< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/11/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التنبيه الثاني- تنبيهات - الاخبار العلاجية - تعارض الادلة.

الوجه الثاني:- إنَّ الامام عليه السلام علل وجوب الأخذ بالرواية المشهورة بقوله:- ( إنَّ هذا مما لا ريب فيه )، وإذا كانت نكتة الترجيح هي أنَّ المشهور لا ريب فيه وكان المقصود من اللا ريب فيه هو اللا ريب الاضافي يعني أن المشهور لا ريب فيه بالقياس إلى غير المشهور وبالنسبة إليه فيؤخذ به فحينئذٍ نتعدى إلى بقية الصفات الأخرى غير صفة الشهرة، فأيَّ صفةٍ أخرى غير الشهرة توجب أن يكون صاحب هذه الصفة لا ريب فيه بالقياس إلى فاقدها يمكن التعدي إليها وتصير من المرجحات.

وفي التعليق نقول:- هناك احتمالٌ آخر في المقصود من تعبير ( لا ريب فيه ) وهو عدم الريب العرفي لا عدم الريب النسبي - أي بالقياس إلى الخبر الآخر - حتى يمكن التعدي إلى كل مرجح يوجب عدم الريب بالقياس إلى الآخر، بل المقصود من ( إنَّ المشهور لا ريب فيه ) يعني بالنظر العرفي وأنه بلحاظ العرف لا ريب فيه، بل هناك قرينة على كون المقصود هو نفي الريب العرفي دون الريب النسبي وهي أنه لو فرض أنَّ سلسلة السند في الخبر الأول المعارض للخبر الثاني كانت أقل بفردٍ واحد من سلسلة سند الخبر الثاني كما لو كانت سلسلة الخبر الثاني عشرة وسائط وكانت سلسلة الخبر الخبر الأول تسعة وسائط فلو كان المدار على اللا ريب النسبي يلزم أن نقدم الخبر صاحب الوسائط الأقل لأنه لا ريب فيه بالنسبة إلى الخبر صاحب الوسائط الأكثر، وهذا لا يمكن الالتزام به إذ من الواضح أنَّ الأمر بهذا الشكل ليس مرجحاً، فمن هنا نستنتج أنَّ المقصود من ( المشهور لا ريب فيه ) ليس هو اللا ريب النسبي وإنما هو اللا ريب العرفي وهو أنه عرفاً يصدق عليه أنَّ هذا الخبر مادام مشهوراً فهو لا ريب فيه بالنظرة العرفية، وعليه فما افاده الشيخ الأعظم(قده) في هذا الوجه قابل للمناقشة.

الوجه الثالث:- إنَّ الامام عليه السلام ألزم بالأخذ بالمخالف للعامة وعلل بأنَّ الرشد في خلافهم، ومن الواضح أنَّ الرشد ليس في خلافهم دائماً وإنما يكون غالباً، وعليه فيصير المدار على الرشد الغالبي وليس على الرشد الدائمي فيدل ذلك على أنَّ المدار هو على كل مزيّةٍ توجب صدق عنوان الرشد الغالبي، فكل مزيَّةٍ أوجبت الرشد الغالبي كفى الأخذ بها.

وفي مقام التعليق نقول:- لعل الامام عليه السلام أحرز درجةً معينةً من الرشد في مخالفتهم وجعلها هي المدار، وهذه الدرجة قد احرزها الامام عليها السلام في الخبر المخالف لهم، أما في سائر المزايا فلا يُجزَم بكون تلك الدرجة من المزيَّة ومن الرشد الذي احرزه الامام عليه السلام ثابتٌ فيها فلا يمكن حينئذٍ أن نعمم الترجيح لهذه المزيَّة ونقول هي مرجِّحةٌ أيضاً مثل ما كانت مخالفة العامة مرجحة لأنَّنا لا نحرز تحقق تلك الدرجة الغالبية من الرشد التي احرزها الامام عليه السلام في مخالفتهم بالنسبة إلى هذه المزيَّة الأخرى التي هي ليست منصوصة.

التنبيه الثالث:-

يوجد تنبيه اشار إليه الشيخ حاج رضا المهداني(قده) في كتاب الصلاة من مصباح الفقيه حيث قال[1] :- إذا اختلفت نسخ الرواية فتارةً نفترض أنَّ الشيخ الكليني رواها بشكلٍ كما رواها الشيخ الطوسي بشكلٍ آخر وكان السند واحد لكن كان هناك اختلافٌ في متنها، وتارةً نفرض أنَّ الشيخ الطوسي وحده هو الذي روى هذه الرواية الواحدة في التهذيب ولكنها ذكرت في بعض نسخ التهذيب بشكلٍ كما ذكرت في نسخةٍ أخرى منه بشكلٍ آخر كما لو كان يوجد فيها وزيادة كلمة، ففي مثل هذه الحالة لا يصير المورد من موارد تعارض الروايتين وإنما يصير من تعارض الحجة باللا حجة وذلك لفرض أنَّ أحد هذين النقلين ليس صادراً من الامام عليه السلام جزماً، ومادام ليس صادراً منه فهو ليس بحجة، وعليه فالمورد ليس من تعارض الحجتين حتى نطبق قواعد باب التعارض عليه وإنما هو من تعارض الحجة بغير الحجة.


[1] مصباح الفقيه ( كتاب الصلاة )، الشيح حاج رضا الهمداني، ج15، ص365، ط جديدة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo