46/10/14
-دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية ( حديث الرفع ) - البراءة الشرعية- أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع:- دلالة السنَّة الشريفة على البراءة الشرعية ( حديث الرفع ) - البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
أما السؤال الثاني:- وهو أنه هل الحديث يشمل الاحكام الضمنية يعني الجزئية والشرطية والمانعية أو لا يشملهما؟
وهذا هو البحث المعروف بدوران الأمر بين الاقل والاكثر الارتباطيين، وسيأتي التعرض له مفصلاً فيما بعد، ولكن نقول باختصار الآن:- إنَّ الشك تارةً يكون في جزئية الشيء للواجب كجزئية السورة للصلاة، وأخرى يكون في جزئية الشيء للمحصّل للغرض، يعني إذا شككنا أنَّ الغرض لا يتحقق إلا بهذا الشيء المشكوك.
والكلام يقع أولاً في جزئية الشيء لمتعلق التكليف:- مثل السورة حيث لا ندري هل الأمر التكليفي بالصلاة قد تعلق وانبسط على السورة أو الطمأنينة مثلاً أو لم يتعلق وينبسط عليها، فإذا شكنا في جزئية شيء لمتعلق الواجب فهل يمكن تطبيق حديث الرفع هنا أو لا؟
وفي الجواب نقول:- إنَّ الشك هنا تارةً يكون بنحو الشبهة الحكمية - يعني الشك في الحكم الكلي - فنحن لا نعلم أنَّ السور واجبٌ وجزء من الصلاة أو لا، وأخرى يكون بنحو الشبهة الموضوعية - يعني نحن نعلم أن السورة هي جزء جزماً ولكن شككت هل قرأتها أو لم اقرأها بعد الحمد فهذا شك في الجزئية ولكن بنحو الشبهة الموضوعية -.
أما إذا كان الشك في جزئية الشيء بنحو الشبهة الحكمية كجزئية السورة للصلاة:- فالمناسب هنا جواز التمسك بحديث الرفع، فنحن لا نعلم بأنَّ الوجوب قد تعلق بهذا الجزء، فنحن نعلم بأنَّ الوجوب قد تعلق بالتسعة جزماً أما أنه تعلّق بالعشرة بما في ذلك الجزء المشكوك فهذا شك في تعلّق التكليف وأنَّ التكليف هل تعلق بالأكثر أو تعلق بالأقل، فهو قد تعلَّق بالأقل جزماً أما الأكثر فيشك في تعلّق التكليف به والمناسب هنا هو تطبيق حديث الرفع، وبالتالي ننفي الجزئية المشكوكة.
ونلفت النظر إلى أمور ثلاثة ترتبط بهذا الموضوع:-
الأمر الأول:- إنَّ الجواب عن هذا السؤال - يعني إذا شككنا في جزئية السورة في الصلاة - قد يرتبط بأنَّ الأمر المتعلّق بالصلاة هل نبني على أنه واحد ومنبسط على مجموع الاجزاء، أو نبني على وجود أوامر ضمنية بعدد الأجزاء؟
ذكر السيد الروحاني(قده)[1] أنه إذا بنينا على أنَّ الأمر المتعلق بالصلاة ينحل إلى أوامر بعدد الأجزاء فإذا شككنا في جزئية جزء فالمناسب القول بالبراءة، لأنَّ تسعة أوامر جزماً هي متعلقة بتسعة أجزاء وأما السورة فنشك في جزئيتها وحينئذٍ نشك في تعلق الأمر بها فمن المناسب جريان البراءة في الجزء المشكوك.
وأما إذا بنينا على أنَّ الأمر واحد وليس منحلاٍ بعدد الاجزاء ( نظير الخيمة وما تظله من مكانٍ واللحاف وما يغطيه من اجزاء الجسم )[2] فمن المناسب هو الاشتغال، لأنَّ الأمر جزماً هو واحد ونشك في تحقق امتثاله لو أتينا بالتسعة دون الجزء العاشر وحينئذٍ لا تجري البراءة وإنما يجري الاشتغال.
وفي التعليق على ما ذكره نقول:- حتى لو بنينا على أنَّ الأمر واحد ومنبسطٌ على الاجزاء إلا أننا نشك في سعة هذا الأمر وأنه يشمل الجزء المشكوك أو لا يشمله، فبالتالي نحن نشك في انبساطه وسعته للجزء المشكوك وفي مثل هذه الحالة تجري البراءة حتى لو بنينا على أنَّ الأمر واحد، فإنَّ هذا الأمر الواحد متعلق بالتسعة جزماً وأما أنه منبسط ووسيع ويشمل الجزء العاشر فهذا يشك فيه وحينئذٍ تجري البراءة عن السعة ونقتصر على القدر المتقين.