< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تتمة مسألة ( 166 )، مسألة( 167 ) هل يجوز اجبار المشروط عليه على الاتيان بالشرط؟ - شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

الرواية الثانية:- معتبرة ابن سنان، قال:- ( سالت أبا عبد الله عليه السلام عن الشرط في الاماء لا تباع ولا تورث ولا توهب، قال:- يجوز ذلك غير الميراث فإنها تورث لأنَّ كل شرطٍ خالف الكتاب باطل )[1] .

أما دلالتها:- فالمشتري كان قد اشترط أموراً ثلاثة أحدها أنها لا تورث والامام عليه السلام حكم ببطلان هذا الشرط وقال بأنها تورث، وقال:- ( لأنَّ كل شرطٍ خالف الكتاب باطل ) وهذا يعني أنه صحيحٌ من بقية الجهات وإنما هو باطل من هذه الجهة فقط، فتكون دلالتها على صحة العقد عند فساد الشرط واضحة جداً.

ويمكن أن نقول:- يمكن أن يستفاد عدم بطلان العقد ببطلان الشرط من جهتين:-

الاولى:- ما بيناه قبل قليل، وهو أنَّ الامام عليه السلام قال:- ( يجوز ذلك غير الميراث فإنها تورث ) فحكمه بأنها تورث يدل على أنَّ بطلان الشرط - وهو اشتراط عدم الارث - لا يوجب بطلان العقد.

الثانية:- وجود عبارةٍ أخرى في المعتبرة يمكن أن تصلح شاهداً للمطلوب، وهي قوله عليه السلام:- (لأنَّ كل شرط خالف الكتاب باطل) فالامام عليه السلام ركّز على كون الشرط المخالف للكتاب هو باطل ولم يقل المشروط أيضاً هو باطل، فالمشروط مسكوت عنه وإنما قيل الشرط باطل وعلل بأنَّ كل ما خالف الكتاب فهو باطل فيمكن أن يستفيد من هذه الفقرة المطلوب وهو أنَّ بطلان الشرط يوجب بطلان نفس الشرط فقط ولا يوجب بطلان العقد.

وأما سندها:- فقد رواها الشيخ الطوسي عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن اسنان، وطريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد معتبر فإنَّ الشيخ يروي في كتابيه كثيراً باسناده عن الحسين بن سعيد وله طرق متعددة إلى الحسين بن سعيد بعضها صحيح، وأما الحسين بن سعيد فهو الاهوازي وأخوه الحسن بن سعيد وكلاهما ثقة، وأما صفوان فهو من أجلة أصحابنا، وأما ابن سنان فقد يتأمل فيه لأنه مشترك فيوجد عبد بن سنان الثقة ويوجد محمد بن سنان الذي فيه قيل وقال، ورب قائل يقول:- حيث يحتمل أنه محمد بن سنان فسوف يصير مردّداً بين شخصين فتسقط الرواية عن الاعتبار، ولكن نقول:- إنَّ عبد بن سنان من أصحاب الامام الصادق عليه السلام وأما محمد بن سنان فهو ليس من الطبقة التي تروي عن الامام الصادق عليه السلام وحيث إنَّ ابن سنان الموجود في هذا السند يروي عن الامام الصادق عليه السلام فهذا بنفسه يكون قرينةً على كونه عبد الله بن سنان الثقة، وعليه فيكون السند معتبر.

فإذاً من خلال هذا كله اتضح أنَّ الشرط الفاسد لا يفسد العقد لاقتضاء القاعدة فيما إذا كان الشرط غير مباين، بالاضافة إلى بعض الروايات.

 

مسألة( 167 ):- إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له اجباره عليه. والظاهر أنَّ خياره غير مشروط بتعذّر اجباره بل له الخيار عند مخالفته وعدم اتيانه بما اشترط عليه حتى مع التمكن من الاجبار.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على حكمين[2] :-

الحكم الاول:- إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للشارط اجباره على فعله.

الحكم الثاني:- يمكن أن يقال يثبت الخيار للشارط حتى وإن أمكنه اجبار المشروط عليه ولا يتوقف ثبوته له على عدم التمكن من اجباره.

وقبل الخوض في هذه المسألة نذكر قضيةً جانبية:- وهي أنه كان من المناسب أن يضاف حكم ثالث يتوسط بين الحكمين للذين ذكرا في المسألة، وهو أنَّه يثبت للشارط الخيار بمجرّد امتناع المشروط عليه من فعل الشرط حتى وإن أمكن المشروط له اجبار المشروط عليه.

وقبل أن نشرع بيان الأحكام المذكورة في المسألة نلفت النظر إلى أنه قد تقدّم في منهاج الصالحين عنوان ( تذنيبٌ في أحكام الشرط) وهناك ذكرنا أنَّ البائع إذا اشترط على المشتري شرطاً فهل يجب على المشتري فعله وبالتالي هل يجوز للبائع اجبار المشتري على فعل الشرط أو لا ؟ وقد ذكرنا إنَّ الشهيد(قده) في اللمعة قال لا يجبر المشتري على ذلك،قال ما نصّه:- ( ولا يجب على المشروط عليه فعله وإنما فائدته جعل البيع عرضةً للزوال عند عدم سلامة الشرط ولزومه عند الاتيان به )، فعبارته صريحة في أنَّ فعل الشرط ليس بلازم. وهذه فتوى غريبة منه.

ويقع الكلام الآن في أنه كيف نستدل على جواز الاجبار على فعل الشرط؟

استدل الشيخ الاعظم(قده)[3] بما حاصله:- إنَّ الشرط باشتراطه يصير ملكاً للشارط، فإذا صار ملكه فمن الواضح أنَّه يتمكن من اجبار المشروط عليه على الاتيان به، قال:- ( الأقوى ما اختاره جماعة من أنَّ للمشروط له اجبار المشروط عليه ... فإنَّ المشروط له قد ملك الشرط على المشروط عليه بمقتضى العقد المقرون بالشرط فيجبر على تسليمه ).

وفي مقام التعليق نقول:- إنَّ اشتراط شرطٍ كما يتلاءم مع الحقيّة - أو بتعبيرٍ آخر الملكية - للطرف الشارط كذلك يلتئم مع الوجوب التكليفي، وإذا كان الثابت هو الوجوب التكليفي ففي مثل هذه الحالة لا يثبت جواز الاجبار لأنَّ هذا ليس بملكٍ وإنما هو واجبٌ عليه، وهذا لا يختص بالمشتري فقط وإنما يعم كل المسلمين فالمسلمون لابد وأن يطالبوا المشروط عليه بالاتيان بالشرط من باب الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر لأنَّ هذا وجوب تكليفي وليس حقَّاً خاصّاً بالمشتري، والشيخ الاعظم(قده) لم يبرز نكتةً لاثبات أنه حقٌّ - أو ملك - وليس وجوباً تكليفاً وكان المناسب له أن يبين ذلك، ونحن نقول إنَّ كلا الاحتمالين موجودٌ إلا إذا أبرز بيانٌ على كونه ملكاً - أو حقاً - وليس مجرّد وجوبٍ تكليفي.


[2] أو ثلاثة أحكام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo