46/11/22
-الاشكال السادس والسابع والثامن على تقريباتاثبات البراءة من خلال الاستصحاب - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع: - الاشكال السادس والسابع والثامن على تقريبات اثبات البراءة من خلال الاستصحاب - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الاشكال السادس: - إنَّ استصحاب البراءة حال الصغر لا يجري، لأنَّ شرط جريان الاستصحاب وحدة الموضوع، وهنا الموضوع مختلف، فإن غير البالغ يمكن أن يقال هو يغاير البالغ لأنه طفل وذاك بالغ فاختلف الموضوع، وعيله سوف لا يجري الاستصحاب لاختلاف الموضوع.
وفي الجواب نقول:- إنَّ المدار في بقاء الموضوع وعدم بقائه هو على العرف، والعرف هنا يرى وحدة الموضوع، ببيان: أنَّ غير البالغ لا ينحصر بالطفل الرضيع فقط وإنما يعم من كان عمره خمسة عشر سنة إلا يوماً أو يومين – أي قبل البلوغ بيوم أو يومين - فهذا غير بالغٍ أيضاً، حينئذٍ نقول إن هذا الصبي لا يوجد في حقه تكليف جزماً فنستصحب البراءة الثابتة له قبل بلوغه إلى ما بعد بلوغه، ودعوى اختلاف الموضوع ليست ثابتة لأنَّ المدار في بقاء الموضوع -كما قلنا - على العرف ونحن نأخذ الموضوع الذي لم تثبت له الحرمة سابقاً وهو الصبي الذي لم يبق لبلوغه إلا يوماً أو يومين لا الطفل الرضيع، والبراءة موجودة في حق هذا الصبي فنستصحبها إلى ما بعد البلوغ، وعليه فهذا الأشكال يكون منتفياً.
الاشكال السابع: - ما افاده الشيخ النائيني(قده)[1] ، وحاصله: إنَّ الهدف من استصحاب عدم التكليف ليس إلا هو التأمين من العقاب، ومن الواضح أنَّ التأمين من العقاب حاصلٌ بقاعدة قبح العقاب بلا بيان، ومعه يكون اجراء الاستصحاب لاثبات عدم التكليف وبالتالي اثبات عدم استحقاق العقاب تحصيلاً للحاصل.
والجواب عليه واضح حيث يقال: - إنَّ العادة في مقام الاستدلال قد جرت على ذكر أكثر من دليل وأكثر من طريق لاثبات المطلوب، فمثلاً لو أردنا أن نثبت أنَّ ماء الورد هل طاهر أو نجس فنقول إنه طاهر والدليل على ذلك أمران، الأول أصل الطهارة حيث نشك هل هو طاهر أو نجس فنثبت طهارته بقاعدة الطهارة التي تقول: - (كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه قذر)، والثاني وجود روايات تثبت طهارته، وهنا لا أحد يقول إنَّ هذا الاستدلال ليس بصحيح لأنهم استدللتم بدليلين، بل يقال يوجد طريقان لاثبات طهارته، فإن غضضنا النظر عن الطريق الأول أخذنا بالثاني وبالعكس، هذا كلام مقبول، وهنا الامر كذلك فإنَّ اثبات البراءة يمكن من خلال طريقين الأول الاستصحاب والثاني قاعدة قبح العقاب بلا ببيان، وعليه فلا يأتي اشكال تحصيل الحاصل.
الاشكال الثامن: - أن يقال إنَّ استصحاب عدم تشريع الحرمة قبل الشريعة وقبل البلوغ معارض باستصحاب عدم جعل الرخصة، فإنه قبل الشريعة كما لم يكن هناك جعل للتحريم أيضاً لم يكن هناك جعل للإباحة وإنما الاباحة فقد تولدت بعد التشريع وأما قبل التشريع فلا اباحة لا تحريم، وعلى هذا الأساس سوف يتعارض استصحاب عدم جعل الحرمة وتشريعها مع استصحاب عدم جعل الاباحة، وبعد تعارضهما سوف لا يجري شيءٌ منهما.
ويرده: -
أولاً: - إنَّ هذا يتم بناءً على أنَّ الاباحة تحتاج في تحققها إلى جعل، وأما إذا قلنا بأنها لا تحتاج إلى جعلٍ بل يكفي في ثبوتها عدم جعل التحريم فحينئذٍ لا يرد ما ذكره.
ثانياً: - إنَّ استصحاب عدم جعل الاباحة لا يجري في حدّ نفسه، لأنَّ الهدف من جريانه أحد أمور ثلاثة، الأول: اثبات التحريم، فنحن نستصحب عدم جعل الاباحة لاثبات التحريم، ولكن نقول: إنَّ هذا أصل مثبت وليس بحجة، الثاني: اثبات التنجيز، وجوابه: إنَّ التنجيز فرع ثبوت التحريم حتى يتنجّز وليس فرع عدم جعل الاباحة، وعليه فالتنجيز لا يمكن اثباته، الثالث: مجرد اثبات عدم جعل الاباحة لا أكثر، ولكن يجاب: يأنَّ هذا لغوٌ، وعليه فاستصحاب عدم جعل الاباحة لا يجري في حدّ نفسه كمعارضٍ لاستصحاب عدم تشريع التحريم.