46/07/17
-وجوه حجية احتمال التكليف من قبل المولى– البراءة العقلية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الموضوع:- وجوه حجية احتمال التكليف من قبل المولى – البراءة العقلية - أصل البراءة - مبحث الاصول العملية.
الوجه السابع: - وهو للشيخ الاصفهاني(قده)[1] ، وحاصله مركب من مقدمتين: -
الأولى: - إنَّ مخالفة ما قامت على الحجة من قبل المولى يعدّ ظلماً للمولى وهو لا يجوز.
الثانية: - إنَّ المدار في حجية الشيء هي على العلم، فإذا حصل العلم كان حجة ومخالته تكون ظلماً للمولى، وأما إذا لم يحصل العلم فلا حجة حتى يلزم من المخالفة ظلم المولى، وحجية الشيء تدور مدار العلم ومن دون الحجة - أي من دون العلم - سوف يقبح العقاب لأنه لا بيان أي لا علم.
وفي التعليق نقول: -
إما المقدمة الأولى: - فالظاهر أنها مسلّمة، فإنَّ ما قامت عليه الحجة من قبل المولى لا يجوز مخالفته لأنه تجاوزٌ على المولى وظلمٌ له.
وأما المقدمة الثانية: - فهي محل الكلام، فإنه ذكر أنَّ الحجية تدور مدار العلم، ولكن نقول: إنَّ هذا عين المتنازع فيه، ولا يمكنك اثبات المطلوب بنفس المدّعى، فالذين ينكرون قاعدة قبح العقاب لا يسلّمون بأنَّ الحجة هي للعلم فقط، ونحن كلامنا أنه هل الحجة هو العلم فقط أو يشمل الظن أيضاً. فأنت لم تفعل شيئاً.
ومن خلال هذا كله اتضح أنَّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان لم يتم عليها دليل لحد الآن، وبالتالي يمكن لقائلٍ أن يقول إنَّ الحجة ليس هو العلم فقط بل يشمل الظن والاحتمال أيضاً، ولكن مجرد هذه الدعوى لا تثبت حجية الاحتمال، وعليه فلابد من إقامة الدليل على أنَّ الاحتمال حجة ومنجز أيضاً كالعلم، فإنَّ اقصى ما قلنا هو أنه لا دليل على حصر الحجية بالعلم ولكن هذا وحده لا يثبت حجية غير العلم بل نحتاج إلى دليلٍ يثبت ذلك، أي يثبت أنه لا يقبح العقاب من دون علم بل حتى إذا كان الاحتمال موجوداً كفى ذلك في الحجة. وكلامنا هذا هو بقطع النظر عن البراءة الشرعية بل نحن وحكم العقل.
وجوه حجية الاحتمال للتكليف من قبل المولى: - ذكرت عدَّة وجوه لحجية احتمال التكليف وهي: -
الوجه الأول: - ما ذكره السيد الشهيد(قده) حيث ربط حجية الاحتمال بمسألة مولوية المولى قال: لا إشكال في أنَّ الله تعالى له مولوية علينا، وبما أنه مولانا فتجب حينئذٍ اطاعته؛ إذ هو منعمٌ علينا بنعمٍ لا تعدُّ ولا تحصى، فبسبب حق المنعمية الذي هو حقٌّ ثابت وسيع بحكم العقل يثبت أنّّ له حق الاطاعة علينا، والعقل أيضاً يحكم بسعة حق الاطاعة المذكور، فهو كما يشمل حالة القطع بالتكليف - الذي هو القدر المتيقن من مولوية المولى - كذلك يشمل مورد احتمال التكليف لسعة منعميته لذلك، والمشهور إنما انكروا حجية الاحتمال وعدم منجزيته وقالوا بقاعدة قبح العقاب بلا بيان هو بسبب أنهم فَصَلوا بين حقّ المنعمية وبين مسألة حجية الحجَّة، فحينما فَصَلوا بينهما ولم يربطوا بينهما نتج عن ذلك عدم حجية الاحتمال، ولكن إذا نظرنا إلى سعة دائرة منعمية المولى من جهة ونظرنا من جهة أخرى إلى مسألة حجية الاحتمال فحينئذٍ إذا احتملنا التكليف فسوف يلزم علينا أن نأتي به لسعة دائرة منعميته تعالى،؛ إذ مادام هو منعم علينا بالدائرة الوسيعة فسيكون له حق الاطاعة علينا بدرجةٍ وسيعة شاملةٍ لحالة احتمال التكليف أيضاً.