46/07/18
-وجوه حجية احتمال التكليف من قبل المولى( وجوه منجزية الاحتمال )– البراءة العقلية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع:- وجوه حجية احتمال التكليف من قبل المولى( وجوه منجزية الاحتمال ) – البراءة العقلية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
وفي التعليق نقول:- نحن نسلّم أنَّ الله عزَّ وجل له حق المعمية علينا وبالتالي له الحق الاطاعة في احكامه، ولكن الكلام أنه هل يثبت بذلك منجزية الاحتمال ولزوم الاطاعة حتى في حالة احتمال التكليف بحيث لو لم نعمل بمقتضى الاحتمال حقَّ له أن يعاقبنا على ذلك؟ إنَّ ذلك غير ثابت.
ولأجل أن يتضح المطلب نضرب مثالاً:- وهو ما لو فرض أنَّ شخصاً سافر إلى بلدٍ فالتقى بشخصٍ في ذلك البلد فاكرمه ذلك الشخص وأنعم عليه بنعم ٍكثيرة بأن زوّجه بنته وشترى له داراً وسيارةً وغير ذلك فالمناسب للمُنعَم عليه أن يشكر المنعم ازاء هذه النعم، ولكن لو فرض مرة أنَّ المنعَم عليه احتمل أنَّ المُنعِم يريد شيئاً ولكنه تهاون في تنفيذه فهل يصح للمنعِم أن يعاقبه على عدم امتثاله لما أراده؟ إنه لا يحق له ذلك.
فإذاً نحن نسلَّم مع السيد الشهيد(قده) بقضية وننكر أخرى، فنحن نسلَّم معه بأن الله عزَّ وجل بما أنه منعم علينا بنعمٍ لا تعد ولا تحصى فلابد وأن نمتثل حتى الاحتمال، فإذا احتملنا أنه يريد شيئاً منا فمن المناسب أن نأتي بذلك الشيء، ولكن كلامنا هو أنه لو لم نطبّق الاحتمال فكون حق المنعمية يقتضيي جواز معاقبته لنا على مخالفة الاحتمال هو أول الكلام.
نعم هذا المكلف قد فعل فعلاً ليس بصحيح ويستحق المعاتبة والتأنيب ولكن ثبوت حق معاقبته أول الكلام.
ولكن يمكن انقول:- إنَّ حق العقاب ثابت لله عزَّ وجل جزماً لا لأجل حق المنعمية بل لأجل كون ذلك في صلاح العبد، نظير ما يفعله الأب مع ولده، فلو فرض أنَّ الابن خالف أباه في بعض أوامره التي أمره بها والمفروض أنَّ الأب قد أنعم عليه بنعم كثيرة بأن زوّجه واشترى له داراً وسيارةً وغير ذلك فإذا فرض أنَّ الابن لم يفعل ما يناسب ذلك بأن لم يطع أوامر الأب في يومٍ من الأيام ففي مثل هذه الحالة أقضى ما هو ثابت هو إنَّ هذا عقاب الأب هو في صالح الأبن، فله الحق في أن يؤنّبه بل وله الحق في أن يعاقبة ولكن هذا ليس ثابتاً من باب المنعمية بل من باب أنَّ صلاح الولد هو بذلك - حتى يسير سيراً صحيحاً - فالعقوبة لا تأتي من جهة حق المنعمية - وأنه بما أنَّ حق المعمية وسيع فمسألة الاطاعة تكون ثابتة حتى لمخالفة الاحتمال وأنه حتى الاحتمال منجّز - بل من جهة أنَّ العقوبة أو التأنيب هي في صالح الولد، وأما مسألة منجّزية الاحتمال فهي اجنبية عن المقام.