< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/11/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التنبيه الثالث، التنبيه الرابع - تنبيهات - الاخبار العلاجية - تعارض الادلة.

وعلق السيد الخوئي(قده)[1] [2] على ما أفاده الشيخ الهمداني(قده) وقال:- المناسب عدّ المورد من تعارض الخبرين خلافاً للشيخ الهمداين(قده)، لأنه يصدق عليهما عنوان الخبرين رغم الجزم بعدم صدور أحدهما كما هو الحال في سائر موارد التعارض، فإننا في سائر موارد التعارض نجزم بكون أحدهما ليس بصادرٍ ولكن رغم ذلك يُعدُّ من باب التعارض، ويمكن أن نقول إنَّ هذا نظير ما لو دخل راويان إلى دار الامام عليه السلام فاستمعا لقوله ثم خرجا ونقلا عنه حديثاً واحداً لكن الراوي الأول نقله بشكلٍ والراوي الثاني نقله بشكلٍ آخر فإن هذا المورد يمكن عدّه من باب التعارض، ولكنَّ هذا يكون في الحالة الاولى التي ذكرهما الشيخ الهمداني(قده) - وهي أن ينقل الكليني الحديث بشكل وينقله الشيخ الطوسي بشكلٍ آخر - فإنها تكون داخلة تحت باب التعارض لا كما قال الشيخ الهمداني(قده).

وأما إذا كان النقل بالحالة الثانية التي ذكرها الشيخ الهمداني(قده) - كما لو كانت نسخ التهذيب مختلفة - فيمكن أن نقول إنَّ الحق مع الشيخ الهمداني(قده)، فإنَّ المورد لا يصير من باب التعارض وإنما يصير من باب اشتباه الحجة باللاحجة، نعم لو اُحرِزَت وثاقة ناسِخَي الكتاب فلا يبعد أن نعدّه من باب التعارض أيضاً.

فإذاً السيد الخوئي(قده) وافق الشيخ الهمداني(قده) في نصف مدّعاه وخالفه في نصفه الآخر.

وفي مقام التعليق على هذا الموضوع نقول:- لا يبعد أن يكون المناسب هو عدم عدّ المورد - بكلا قسميه - من باب التعارض، وبذلك نكون قد وافقنا الشيخ الهمداني(قده) في النتيجة وإن اختلفنا معه في التعليل، فهو علل بأنَّ المورد من اشتباه الحجة باللاحجة لأنَّ الصادر واحدٌ والاشتباه هو في الصادر حيث لا نعلم أنَّ الصادر ما هو، وأما نحن فنعلل بتعليلٍ آخر حيث نقول:- إنما يكون المورد من باب التعارض فيما إذا فرض أنه كان كل خبرٍ مهنما يحكي واقعاً معيناً يختلف عمّا يحكيه الخبر الآخر فهنا يتحقق التعارض بين الخبرين، من قبيل أن يقول الخبر الأول يجب الجهر في القراءة في صلاة الجمعة بينما يقول الخبر الثاني لا يجب الجهر فيها، فهنا الخبر الأول يحكي واقعاً معيناً صدر من الامام عليه السلام والخبر الثاني أيضاً تحكي واقعاً آخر صدر منه عليه السلام وأنه لم يقل يجب الجهر في قراءة صلاة الجمعة وإنما قال لا يجب الجهر فيها - فواحدٌ قال يجب الجهر فيها والثاني قال لا يجوز الجهر فيها - فكل خبرٍ يحكي واقعاً خاصاً به ولكن يوجد تهافت بين الواقعين فهنا يقال قد تعارض الخبران، يعني أنَّ كل خبر منهما يحكي عن واقعٍ معينٍ فإذا اختلفا في حكاية ذلك الواقع المعين وأنه الوجوب أو الحرمة ففي مثل هذه الحالة يكون المورد من باب التعارض، فباب التعارض يحتاج إلى افتراض تعدد الواقع.

وأما إذا فرض عدم تعدد الواقع وإنما كان الواقع واحداً ولكنَّ هذا الواقع الواحد حكاه الراوي الأول بشكلٍ - حيث سمع الامام عليه السلام يقول بأنه واجب - وحكاه الراوي الثاني بشكلٍ آخر - حيث سمع لاامام عليه السلام يقول لا يجب - فهذا لا يعدّ من التعارض لفرض كون الواقع واحداً وليس متعدداً.

والنتجية:- إننا نوافق الشيخ الهداني(قده) من عدم تحقق التعارض ولكن نختلف معه في التعليل، فهو علل بأنَّ أحدهما لم يصدر من الامام عليه السلام، وأما نحن فنقول يشترط في باب التعارض تعدد الواقع وهذا يحكي واقعاً معيناً وذاك يحكي واقعاً آخر، فهما يختلفان في بيان واقعين مختلفين، وأما إذا كان الواقع واحداً فهذا لا يعدّ من باب التعارض، والمفروض في محل كلامنا - يعني إذا اختلف نقل الطوسي عن الكليني - أنَّ الواقع الذي يردان أن يحكيانه متعدداً، فهما لا يريدان أن يقولا يوجد واقعٌ متعدد وإنما ذلك الواقع الواحد وصل إلى الطوسي بشكلٍ بينما وصل إلى الكليني بشكلٍ آخر، وفي مثل هذه الحالة لا يعدّ هذا من التعارض وإنما يعدّ من اشتباه الحجة وباللا حجة، نظير ما لو كان هناك شخص ثقيل السمع وكان الآخر ليس بثقيل السمع، فصاحب الأذن الثقيلة قد يسمع ما ينافي ويهافت ما يسمعه الآخر فينقل ما ينافي نقل الآخر، وهذا ليس من تعدّد الواقع، بل الواقع واحدٌ ولكن اختُلِف في حكايته، فلا يكون المورد من باب التعارض لهذه النكتة.

التنبيه الرابع:- هل اخبار الترجيح تشمل العامين المتعارضين بنحو العموم من وجه أو تختص بمورد العامين المتعارضين بنحو التباين؟

قد يقال:- إنها لا تشمل العامين من وجه وإنما تختص بموارد التباين الكلي، والوجه في ذلك أنَّ الوارد في معتبرة الراوندي هو تعبير:- ( إذا ورد عليكم حديثان مختلفان )، وحينئذٍ نقول:- إذا كانت النسبة بين الحديثين هي العموم من وجه فهل نطبق اخبار الترجيح على مادّة الافتراق ومادّة الاجتماع معاً أو نطبقها على مادة الاجتماع فقط؟ فإن أردنا تطبيقها على مادة الافتراق فهذا لا يمكن الالتزام به للزوم سقوط الخبرين في مادة الافتراق وهو لا موجب له، وإن أردنا تطبيقها على مادة المعارضة والاجتماع فيردّه إنَّ هذا خلاف ظاهر معتبرة الراوندي فإنَّ الوارد فيها هو تعبير (إذا ورد عليكم حديثان)، وتعبير ( حديث ) يصدق على كلتا المادتين معاً - مادة الاجتماع ومادة الاختلاف - لا أنها تصدق على مادة الاجتماع فقط.


[2] مصباح الأصول، الخوئي، ج3، ص422، ط قديمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo