« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

-اجوبة اخرى على الآيات الكريمة الناهية عن العمل بالخبر- مبحث حجية خبر الواحد.

الموضوع:- اجوبة اخرى على الآيات الكريمة الناهية عن العمل بالخبر - مبحث حجية خبر الواحد.

 

وفي مقام الجواب نقول:- إنَّ ما ذكره الشيخ الاصفهاني(قده) - من أنَّ الثابت هو أحد البناءين لا كليهما فالثابت هو بناء العقلاء على العمل بخبر الثقة وأما البناء على العمل بظهور الآيات فليس بثابت - هو وجيه فيما إذا كان العقلاء ملتفتين إلى المنافاة بين عملهم بخبر الثقة وبين ظهور الآيات الكريمة وليسوا غافلين عن ظهور الآيات الكريمة، والحال أنَّ العقلاء يسمعون الآيات الكريمة الناهية عن العمل بالظن صباحاً ومساءً ولكن ورغم ذلك هم يعملون بخبر الثقة، وهذا إن دلَّ على شيءٍ فإنهما يدل على أنهم لا يدركون هذه المنافاة، فالعقلاء لا يرون المنافاة بين سيرتهم على العمل بخبر الثقة وبين الآيات الناهية عن العمل به، فإنَّ مثل هذه المنافاة لا يلتفت إليها كل انسان عادي وإنما يلتفت إليها طالب العلم الذي تفتحت له المطالب العلمية، وعلى هذا الأساس هذه المنافاة لا يدركها العقلاء فلأجل هذا يعملون بخبر الثقة ولا يعيرون أهميةً للآيات الناهية عن العمل بالظن.

وإذا قيل: - نحن الآن يوجد عندنا التفات الآن إلى وجود هذه المنافاة بين السيرة على العمل بخبر الواحد وبين الآيات الكريمة الناهية عن اتباع الظن.

قلنا: - إنَّ الآيات الكريمة لم ترد فقط وفقط لطلاب العلم وإنما هي ورادة لجمع الناس والعقلاء من صدر الشريعة إلى يومنا هذا، وحيث إنهم لم يعيروا أهميةً لها فهذا أدل دليلٍ على أنها ليست صالحة للردع عن هذه السيرة، فإنَّ السيرة على العمل بخبر الثقة مستحكمة ولا يكفي في الردع عنها هذه الآيات الكريمة وإنما يحتاج إلى ردع أقوى، فلو كانت هذه السيرة مردوع عنها لجاءت آيات كريمة أخرى وقالت لا تعملوا بخبر الثقة، أما أن تأتي آيات كريمة تنهى عن العمل بالظن فهذا المقدار لا يكفي صلاحيةً للرادعية.

وقد ذكر السيد الشهيد(قده) جواباً على ما افاده الشيخ الاصفهاني(قده) فقال:- لعلَّ العقلاء يرون أنَّ الآيات صالحة للرادعية ولكنهم لم يرتدعوا عن العمل بالسيرة على العمل بخبر الواحد لعصيانهم لها مثل ما هم يعصون النهي عن شرب الخمر مثلاً فيشربونه رغم علمهم بحرمته، وفي المقام يقال إنَّ السيرة على العمل بخبر الواحد موجودة والآيات الرادعة عنها موجودة أيضاً ولكنهم عصوا هذه الآيات وعملوا بالسيرة على العمل بخبر الواحد كمعصيتهم لحرمة شرب الخمر، وعليه فهذه السيرة لا يمكن التمسك بها لأنَّ العقلاء ربما يرون هذه الآيات صالحة للردع ولكن مع ذلك لا يعتنون لها ويعصون كما يعصون في امتثال الأمر بالصلاة أو عدم امتثال حرمة اشرب الخمر.

وفي التعليق على ما ذكره السيد الشهيد(قده) نقول: - إنَّ ما ذكره وجيه فيما إذا كان الناس في زمان نزول القرآن أمثال الناس الموجودة في زماننا، فإنه في زمان نزول القرآن الكريم حينما نزلت هذه الآيات الكريمة الناهية عن العمل بالظن كان فيهم أبو ذر وسلمان وعمّار وغيرهم من المؤمنين الذين هم في الدرجة الأولى والعالية من الايمان ولا يحتمل في حقّهم العصيان، وعليه فما أفاده لا يمكن الالتزام به.

وعليه فالردّ المناسب على ما افاده الشيخ الأصفهاني(قده) ليس ما افاده السيد الشهيد(قده) وإنما ما أشرنا إليه.

logo