« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

47/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

- ادلة الاخباريين على اصالة الاحتياط والرد عليها.

الموضوع: - ادلة الاخباريين على اصالة الاحتياط والرد عليها.

لعل ما ذكرناه في المحاضرة السابقة كان فيه بعض من الخفاء فنحاول تكرارها الآن كي يرتفع الخفاء فتقول: -

كان كلامنا في دليل الاخباري على وجوب الاحتياط في الشبهات البدوية التحريمية التي يحتمل فيها التحريم - دون الشبهات الوجوبية لأن الاخباريين يقولون بوجوب الاحتياط في خصوص الشبهات التحريمية كالتدخين مثلاً حيث يحتمل حرمته فهذا المورد المناسب وجوب الاحتياط فيه - وكان الدليل المهم الذي تمسك به الاخباري هو العلم الإجمالي، يعني أنَّ الفقيه لديه علم اجمالي في مجموع الشبهات بثبوت تحريم فيها، وبناء عليه يجب الاحتياط بترك كل ما يحتمل حرمته.

وقد تقدم ثلاثة اجوبة عن ذلك، كان ثالثها ما ذكرناه في المحاضرة السابقة، ونحن نكرره الآن كي يتضح أكثر: - وهو ما ذكره الشيخ الخراساني، من أنَّ هذا العلم الاجمالي في مجموع الشبهات منحل بالعلم الاجمالي الصغير الموجود في خصوص دائرة الأمارات المعتبرة الدالة على التحريم، فاذا فرض أنَّ مجموع الشبهات ألف شبهة فحينئذٍ نقول صحيحٌ أننا نعلم بحرمة بعضها ولكن إذا راجعنا الأمارات المعتبرة نجد فيها ما يشير إلى المحرمات بقدر المعلوم بالاجمال، وعليه فهذا العلم الاجمالي الموجود في دائرة الشبهات الكبيرة منحل بالعلم الاجمالي بوجود محرمات في مجموع هذه الشبهات في دائرة الأمارات، وبناء عليه سوف ينحل ذلك العلم الاجمالي الكبير الموجود في دائرة مجموع القضايا بالعلم الاجمالي الصغير الموجود في دائرة الأمارات المعتبرة وتصير النتيجة أنه لا يجب الاحتياط في كل شبهة بل في خصوص الشبهة في دائرة الأمارات لا في مجموع الشبهات كما نسب إلى الاخباريين.

فاذاً صاحب الكفاية سلَّم بوجود شبهاتٍ تحريميةٍ في دائرة الشبهات الكبيرة ولكن قال هو منحلٌّ بالعلم الاجمالي بوجود محرّمات في دائرة الأمارات المعتبرة بمقدار تلك الموجودة في دائرة العلم الاجمالي الكبير فينحل العلم الاجمالي الكبير بهذا العلم الاجمالي الصغير وتكون النتيجة أنه لا يجب الاحتياط إلا في دائرة الأمارات الدالة على التحريم لا في كل شبهة.

وفي التعليق نقول: - إنَّ ما افاده إنما يتم فيما إذا كنّا نعلم بوجود محرمات في دائرة الأمارات لكن في خصوص الأمارات المعتبرة، فاذا كنا نعلم في خصوص الأمارات المعتبرة بوجود محرمات بقدر المحرمات الموجودة في الدائرة الكبيرة من الشبهات فهنا سيكون ما افاده تاماً وينحل العلم الإجمالي، ولكن نقول: نحن لا علم اجمالي لنا بوجود محرّمات في خصوص دائرة الأمارات المعتبرة فقط بل نحن نعلم أيضا بوجود محرّمات في دائرة الأمارات غير المعتبرة من شهرات وأخبار ضعاف وما شاكلهما، فالعلم الاجمالي لا ينحصر بدائرة الأمارات المعتبرة بل أيضا يوجد علم اجمالي بوجود محرمات في دائرة الأمارات غير المعتبرة فإنه بعد كثرتها لا يحتمل كذبها بأجمعها بحيث لا يوجد فيها بعض الأمارات الصادقة، وإذا سلّمنا بوجود علمٍ اجمالي ثانٍ في دائرة الأمارات غير المعتبرة فبناءً على هذا يلزم عدم انحلال العلم الاجمالي الكبير فقط وفقط في دائرة الأمارات المعتبرة بل سينحل أيضا في دائرة الأمارات غير المعتبرة مادمنا نعلم بوجود أحكامٍ صحيحةٍ فيها؛ إذ لا يحتمل كذب جميع هذه الأمارات غير المعتبرة، وحينئذٍ يلزم أن ينحل العلم الاجمالي الكبير بهذين العلمين الاجماليين الصغيرين، وبذلك يلزم أن تكون الامارات غير المعتبرة حجة ويلزم الأخذ بها.

وقد ذكر الشيخ الأعظم هذه المناقشة في فرائده[1] .

واجاب السيد الخوئي في مصباح الأصول[2] بما حاصله: - إنا لا نسلّم بوجود علم احمالي بحقانية دائرة الشهرات إذا لم تكن مقترنة بخبر الثقة وإنما نحن نعلم بذلك فيما إذا كانت مقترنة بخبر الثقة وأما الشهرات لوحدها فلا يوجد علم اجمالي بحقانية بعضها حتى يأتي اشكال الشيخ الأعظم، بل نحن لا نعلم بحقانية بعض الشهرات إذا لم تكن مجتمعة مع خبر الثقة.

ويمكن المناقشة بأن نقول: - إنَّ ما ذكره أول الكلام، فإنَّ لازم ما ذكره أنَّ جميع الشهرات تكون باطلة ولا يوجد فيها بعضٌ صادق وهذا لا يمكن الالتزام به، وعليه فما افاده السيد الخوئي في مناقشة الشيخ الأعظم قابل للمناقشة بما ذكرنا.


logo