« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/11/13

بسم الله الرحمن الرحيم

 -الأمر السادس ( أن يكون مورد تطبيق الحديث هو الامر الوجودي )، الأمر السابع ( هليشترط أنَّ يكون مورد تطبيق حديث الرفع فعلاً أو تركاً للمكلف ولا يكفي أن يكون مجرد وجود أو عدم؟ ) - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

الموضوع: - الأمر السادس ( أن يكون مورد تطبيق الحديث هو الامر الوجودي )، الأمر السابع ( هل يشترط أنَّ يكون مورد تطبيق حديث الرفع فعلاً أو تركاً للمكلف ولا يكفي أن يكون مجرد وجود أو عدم؟ ) - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

 

الأمر السادس: - أن يكون مورد تطبيق الحديث هو الامر الوجودي، أي يكون فعلاً ووجوداً لا عدماً وتركاً ومن هنا لم يطبق الشيخ النائيني(قده)[1] الحديث على السورة المنسية لأنه إذا طبقه عليها فيلزم من ذلك رفع العدم ويتبدل هذا العدم إلى وجود وكأن المكلف يصير قارئاً للسورة وبالتالي يصير الحديث حديث اثبات لا حديث رفع.

وفي المناقشة نقول: - إنه حينما نقول إنَّ مفاد حديث الرفع هو الرفع يقصد من ذلك الرفع التشريعي، يعني أنَّ السورة المنسيَّة هي مرفوعة في عالم التشريع، وبالتالي يلزم من ذلك وقوع الصلاة صحيحة لأنَّ السورة مرفوعة وغير مطلوبة، لا أنه ينزّل عدمها منزلة الوجود أو ينزّل الوجود منزلة العدم فإنَّ هذا لا معنى له.

هذا مضافاً إلى أنه ما المقصود من كون حيث الرفع هو حديث رفع لا حديث اثبات؟ ظاهر الشيخ النائيني(قده) أنَّ المراد من الرفع هو العدم والمراد من الوضع هو الوجود وكلامه المتقدم مبني على ذلك.

ولكن نقول: - يمكن أن نقول يمكن أن يكون المقصود أنه حديث تخفيف، فالرفع هو بمعنى التخفيف، فالمولى يريد أن يخفف على المكلف، وعليه فلا مانع من تنزيل العدم منزلة الوجود ولكن من زاوية الآثار التخفيفية فقط، فنقول للمكلف إنَّ صلاتك صحيحة ولا حاجة إلى الإعادة، فإنه من هذه الزاوية يكون الرفع بمعنى التخفيف وبالتالي يثبت عدم وجوب الإعادة.

الأمر السابع: - ما أفاده السيد الخوئي(قده) في مصباح الأصول[2] والسيد الشهيد(قده)[3] في بحوث في علم الأصول، وحاصله: انه يشترط أنَّ يكون مورد تطبيق حديث الرفع فعلاً أو تركاً للمكلف ولا يكفي أن يكون مجرد وجود أو عدم من دون أن يكون فعلاً أو تركاً للفعل من قبل المكلف، وقد رتّبا على ذلك النجاسة، فإنَّ النجاسة هي حكم وضعي وهي تترتب على ملاقاة العين النجسة، فإذا لاقى الثوب البول النجس حصلت النجاسة آنذاك بقطع النظر عن كونها فعلاً للمكلف بل بمجرّد حصول ملاقاة عفوية سوف تحصل النجاسة، نعم قد تكون الملاقاة هي فعل للمكلف ولكن النجاسة هي حكم مترتب على الملاقاة بقطع النظر عن كونها فعلاً للمكلف، فلو تحققت الملاقاة بصورة عفوية من دون تدخل من قبل المكلف فسوف تتحقق النجاسة أيضاً، وعلى هذا الأساس حديث الرفع سوف لا يشمل هذا المورد لأنَّ شرط تطبيقه أن يكون المرفوع فعلاً من أفعال المكلف، وهنا النجاسة حصلت بسبب الملاقاة من دون تدخل من قبل المكلف فلا يشملها حديث الرفع حينئذٍ.

وفي التعليق نقول: - لا توجد قرينة في حديث الرفع تدل على اختصاص الرفع في خصوص ما كان فعلاً للمكلف، نعم يمكن أن يقال في فقرتي ( ما استكرهوا ) و( ما اضطروا ) أن ما استكرهوا وما اضطروا هو فعل للمكلف ولكن يمكن أن يقال إنَّ هذا أمرٌ اتفاقي، ففي ( ما استكرهوا ) أو ( ما اضطروا ) هذا فعل للمكلف قد أُكرِه أو اضطر إليه ولكن في بقية الفقرات لا يوجد فعل المكلف - مثل ( رفع ما لا يعلمون ) - فالنجاسة التي لا نعلم بها سوف نطبق عليها حديث ( رفع ما لا يعلمون ) وإن لم تكن النجاسة فعلاً للمكلف، فإنه لا دليل على لزوم كون المرفوع فعلاً افعال المكلف.

إن قلت: - ذكرنا سابقا أنَّ المراد من الرفع هو الرفع التشريعي، والرفع في عالم التشريع لا يتعلق إلا بالفعل، فيلزم اختصاص حديث الرفع بالأفعال.

قلت: - إنَّ متعلق الرفع ربما يكون موضوعاً وربما يكون متعلَّقاً، وفي المتعلَّق وإن لزم أن يكون فعلاً - فإنَّ متعلق التكليف يلزم أن يكون فعلاً من أفعال المكلف - ولكن الموضوع لا يلزم أن يكون فعلاً من أفعال المكلف، ومن المعلوم أنَّ النجاسة هي موضوع للمانعية، فإذا لم تكن النجاسة معلومة يلزم من ذلك أن تكون المانعية رغم أنها ليست فعلاً من أفعال المكلف يمكن أن يرتفع بحديث الرفع من دون مانعية في ذلك.


logo