< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

39/07/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اشتراط التطابق بين الايجاب والقبول - مسألة ( 50 ) - المكاسب المحرّمة.

وفيه:-

أوّلاً:- إنه ذكر أنَّ الشرط لا يعود إلى نفس العقد أي لا يكون العقد معلقاً على الشرط ، ولكن لزومه أو الالتزام به معلّق على الشرط ، ونحن نقول له: إنَّ هذا مما يحكم به العرف والعقلاء ، يعني أنَّ هذه قضية عقلائية وعرفية ، فحينما يذكر الشرط فالمقصود عرفاً أنه ليس تعليقاً لأصل العقد وإنما الخيار معلّق على الشرط، فهو يريد أن يقول إنَّ القضية عقلائية وعرفية ، فإذا كان يقصد هذا فلا حاجة آنذاك لما ذكره من التمسّك بالاجماع مادام العرف والعقلاء يرون رجوع الشرط ع إلى اللزوم والالتزام ، فإذن تمسّكه بالاجماع يدل على أنه لا يسلّم عرفاً وعقلائياً بأنه الأمر كذلك ، فالصحيح هو الشق الثاني وهو أنَّ العرف والعقلاء يرون رجوع الشرط إلى أصل العقد فأصل العقد معلّق على الشرط لا أنَّ لزومه معلّق على الشرط ولكن نحن نرفع اليد عن هذه القضية العرفية والعقلائية بسب بالاجماع.

وجوابه واضح:- فإنَّ الاجماع يعرفه الفقهاء دون الناس والعرف والعقلاء العاديون فهم يرجعون الشرط إلى أصل العقد باعترافك ولذلك تمسكت بالاجماع ، والاجماع المدّعى لا يجعل الشرط عندهم راجعاً إلى اللزوم دون أصل العقد ، بل يبقى الشرط راجعاً إلى أصل العقد وليس إلى الالتزام بالعقد ، ومادام راجعاً إلى أصل العقد فيلزم من ذلك بطلان العقد ، لأنه تعليقٌ للعقد وهو باطل ، فنحتاج إلى اعادة العقد من جديد ولا يكفي اسقاط الخيار كما أراد أن يرتّب الثمرة.

ثانياً:- نغضّ النظر عن مناقشتنا الأولى ونقول إنَّ الشرط راجع إلى الالتزام دون أصل العقد ولكن العرف يرى أنَّ العقد بشرط الخيار يغاير العقد من دون شرط الخيار ، فتوجد بينهما مغايرة عرفية ، ومادامت المغايرة العرفية موجودة فإذن ما انشئ يكون هو العقد بشرط الخيار وما قُبِل به هو العقد من دون الخيار فإنهما متغايران وماداما متغايرين عرفاً فالرضا لا يكفي لتصحيح العقد والاسقاط لا يكفي لتصحيح العقد ، فإنَّ ما أنشاه البائع يغاير ما انشأه المشتري بالنظرة العرفية ، فإنَّ العرف يرى أنَّ العقد بشرط الخيار يغاير العقد من دون شرط الخيار ، وماداما متباينين بالنظر العرفي فلا معنى للاكتفاء بالرضا بل لابد من اعادة العقد من جديد.

ثالثاً:- إنه ذكر أنه إذا كان الاختلاف في الثمن أو في المثمن فحينئذٍ يكون العقد باطلاً وبالتالي لابد من اعادة العقد من جديد ، ونحن نتوقف هنا ونقول: حتى هنا لا نحتاج إلى اعادة العقد من جديد ، فمثلاً لو قال البائع ( بعتك الكتاب الفلاني بدينار ) وقال المشتري ( قبلت أو اشتريت الكتاب بدرهم ) فهنا قال إنَّ البيع باطل فلابد من اعادة العقد ، ونحن نقول: إنه لا يلزم اعادته من جديد بل يكفي أن يقبل المشتري بما أنشاه البائع بأن قال له ( قبلت بما قلت أو بما أنشأت أو بما ذكرت في الايجاب ) ولا يحتاج إلى اعادة الايجاب وأصل العقد من جديد ، فلا يلزم بطلان العقد بحيث يلزم اعادته فإنه لا يوجد فيه خلل فن.

إلا اللهم أن تقول قد فاتت الموالاة لأنه قد حصل فاصل بين الايجاب والقبول ، ولكن لا نحن لا نبني على اشتراط الموالاة ولا هو .ولو قيل إنه صدر أوّلاً ( قبلت شراء الكتاب بدرهم ) فهذا كلامٌ وهو قد صار فاصلاً ؟ ولكن نقول: إنَّ هذا الفاصل لا يؤثر ، فإذن مادام البائع باقياً على التزامه يكفي أن يقول المشتري قبلت بالإيجاب بلا حاجة إلى اعادة العقد من جديد ، فإذن ما ذكره من الثمرة لا يكون تاماً.

نعم ربما يقول السيد الخوئي(قده):- إذا قلت ( قبلت بالإيجاب ) هذا نحوٌ من الاعادة للعقد وأنا أقول في صورة الاشتراط إنه حتى هذا المقدار ليس بلازم بل يكفي أن يقول المشتري في صورة الاختلاف في الشرط أسقطت الشرط أو يقول اسقطت الخيار ، فهذا ليس اعادة للقبول وللعقد من جديد ، فنجعل الثمرة أنه إذا كان الاختلاف في الثمن أو المثمن فلابد من اعادة العقد ولو بهذا المقدار بأن يقول المشتري قبلت بالإيجاب ، وأما إذا كان الاختلاف في الشرط فلا تلزم الاعادة بهذا المقدار بل يكفي أن يقول المشتري أسقطت الشرط أو أسقطت الخيار ، وحينئذٍ سوف تكون الثمرة تامة ، فإذن اتضح أنَّ ما أشار إليه قابل للمناقشة.

كلام للميرزا علي الايرواني(قده):- ذكر الميرزا علي الايرواني(قده) في حاشيه[1] إنَّ اختلاف المتعاقدين في الشرط لا يبطل العقد من الأساس ، والنكتة في عدم بطلان العقد باختلافهما في الشرط هي أنه في حالة كون الشرط فاسداً شرعاً كما لو اشترطت المرأة على وزجها أثناء عقد البيع بينهما أن يكون الطلاق بيدها ، فهذا الشرط يكون فاسداً ، وقد وقع كلام في أنَّ الشرط الفاسد هل يفسد العقد أو يكون الشرط هو الفاسد فقط أما العقد فيكون صحيحا ؟ هناك قيل: بأنَّ العقد يكون صحيحاً ، فإذا قلنا إنَّ الشرط الفاسد لا يفسد العقد بل يبقى العقد صحيحاً رغم فساد الشرط فبالأولى يكون العقد صحيحاً إذا فرض أنَّ الشرط لم يكن فاسداً وإنما قبله أحدهما ولم يقبله الثاني.

وفرق القول هذا عمّا ذكر السيد الخوئي(قده):- هو أنَّ السيد الخوئي(قده) قال إنَّ ذكر الشرط والاختلاف فيه بينهما لا يفسد العقد ولكن النكتة التي استند عليها هي أنَّ الاجماع قائم على أنَّ الشرط لا يرجع إلى أصل العقد وإنما يرجع إلى الالتزام به ، أي مرجعة إلى الخيار لا أكثر ، فالعقد لا موجب لبطلانه فإنَّ الايجاب والقبول متّحد من حيث الثمن والمثمن أما من حيث الشرط فالشرط يكون خارجاً وليس شرطاً للعقد حتى يبطل العقد ، بينما النكتة التي استند إليها الميرزا علي الايرواني(قده) هي الأولوية ، فقال إذا بنينا على أنَّ الشرط الفاسد لا يبطل العقد فيلزم بالأولى أن نبني على أنَّ اختلاف الطرفين في الشرط لا يفسد العقد بل يكون العقد صحيحاً ، قال(قده):- ( إذا كان فساد الشرط لا يخلّ بصحة العقد ، فعدم قبول المشتري للشرط الذي تضمنه الايجاب أولى بعدم الاخلال ).

ومن الغريب أنَّ السيد الخوئي(قده) لم يشر إلى ما ذكره الحاج ميرزا علي الايرواني(قده).

[1] الحاشية على المكاسب، الميرزا علي الايرواني، ج2، ص107.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo