< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/11/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التنبيه الأول- تنبيهات - الاخبار العلاجية - تعارض الادلة.

وفي مقام الردّ على الاعلام الثلاثة نقول:- إنَّ الاخبار العلاجية لا تعم الموارد التي يمكن فيها الجمع العرفي بين الروايتين المتعارضتين، والمستند لذلك أربعة وجوه:-

الوجه الأول:- إنَّ الدليل المهم الدال على المرجحات العلاجية هو معتبرة الراوندي المتقدمة وقد قال الامام عليه السلام فيها ما نصّه:- ( إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ... ) ثم أخذ بذكر المرجحات العلاجية والتي قلنا إنها ترجع إلى اثنين موافقة الكتاب الكريم ومخالفة العامة، والامام عليه السلام هنا قد أخذ عنوان (حديثان مختلفان) والاختلاف يصدق إذا لم يكن الجمع العرفي ممكناً، وأما إذا امكن الجمع العرفي فهما ليسا بمختلفين، والمقصود من المختلفان أنَّ بينهما مقابلةٌ أو تضاد، وإنما تصدق المقابلة والتعارض إذا لم يكن الجمع العرفي بينهما ممكناً، وعليه فالمقتضي لشمول المرجحات لموارد امكان الجمع العرفي قاصر لأنَّ عنوان ( مختلفان ) لا يصدق مع امكان الجمع العرفي.

الوجه الثاني:- إنَّ تخصيص العام أو تقييد المطلق هي قضايا عرفية متداولة بين العرف ويستعملها كل انسانٍ عرفي بما في ذلك الامام عليه السلام، ومادام يمكن الجمع بالتقييد أو التخصيص فحينئذٍ يلزم تطبيق فكرة التقييد أو التخصيص فإنها أفكار عرفية يتبعها ويتداولها العرف في استعمالاتهم ومنهم الائمة عليهم السلام فإنهم عرفيون وحينما يتكلمون فهم يتكلمون بما هم عرفيون، فالتقييد والتخصيص متداول في كلماتهم، وعليه فلا معنى لتطبيق اخبار العلاج عليها.

الوجه الثالث:- إذا لم نرد تطبيق فكرة التقييد والتخصيص وطبقنا احكام الاخبار المتعارضة فسوف يلزم من ذلك الخروج بفقهٍ جديد حيث تبقى العمومات من دون مقيدات وتبقى المقيدات من دون عمومات تخصصها هذه المقيدات، فالعام يبقى على عمومه والخاص يبقى على خصوصه والمطلق يبقى على اطلاقه، وهذه اشياءٌ جديدة ليست عرفية، فإنَّ العرف يوجد عنده تخصيص وتقييد، فإذا اردنا أن لا نطبق هذه الاحكام العرفية وطبقنا الاخبار العلاجية فسوف نخرج بنتائج غريبة حيث تصير عندنا احكام عامة من دون تخصيص أو مقيدات ومخصصات من دون أن تكون مخصّصةً للعمومات وهذه ظاهرة ملفتة للنظر.

الوجه الرابع:- إنَّ سيرة المتشرعة جارية على اعمال فكرة التخصيص والتقييد ونحو ذلك وهذا يدل على أنَّ الاخبار العلاجية لا يجوز تطبيقها في موارد امكان الجمع العرفي بالتقييد أو التخصيص، فسيرتهم جارية على أنهم يرفعون اليد عن الروايات العلاجية - كأخبار التقية مثلاً - ويأخذون بالتخصيص والتقييد.

التنبيه الثاني:-

هل يتعدّى من المرجحات المنصوصة في الاخبار العلاجية - من الحمل على التقية أو ما شاكل ذلك - إلى سائر المرجحات العرفية الموجبة لأقربية أحد الخبرين بلحاظ الآخر؟

المناسب عدم التعدّي، فإنَّ التعدي يحتاج إلى دليل، والروايات العلاجية ذكرت مرجحات خاصة وهي موافقة الكتاب ومخالفة العامة، فالمهم الذي ذكرته من المرجحات هو هذه المرجحات فالتعدّي منها إلى غيرهما يحتاج إلى دليل وهو مفقود، وحينئذٍ نقتصر على هذه المرجحات فقط.

بيد أنّ الشيخ الأعظم(قده) في رسائله استقرب التعدّي إلى المرجحات الأخرى الموجبة لأقربية احد الخبرين بلحاظ الآخر لوجوهٍ ثلاث[1] :-

الوجه الاول:- إنَّ من جملة المرجحات المذكورة في بعض الروايات هو الأصدقية والأورعية، ومن المعلوم أنه لا وجه لجعلها مرجحاً إلا لأنها توجب أقربية الخبر المشتمل عليها بلحاظ الخبر الآخر فإنَّ الاقرب إلى الواقع هو الخبر المشتمل على هذا المرجح، ومعه سنتعدى إلى كل مرجحٍ يوجب أقربية أحد الخبرين بلحاظ الآخر ونأخذ به.

ويرد عليه:-

أولاً:- إنه حتى سلّمنا بأنَّ المرجحين المذكورين في بعض الروايات - وهما الأصدقية والأورعية - ذكرا من باب أنهما يوجبان الأقربية إلى الواقع إلا أنَّ هذا لا يوجب التعدّي إلى كل ما يوجب الأقربية؛ إذ لعل الأقربية الحاصلة بالأصدقية والأورعية هي بدرجةٍ معينةٍ في نظر الشارع كسبعين بالمائة وهي ليست ثابتة بلحاظ بقية المرجحات بنفس الدرجة وإنما هي ثباتة بلحاظ هذين المرجحين فقط، ومعه فلا معنى للتعدّي إلى كل ما يوجب الأقربية وإن لم يكن بنفس الدرجة إذ لعلها أقل منها، وعليه فلا يمكن التعدّي إلى كل ما يوجب الأقربية رغم تسليمنا بأنَّ هذين المرجحين ذكرا من باب أنهما يوجبان الأقربية.

ثانياً:- إنَّ الأصدقية والأورعية ذكرا في مقبولة ابن حنظة كمرجحٍ لأحد الحاكمين على الآخر وليس لترجيح احدى الروايتين على الأخرى، وعليه فلا معنى للتعدّي من هذين المرجحين إلى كل ما يوجب ترجيح احدى الروايتين على الأخرى ويوجب كونها أقرب، وإنما هذه مرجحات للحاكم لا أنها مرحجات لإحدى الروايتين على الأخرى.


[1] تراث الشيخ الانصاري ( فرائد الأصول )، تسلسل27، ص76.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo