« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

-وجوه حجية احتمال التكليف من قبل المولى( وجوه منجزية الاحتمال )– البراءة العقلية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

الموضوع:- وجوه حجية احتمال التكليف من قبل المولى( وجوه منجزية الاحتمال ) – البراءة العقلية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.

 

الوجه الثاني:- ما أفاده السيد الروحاني(قده) في منتقى الاصول[1] ، وحاصله: إنَّ ملاك العقاب في الدنيا معلومٌ لدينا بخلاف ملاك العقاب في الآخرة، ففي الدنيا المولى أو الأب حينما يعاقب ولده أو مملوكه فملاك هذه العقوبة واضح وهو لأجل أحد أمرين إما لأجل أنَّ لا يعود المملوك أو الولد للمخالفة من جديد أو لأجل تأديب الآخرين وردعهم عن المخالفة حينما يرون معاقبة هذا المملوك أو الابن- فالعقوبة الدنيوية هي إما لردع المذنب أو لردع الآخرين عن الاتبكاب - وأما ملاك العقوبة في الآخرة فليس معلوماً لدينا ولا يحتمل أنَّ الملاك الاخروي هو ردع الآخرين فإنَّ هذا باطل لأنَّ الآخرة ليست دار تكليف بل دار التكليف هي الدنيا فقط، وحينئذٍ نقول إنَّ لازم جهالة ملاك العقوبة الأخروية بطلان قاعدة قبح العقاب؛ إذ لعلَّ ملاك العقوبة الأخروية هو سنخ ملاكٍ يعم حالة الشك في التكليف، وعليه فلا يمكن أن نحكم بقبح العقاب بلا بيان لأنَّ ملاك العقاب الأخروي غير معلوم لدينا، ولازم ذلك ثبوت منجّزية الاحتمال.

وفي التعليق نقول:-

أولاً:- إنَّ حصر ملاك العقاب بالأمرين المذكورين غير صحيح، بل يحتمل وجود ملاكٍ ثالث للعقوبة وهو التجاوز على المولى، فحينما يأتي شخص ويسبني مثلاً فسوف اعاقبه وهذه العقوبة لا لأجل ردعه عن معاودة ذلك ولا لأجل ردع الغير عن الارتكاب وإنما لأجل أنه تجاوز عليَّ من دون مبرر، فنفس هذا التجاوز هو موجبٌ لاستحقاق العقوبة بقطع النظر عن مسألة ردع نفس الشخص المرتكب أو ردع غيره عن الارتكاب، وبناء على هذا نقول إنَّ ملاك العقوبة الأخروية يحتمل أن يكون هو هذا، فالمخالف يستحق العقوبة لأنه تحاوز على الحق الالهي، فنفس التجاوز يوجب استحقاق العقاب، وهذا ملاكٌ ثالثٌ يمكن من خلاله اثبات استحقاق العقوبة، وأما حصر ملاكها بالملاكين المتقدمين فهو أمرٌ مرفوض.

ثانياً:- إنه حتى لو سلَّمنا بعدم وجود ملاكٍ ثالثٍ للعقوبة الأخروية ولكن يمكن توجيه العقاب أيضاً باعتبار أنَّ المكلف هو يعصي في الدنيا، فلأجل أن لا يعاود ارتكاب مثل ذلك في الدنيا ثانيةً سوف يعاقب في الآخرة، فالقعوبة الأخروية هي لأجل مصلحة العبد أي لأجل أن لا يعاود ارتكاب الذنوب فإنَّ المكلف إذا عرف أنه لا يوجد عقاب في الآخرة فسوف يرتكب الذنب ثانية وثالثة ورابعة، وبهذا يتضح أنَّ ملاك العقاب الأخروي يمكن أن يقال هو لأجل أن لا يعاود العبد ارتكاب الذنب ثانيةً.

ثالثاً:- إنَّ لازم منع اطلاع العقل على ملاك العقاب - كما ادَّعى - أن لا نحكم بحسن عقاب يزيد ومعاوية واعداء أمير المؤمنين عليه السلام لأنا لا نعرف ملاك عقابهم، وهذا لا يمكن الالتزام به وتكون نتيجته المصير إلى مذهب الاشعري الذي يقول بأنَّ العقل لا يدرك حسن الأشياء وقبحها.

ولعله توجد مناقشات أخرى غير هذه الثلاثة.


logo