النتيجة إلى الآن هي أنه يكفي التخلية في تحقق القبض من دون حاجة إلى الإذن.

وهنا يسجل إشكال على السيد الماتن(قده):- وهو أنه يوجد تنافي بين هذه المسألة وبين المسألة ( 178 ) المتقدمة، حيث اعتبر في المسألة المتقدمة أنَّ القبض يتحقق بشيئين التخلية زائداً الإذن وأما في هذه المسألة فقال بكفاية التخلية فقط ولم يذكر الإذن، فإنه قال في مسألتنا:- ( يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى المتقدم في غير المنقولات كالأراضي ) ولم يذكر الإذن، والتخلية هي أن يخلّي البائع بين المشتري وبين المبيع، بينما في المسألة المتقدمة قال:- ( التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول وغيره هو التخلية برفع المانع عنه والإذن لصاحبه في التصرف ) فهنا اعتبر الإذن، ولعل هذا يُعدُّ تنافياً بين المسألتين.

اللهم إلا أن يدافع عنه ويقال: - إنه في هذه المسألة قال: - ( يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى المتقدم في غير المنقولات ) وهذا إشارة إلى اعتبار الإذن، فإن امكن قبول هذا فبها، ولكن كان من المناسب له الإشارة في مسألتنا إلى اعتبار الإذن كما ذكره بشكلٍ صريح في المسألة المتقدمة، ولكن نحن قلنا لا يعتبر الإذن في القبض للسيرة العقلائية الممضاة فإنها جارية على كفاية التخلية ويؤيدها رواية عقبة.


[1] ونحن جعلناها كمؤيدٍ للسيرة لأنها ضعيفة السند.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo