« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

-أدلة البراءة الشرعية- البراءة الشرعية- أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

الموضوع:- أدلة البراءة الشرعية- البراءة الشرعية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

وأشكل الشيخ الأعظم(قده)[1] على هذا التقريب وقال:- إنه إذا فسَّر الاسم الموصول بالمال والفعل فسوف تكون نسبة الفعل ( يكلف ) هي نسبة الفعل إلى المفعول به، بينما لو كان المقصود من الاسم الموصول هو التكليف فسوف تصير النسبة هي نسبة الفعل إلى المفعول المطلق - فيصير المعنى لا يكلف الله نفساً تكليفاً -، وعليه فسوف تختلف، فعلى التقدير الأول تصير نسبة الفعل إلى المفعول به وعلى القدير الثاني تصير نسبة الفعل إلى المفعول المطلق، ومن المعلوم إنَّ احدى النسبتين تغاير الأخرى ولا جامع بينهما، وعليه فلا يمكن حينئذٍ إرادة المعاني الثلاثة معاً فإنَّ لازمه استعمال اللفظ في أكثر من معنى وهو حتى لو كان ممكناً ولكن لا أقل هو مخالفٌ للظاهر ولا يصار إليه إلا بقرينة خاصة وهي مفقودة.

نعم يوجد شيءٌ واحد يمكن أن يكون هو المراد وهو المال، لأنَّ الآية الكريمة واردة في مورد المال فيكون هذا المعنى مقصود جزماً أما إرادة المعاني الثلاثة الأخرى فهذا لا يمكن لأنه يلزم استعمال الهيئة في نسبتين وهو مخالف الظاهر.

وقد اجيب عن هذا الاشكال بعدَّة اجوبة: -

الجواب الأول: - ما ذكره الشيخ العراقي(قده)[2] في مقالات الأصول، وحاصله: إنّ الهيئة مستعملة في نسبةٍ جامعة بين النسبتين - أو النسب الثلاث - وعليه فهي مستعملة في معنىً واحد وليس متعدد، فهيأة ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاه ﴾ هي مستعملة في نسبة واحدة جامعة بين النسبتين أو الثلاث.

وفي التعليق عليه نقول:- إنه لا يوجد جامع ذاتي بين النسب لتكون الهيأة مستعملة في ذلك الجامع الذاتي، بل كل نسبةٍ هي مختصَّة بنفسها أما وجود نسبة تجمع بين النسب فلا يوجد جامع ذاتي لذلك، نعم قد يقال إنه يراد نسبة ثالثة غير نسبة الفعل إلى المفعول المطلق وغير نسبة العفل إلى المفعول به وهي جامعٌ بين السنبتين - أو لا اقل هي ملائمة معهما - وحينئذٍ لا يلزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى، ولكن نقول أولاً إنَّ مثل هكذا نسبة هي غير موجودة، وثانياً إنه حتى لو كانت موجودة ولكن لا مثبت لإرادة هذه النسبة الجامعة والملائمة مع النسبتين، وعليه فهذا الجواب لا ينفع.

وقد يقول قائل دفاعاً عن الشيخ العراقي:- إنَّ ما ذكره - من أنَّ الهيأة مستعملة في الجامع بين السنبتين - يبتني على مبناه فإنَّه يبني على وجود جامعٍ ذاتيٍ بين افراد النسبة الابتدائية مثلاً، فلو كان أفراد النسبة متعدد فيوجد جامع ذاتي بين أفرادها، وعليه ففي مقامنا نقول إنه كما لا يلزم الاستعمال في أكثر من معنىً واحد لأنَّ المراد هو الجامع الذاتي بين أفراد السنبة الابتدائية ففي موردنا أيضاً نقول إنَّ هيأة ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها ﴾ مستعملة في الجامع الذاتي بين أفراد المعاني المتعددة أو النسبة المتعددة.

ولكن ريده:- إنه حتى لو سلّمنا بوجود جامعٍ بين أفراد النسبة الواحدة ولكن نقول إنَّ هذا يختص بالجامع بين أفراد السنبة الواحدة، أما محل كلامنا فهو أننا نريد الجامع بين نسبتين مختلفتين لا بين أفراد نسبةٍ واحدة، لأنه يوجد في الآية الكريمة نسبتان الأول نسبة الفعل إلى المفعول به على تقدير ارادة المال أو على تقدير إرادة الفعل، وسبة العفل إلى المفعول المطلق إذا كان المراد من الموصول هو التكليف، فما ذكره لو فرض تماميته فهو يتم فيما إذا كان هناك جامعٌ بين أفراد النسبة الواحدة، وأما الجامع بين افراد نسبتين فهذا غير موجود ولا معنى له لأنه لا يوجد جامع بين أفراد نسبتين مختلفتين، ولو أمكننا أن نتصور وجود الجامع فهو الجامع بين أفراد السنبة الواحدة لا بين أفراد نسبتين مختلفتين كما هو واضح.


[1] فرائد الأصول، ج2، ص21.
logo