46/11/14
-الأمر الثاني عشر( ما الوجه في التعبير بالنسيان والخطأ في ذيل حديث الرفع؟ ) - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع: - الأمر الثاني عشر( ما الوجه في التعبير بالنسيان والخطأ في ذيل حديث الرفع؟ ) - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الأمر الثاني عشر: - ما الوجه في التعبير بالنسيان والخطأ؟
إذا لاحظنا حديث الرفع وجدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعبر في بدايته بتعبير ( رفع عن أمتي ... ما لا يعلمون، وما استكرهوا عليه، وما اضطروا إليه ) ولكن حينما يصل إلى ذيل الحديث غير التعبير وقال ( ... والخطأ والنسيان )، أي رفع الخطأ والنسيان ولم يقل ( رفع ما اخطأوا ونسوا ) فما هي النكتة في ذلك؟
أجاب الشيخ النائيني(قده) عن ذلك وقال[1] :- إنَّ الحديث وإن عبر بذلك إلا أنَّ المقصود هو رفع ما اخطأوا وما نسوا، إذ لو لم يكن المقصود هو ذلك وكان المقصود هو ظاهر التعبير - يعني رفع نفس الخطأ والنسيان - للزم أن يكون المكلف عامداً وتترتب عليه آثار العمد في فعله الصادر منه لا آثار النسيان والخطأ، وحينئذٍ يحصل عكس المقصود، أو بتعبيرٍ آخر إنَّ ذلك يتنافى مع الامتنان والتوسعة، والحديث قد جاء للامتنان على الامة والتوسعة عليها، وعليه فلابد وأن يكون المقصود هو رفع ما نسوا لا رفع النسيان.
وفي التعليق نقول: - إنَّ الشيخ النائيني(قده) لم يبين نكتة العدول من ذلك التعبير إلى هذا التعبير، بل لو كان ما ذكره تاماً - بأن كان المقصود في جميع فقرات الحديث واحداً - لكان المناسب أنَّ يعبّر الحديث بنفس التعابير الواردة في صدره ويقول ( ما اخطأوا وما نسوا ) لا أن يغير التعبير ويعبر بالخطأ والنسيان بل عليه أن يعبّر في فقراته الأخيرة كما عبّر في فقراته الأولى، وعليه فما افاده لا يصلح جواباً عن الاشكال.
ولكن نقول: - يحتمل أن تكون نكتة عدم التعبير بالموصول في فقرتي الخطأ والنسيان والتعبير بدلاً عنه برفع الخطأ والنسيان هو أنه لو أتي بالموصول في فقرة ( نسوا ) للزم من ذلك اختصاص الرفع بالمنسي فقط، أي بما يترتب على المنسي فقط دون ما يترتب من آثار على النسيان، والحال أنَّ الحديث جاء للتخفيف.
فلو أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يعبّر بـ( ما نسوا وما اخطأوا ) يلزم أن يكون المرفوع هو خصوص الشيء الذي نسي وأُخطِئ فيه، أي في دائرة ضيّقة، بينما حينما يعبر بالخطأ والنسيان سوف تصير دائرة المرفوع أوسع وهي كل أنَّ ما يترتب على النسيان يكون مرفوعاً، وهكذا كل ما يترتب على الخطأ يكون مرفوعاً، لا أنَّ المرفوع هو خصوص ما نسوه، بل كل ما يترتب على النسيان.
وخذ مثالاً لذلك، وهو ما لو فرض أنَّ شخصا نذر ألا يبيع داره ولكنه نسي فباعها واشترى بجزءٍ من ثمنها داراً أخرى وسافر بالباقي إلى الحج، فبناءً على التعبير بالموصول يكون الرفع مختصاً ببيع الدار لا أكثر، لأنَّ المنسي هو بيع الدار فقط فإنه كان ناذراً عدم بيعها وأما شراء الدار الجديدة والحج فلا يكون صادراً عن نسيان فيلزم أن لا يكون مرفوعاً، بينما إذا عبر بالنسيان فكل شيءٍ يترتب على النسيان سوف يكون مرفوعاً، وعليه فكل من شراء الدار الجديدة والحج سوف يكون ممضياً وصحيحاً بمقتضى التعبير بكلمة النسيان، لأنَّ كل هذه الأمور هي من نتائج النسيان ومترتبة عليه، فلعل نكتة العدول في التعبير في الحديث هي هذه.