-أدلة البراءة الشرعية- البراءة الشرعية- أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

الموضوع:- أدلة البراءة الشرعية- البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

واشكل الشيخ العراقي(قده )[1] على الاستدلال بالآية الكريمة لاثبات البراءة:- ببيان أنَّه يمكن أن نفترض أنَّ الله عزَّ وجل قد أوصل الحكم من خلال النبي والائمة عليه وعليهم افضل الصلاة والسلام، فهذا الحكم قد بينه الله عزَّ وجل وجعله في معرض الوصول ولكن طرأ الاختفاء عليه بشكلٍ وآخر من قبل الظالمين وبمرور فتراتٍ تاريخية، ولو احتملنا هذا فسوف تجري البراءة هنا، وأما إذا احتملنا - وهذا الاحتمال موجود دائماً - أنه اختفى بسب الحوادث التاريخية فإنَّ بعض التراث قد تلف جزماً ففي مثل هذه الحالة لا يجوز التمسك بالآية الكريمة لاثبات البراءة فإنما يصح التمسك بالبراءة فيما إذا فرض أنه لم يصدر هذا الحكم ولم يبينه النبي ولا الائمة عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، وأما إذا بيّن هذا الحكم ونحتمل أنه اختفى بسبب الحوادث التاريخية فالآية الكريمة لا تكون شاملة لمثل هذا المورد، فإنه في الحالة الأولى- يعني إذا لم يبيّن النبي أو الائمة عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام - فهنا يصدق أنه لم يتحقق الايتاء فلا يجوز حينئذٍ التمسك بالبراءة، وأما إذا فرض تحقق الايتاء ولكنه اختفى بسبب الحوادث التاريخية فحينئذٍ لا نجزم بعدم تحقق الايتاء وحينئذٍ لا يمكن التمسك بالآية الكريمة لاثبات البراءة فإنَّ هذا غير صحيح، وحيث إنَّ هذا الاحتمال موجودٌ دائماً فلا يصح حينئذٍ التمسك بالآية الكريمة لاثبات البراءة.

وفي مقام المناقشة نقول:- إنَّ الآية الكريمة لو كانت تقول ( لا يكلف الله نفساً إلا إذا أتى بالتكليف ) فما ذكره يكون صحيحاً واشكاله يكون وارداً؛ إذ لعل المولى أتى بالتكليف ولكنه اختفى بسبب الظالمين والحوادث التاريخية، ولكن الآية الكريمة قالت ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها ﴾ يعني لابد أن يصل إليها، ولكن هذا قد خفي عن الشيخ العراقي(قده) وإلا لأشار إليه وناقشه. فالآية الكريمة قالت ﴿ إلا ما آتاها ﴾ فيلزم أن يصل إلى المكلف بحيث يصدق أنه آتاها، أما أنَّ ذلك يصدق من دون أن يصل إلى المكلف فهذا لا ينفع في ثبوت التكليف، بل الذي ينفع في ثبوته هو ما إذا وصل إليها فآنذاك يثبت التكليف، وحيث إنّ البعض قد تلف بسب الظالمين فبالتالي لا يصدق عنوان ( آتاها ) وإذا لم يصدق فحينئذٍ تكون البراءة جارية.