< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

33/02/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع :-

مسألة ( 302 ) / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وبعد اتضاح هذه الأمور الثلاثة نعود إلى مسألتنا ونقول إنها تشتمل على نقاط ثلاث:-
 النقطة الأولى:- لو استطاع الشخص في هذه السنة وكان بإمكانه أن يختتن قبل الحج - أي في هذه السنة - فيلزمه ذلك من باب أنه مقدمة للواجب إذ الواجب عليه هو الحج المقيد بالطواف عن ختان وحيث أنه يمكنه تحصيله فيجب ذلك من باب وجوب تحصيل مقدمة الواجب ولو عقلاً ان لم نقل بالوجوب شرعاً أيضاً.
 النقطة الثانية:- ان يستطيع في هذه السنة ولكنه لا يتمكن من الختان فيها وإنما يتمكن من ذلك بعد مضي فترة باعتبار أن ختان الكبير يحتاج إلى فترة لبرئه ، وهنا حكم (قده) بأنه ما دام الأمر كذلك فيؤخر الحج إلى السنة الثانية بعد أن يختتن في الفترة المذكورة ، أما لماذا ذلك ؟ أجاب (قده) [1] بأن الواجب عليه هو الطواف مختوناً وحيث لا يمكنه ذلك في هذه السنة - لفرض تعذره - فلا يجب عليه إذن الحج في هذه السنة بل يؤخره إلى السنة الثانية.
 ثم اعترض على نفسه بأنه لم لا نقول بوجوب الحج عليه في هذه السنة ولكن يُنيب شخصاً عنه لأجل الطواف.
 وأجاب(قده) عن ذلك بأن وجوب النيابة فرع تحقق الاستطاعة إلى الحج والمفروض أنه ليس مستطيعا في هذه السنة لفرض أنه ليس بمختونٍ وما دامت الاستطاعة ليست متحققة فلا معنى لوصول النوبة آنذاك إلى النيابة.
 وفيه:- ان هذا يلزم منه الدور إذ قد ذكر أن وجوب النيابة فرع تحقق الاستطاعة ومن المعلوم أن الاستطاعة تتحقق لو فرض أن النيابة كانت واجبة فيلزم من ذلك الدور إذ وجوب النيابة فرع تحقق الاستطاعة وتحقق الاستطاعة فرع وجوب النيابة فصار وجوب النيابة موقوفاً على نفسه.
 وكان الأنسب التعليل بأن دليل وجوب النيابة لا يمكن أن يشمل المورد لقصورٍ فيه باعتبار أنه يختص بخصوص من لا يستطيع على الطواف تكويناً ولا يعم من لا يستطيع تشريعاً ، ولكن حيث أنه لا يرتضي ذلك ويرى أن دليل النيابة لا مانع من شموله لمن لا يستطيع تشريعاً أيضاً ولذا أوجب - في النقطة الثالثة التي ستأتي وهي ما إذا لم يتمكن الشخص من الختان رأسا أي في هذه السنة وما بعدها من السنين عليه أن يحج ويستنيب لطوافه وهذا معناه أن دليل وجوب النيابة يشمل من لا يقدر على الطواف تشريعاً وما دام يشمله فمن المناسب ثبوت الاستطاعة إذ دليل النيابة بعد شموله للمقام يصير المكلف المذكور قادراً على الطواف غايته من خلال النائب وبالتالي سوف يصير مستطيعاً للحج فيجب عليه.
 إذن يجب علينا فنياً أن نلحظ دليل وجوب النيابة في باب الطواف ، وهو (قده) حيث يرى شموله لمن لا يستطيع تشريعاً أيضاً فمن المناسب تحقق الاستطاعة.
 ان قلت:- صحيح أنه(قده) ذهب في النقطة الثالثة - أي من عجز عن الختان إلى الأبد - إلى وجوب النيابة ولكن ذلك لنكتةٍ خاصةٍ بذلك وهي أنه إذا لم نقل بالنيابة في الطواف فلازمه سقوط وجوب الحج رأساً ، يعني في هذه السنة والى آخر عمره لفرض أنه لا يتمكن من الختان إلى الأبد ، وحيث أن هذا الاحتمال باطل فيتعين عليه أن يحج ويدور الأمر بين أن يحج مع الطواف بنفسه غير مختون وهذا خلف إطلاق دليل شرطية الختان فيتعين عليه آنذاك النائب في الطواف. إذن قد أثبتنا وجوب الاستعانة بالنائب من خلال هذا البيان المركب من شقوق ثلاثة ومثله لا يأتي في النقطة الثانية التي هي محل حديثنا إذ بالإمكان حسب الفرض الحج في السنة القادمة فلا يلزم سقوط الحج رأساً ، إذن بإمكان السيد الخوئي أن يدافع عن نفسه بهذا الجواب.
 قلت:- هناك شق رابع وذلك بأن يرسل نائباً عن نفسه ، أي في أصل الحج وليس في خصوص الطواف كما هو الحال في المريض الذي لا يُرجى برؤه مع فرض استطاعته المالية فانه يرسل نائباً إلى الحج وهنا قد فرض أن الأمر كذلك يعني أنه لا يتمكن من الختان إلى الأبد فيتعذر عليه الحج إلى الأبد فيرسل نائباً في أصل الحج.
 وبالجملة:- هذا الذي ذكر لا يصلح معيِّناً لإثبات النيابة في الطواف بل هو كما يلتئم مع ذلك يلتئم مع إرسال النائب بلحاظ أصل الحج أيضاً ، والمناسب فنياً ملاحظة دليل النيابة فان قلنا بشموله لمن لا يستطيع تشريعاً فلنقل بثبوت النيابة في مسألتنا - أعني من لا يتمكن في السنة الأولى على الختان - لفرض أنه يشمله ، وإذا قلنا هو لا يشمله ويختص بمن لا يستطيع تكويناً فالمناسب سقوط وجوب الحج عنه لتعذره فان بعض شرائطه متعذر وينتقل الأمر بالتالي إلى النائب في أصل الحج وليس في الطواف.
 هذا بالنسبة إلى ما أفاده (قده) وقد اتضح إنا نرجع إلى دليل النيابة في الطواف وهو صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام ( سألته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه ؟ فقال:- نعم إذا كان لا يستطيع ) [2] وهذه أحسن الروايات حالاً ، وتقريب دلالتها انه عليه السلام قال ( نعم إذا كان لا يستطيع ) وهذا كما يصدق على من لا يستطيع تكويناً يصدق أيضا على من لا يستطيع تشريعاً كغير المختون ، ولكنه إذا قبلنا دعوى الانصراف إلى خصوص من لا يستطيع تكويناً فهو ، وأما إذا شككنا في وجاهة الانصراف أخذنا بالمقدمة التي أشرنا إليها في باب الإطلاق فقد قلنا انه ينبغي إضافة مقدمة لصحة التمسك بالإطلاق وهي أن يُستهجن الإطلاق من المتكلم على تقدير كون مراده واقعاً هو المقيد ، وهنا لو برز المتكلم وقال ان مقصودي هو خصوص من لا يستطيع تكويناً لما استهجن منه هذا الإطلاق . إذن التمسك بالإطلاق شيء مشكل وبالتالي يكون ثبوت شرعية النيابة في المقام مشكل لقصور دليل النيابة في حد نفسه إذ النيابة حكم على خلاف الأصل وظاهر كل حكم هو وجوب تصدي المكلف بنفسه بالمباشرة والاكتفاء بالنيابة يحتاج إلى دليل وحيث ان دليل شرعية النيابة قاصر فلا تثبت الاستطاعة في حق الشخص المذكور.
 وقد اتضح بهذا إنا وصلنا إلى نفس النتيجة التي صار إليها السيد الخوئي(قده) ولكن على اختلاف الطريق ، فهو صار إلى تلك النتيجة لا من خلال قصور دليل شرعية النيابة فانه يراه شاملاً لمن لا يستطيع تشريعاً بل صار إلى ذلك من باب أن وجوب النيابة فرع تحقق الاستطاعة ، ونحن أشكلنا عليه بأن الاستطاعة أيضاً هي فرع وجوب النيابة فيلزم الدور وإنما صرنا إلى هذه النتيجة الموحدة من باب قصور دليل شرعية النيابة والمفروض أن دليل شرطية الختان في الطواف مطلق فجمعاً بين هذا الإطلاق وبين هذا القصور تصير النتيجة هي عدم وجوب الحج في هذه السنة وإنما يجب عليه في السنة الثانية بعد فرض استطاعته المالية.


[1] المعتمد.
[2] الوسائل 13 387 47 ابواب الطواف ح3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo