46/10/23
-دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية ( حديث الرفع ) - البراءة الشرعية- أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع:- دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية ( حديث الرفع ) - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
وفي الجواب نقول:- إنَّ اختصاص حديث الرفع برفع الاحكام الشرعية شيء وجيه فإنَّه جاء من الشارع وهو يرفع الاحكام الشرعية، أما أن نخصّص بما إذا كان هذا الحكم الشرعي ثابتاً لفعل المكلف فهو أول الكلام، بل المهم أن الحديث يرفع الحكم الشرعي، أما أنَّ الحكم الشرعي لابد وأن يكون ثابتاً لفعل المكلف وبالتالي نقول النجاسة حيث أنها ليست فعلاً للمكلف فالاحكام المترتبة عليها سوف لا ترتفع فهذا أول الكلام.
والنتيجة:- لا بأس بتطبيق حديث الرفع لرفع الاحكام الشرعية ولو كان ذلك الحكم الشرعي هو الحكم بالنجاسة، فيشك هل الشارع حكم بالنجاسة هنا أو لا فنطبق حديث الرفع.
الوجه الثاني:- ما افاده الشيخ النائيني(قده) في اجود التقريرات[1] ، وحاصله: إنَّ النجاسة هي من الأمور الواقعية الثابتة بأسبابها الخاصة كمالملاقاة، وحينئذٍ متى ما حصلت الملاقاة ثبتت النجاسة سواء علم المكلف بذلك أم لم يعلم مكرهاً كان أو غير مكره مضطراً كان أو غير مضطر فإنَّ كل هذه الأمور ليس لها مدخلية بل بمجرد الملاقاة لعين النجس سوف تثبت النجاسة فإنَّ النجاسة من الأمور الواقعية التي لها اسبابها وسببها المهم هو الملاقاة للأعيان النجسة، وأما حديث الرفع فهو مختص برفع الاحكام التي يكون للاختيار وعدمه مدخلية في ثبوتها، ومن المعلوم أنَّ النجاسة ثبوتها لا مدخلية لاختيار المكلف وعدم اختياره فيها، فلا يمكن حينئذٍ تطبيق حديث الرفع في المقام لرفع النجاسة لأنَّ حديث الرفع يرفع الاحكام الثابتة لفعل المكلف وبنحو الاختيار وحيث إنَّ ثبوت النجاسة للأشياء لا مدخلية للاختيار فيه فحينئذٍ لا يمكن تطبيق حديث الرفع.
وفي المناقشة نقول:- إنَّ ما ذكره تام لو اريد رفع النجاسة من خلال الاضطرار والاكراه، يعني لو اضطررت أو اكرهت على وضع يدي على العين النجسة فهنا يمكن أن يقال لا مجال لتطبيق حديث رفع الاكراه أو الاضطرار لاثبات عدم تنجّس اليد، وأما بالنسبة إلى فقرة ( ما لا يعلمون ) فلا محذور في شمولها للنجاسة، فإنَّ الثابت من الخارج هو عدم مدخلية العلم وعدمه في ثبوت النجاسة الواقعية، فالنجاسة الواقعية لا مدخلية للعلم وعدمه والاختيار وعدمه والاكراه وعدمه بها، فلو فرض أني سرت في مكان ولامست عباءتي أو ثوبي البول أو الدم مثلاً فهنا سوف تثبت النجاسة الواقعية لعباءتي والعلم وعدم العلم لا مدخلية له بالنجاسة الواقعية، وهذا شيء صحيحٌ بلحاظ النجاسىة الواقعية، وأما بلحاظ النجاسة الظاهرية فلا مانع من التمسك بحديث ( ما لا يعلمون ) لرفع النجاسة الظاهرية دون الوافعية، فأنا لا أعلم بأنَّ عباءتي اصابت النجاسة أو لم تصبها فحينئذٍ يمكنني أن أطبق فقرة ( رفع ما لا يعلمون ) في المقام لرفع النجاسة الظاهرية
إن قلت:- إنَّ رفع النجاسة الظاهرية لا يحتاج إلى تمسك بحديث ( رفع ما لا يعلمون ) إذ يوجد شيء آخر يمكن التمسك به وهو أصل الطهارة، فأنا مادمت لا أعلم بالنجاسة فسوف يجري أصل الطهارة وحينئذٍ لا نحتاج إلى حديث الرفع؟
قلت:- ما المانع من وجود طريقين شرعاً لرفع النجاسة الظاهرية، فأنا عباءتي لا أدري هل لامست النجس أو لا فمرة أتمكن أنَّ أطبق قاعدة الطهارة - ( كل شيء لك طاهر ) -، وأخرى أتمكن أن اطبق حديث ( رفع عن امتي ما لا يعلمون ) فأنا لا أعلم بأن عباءتي قد تنجست فجاستها شيء غير معلوم فاطبق حديث ( رفع ما لا يعلمون ) لرفع النجاسة الظاهرية من دون مانع.